"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

3‏/8‏/2011

كيف نهبوا العراق: المخفي من عقود النفط !

متابعة للموضوع هنا
ترجمة موجزة - عشتار العراقية
خلال النصف الثاني من 2009 اقام العراق مزادين لاكبر حقوله النفطية وارساهما على شركات متعددة الجنسية مثلBP البريطانية وشيل وايكسون موبل لتشغيلها حسب عقود تصل مدتها الى عشرين سنة. وهذه الحقول تشكل 60% من احتياطي العراق. كانت عقود خدمة اكثر منها ماتفضله الشركات من اتفاقيات مشاركة انتاج والتي اقترحتها هذه الشركات على العراق ولكنه رفضها باعتبارها تبديدا للثروة اكثر من اللازم. وقد ركزت التقارير الاعلامية عن المزاد على ماتصدر العناوين الرئيسية من اجور تعويض التكاليف وكانت هذه تبدو قليلة - بين 1.15 - 5.50 دولار حتى ان الكثير من المعلقين تساءلوا عن جدوى العقود من الناحية الربحية. ولكن كما يحدث دائما في عقود النفط: الشيطان في التفاصيل. وبينما صورت الحكومة العراقية بأن هذه العقود هي من بين الاكثر شفافية في العالم ، فإن هذا  التقرير يفضح ماحدث بعد ذلك خلف الابواب المغلقة حتى تصبح العقود اكثر جاذبية للشركات العملاقة على حساب الشعب العراقي.
أول عقد ارسي لحقل الرميلة في جنوب العراق ،   اعيد التفاوض بشأنه بين الحكومة العراقية والكونسرتيوم الفائز المكون من شركة البترول البريطانية بي بي والشركة الوطنية الصينية واستمرت المفاوضات اكثر من ثلاثة شهور بعد المزاد. وقد حصل موقع بلاتفورم   على نسخة عقد الرميلة الذي اعيد التفاوض بشأنه ويكشف مضمونه لاول مرة. وقد وجدنا ان الشروط قد تغيرت بشكل كبير من العقد النموذج المنشور والذي اقيم المزاد على اساسه.


أهم التغييرات هي :
1- اذا تحدد انتاج النفط العراقي بحصة معينة من قبل الاوبيك مستقبلا فإن الحكومة العراقية سوف تدفع للكونسرتيوم تعويضا عن النفط غير المنتج بالقدر الذي كان سينتج به. وبموجب العقد النموذجي ، كانت تكاليف اي التزام بحصة الاوبيك يتم تقاسمها بين الحكومة والشركة.
2- اذا لم توسع البنية التحتية للنقل والتصدير في العراق في وقت بدء الانتاج فإن الحكومة العراقية سوف تدفع تعويضا للكونسرتيوم بقدر ماكان سينتج. مرة اخرى كان العقد النموذجي يتقاسم هذه المخاطر بين الطرفين.
3- الحد الأدنى الذي يتطلب مصادقة شركة نفط الججنوب العراقية على المصاريف - وهو اجراء مهم لمنع الفساد والتضخيم في التكاليف لغرض تفادي الضريبة - اصبح 100 مليون دولار بدلا من 50 مليون دولار. وقيدت قابلية شركة نفط الجنوب لرفض او مناقشة المصاريف ، كما ان مصادقتها تصبح نافذة آليا بعد 45 يوما.
4- اذا حدثت كارثة طبيعية او عائق صناعي او حرب او عمل ارهابي منع انتاج النفط لاكثر من 90 يوما فعلى الحكومة العراقية تعويض الكونسرتيوم عن خسارة الدخل المفقود بدلا من المشاركة في التكاليف كما في العقد النموذجي.
5- الكونسرتيوم غير مسؤول عن اي ضرر جيولوجي لخزان احتياطي النفط تحت الارض نتيجة لانتاج النفط بشكل متسرع او غير كفوء


إن تأثير هذه التعديلات هي نقل أهم الأخطار من الكونسرتيوم الى الحكومة العراقية مما يجعل العقود اكثر جاذبية للشركات. وفي كل هذه التغييرات تقع الخسارة على الجانب العراقية. نتيجة لبنود التعويضات هذه فإن الحكومة العراقية قد تجد نفسها تدفع للكونسرتيوم (وربما شركات اخرى) تعويضات من بنود أخرى في ميزانيتها ، غير عوائد النفط (في حالة  توقف الانتاج) . في هذه الاثناء،  تقلل هذه التعديلات من قدرة العراق على ضمان الحصول على مايوازي قيمة المال، وان يكون انتاج النفط يصب في مصلحته الوطنية.
الحكومة العراقية تفكر الآن في دفع الشركات التي وقعت عقود الجولتين الى اعادة التفاوض لتخفيض هدف الانتاج المشترك من 12 مليون برميل الى 5-7 برميل كل يوم ، حيث أن الهدف الاعلى الاصلي سوف يحطم اسعار النفط ويزيد العبء على البنى التحتية العراقية. ولكن بسبب التعديلات السرية في عقد شركة النفط البريطانية فإن الحكومة العراقية مضطرة لتقديم تعويضات لشركات النفط كما لو كانت تنتج حسب النسبة  الاعلى، سواء كان هذا هو كم الانتاج الحقيقي او لا.
 (اي يتم انتاج 6 مليون برميل يوميا وتدفع الحكومة  العراقية للشركة المنتجة تكاليف 6 برميل اخرى لم تنتج.؟) وهكذا فإنه ليس هناك حافز للشركات لتقليل اهدافها الا اذا قدم العراق تنازلات مهمة في مقابل ذلك . 


وفي الوقت الذي ادركت فيه الحكومة اخطاءها لعام 2009 فإن اعادة التفاوض مع بي بي لايترك لها خيارا الا تقديم المزيد من الاموال. ولكن على اية حال أقيم المزاد على اساس العقد النموذجي الذي حدد شروطا مختلفة تماما ولو كانت الشروط النهائية قد عرفت اثناء المزاد لربما قدمت الشركات عروضا اقل تكلفة ولكانت النتيجة مختلفة تماما. ولهذا لايمكن اعتبار عملية التعاقد شفافة . بل يبدو ان وزارة النفط نشرت نسخة عامة من العقد المنقح على موقعها في نيسان 2010 بدون اعلان او توضيح. ولم تنشر حتى الان العقود المحددة للرميلة او اي حقل اخر، رغم وعودها. وهكذا فالعراقيون لا يعلمون حتى الان ماهي النسخة الاخيرة او ماذا تم تغييره او لأي سبب.؟ الان هناك حاجة ماسة من اجل المحاسبة الشعبية ولمنع الفساد ، ان تنشر الحكومة العراقية النسخ الاخيرة كما وقعت لكل العقود التي ارستها على شركات النفط العالمية.


في كانون الاول 2009 وبعد وقت قصير من المزاد الثاني قال وزير النفط حينذاك حسين الشهرستاني "اشعر بالفخر ان الصفقات في جولة التراخيص الاولى والثانية كانت اكثر شفافية من اي صفقة اعرفها في اي من دول الاوبيك الاعضاء. في الواقع ، لقد سجلنا قدوة في الشفافية"


وعلى السطح كان هذا القول يبدو صحيحا. وقد نشر عقد نموذجي قبل المزاد، وقد ترك عنصران من العقد فارغين: 1-  الاجور التي تدفع للشركات تعويضا عن تكاليفها  و2- نسبة انتاج النفط المستهدفة. وقد دعيت الشركات لتقديم عروضها على هذين العنصرين، وعليه ارسيت العقود على من يقدم عرضا لانتاج اكبر قدر من النفط بأقل اجور تعويض  التكاليف. وفي  مزاد مصور تلفزيونيا وضعت الشركات عروضها في مظاريف في صندوق زجاجي، ثم عرضت محتوياتها على الشاشة حين تفتح. 
كانت الجولة الاولى قد تركزت على مزاد في بغداد في حزيران 2009 وقد ارسي عقد واحد من ثماني عقود لحقل الرميلة في جنوب العراق . الرابح كان كونسرتيوم بي بي وشركة النفط الوطنية الصينية . وكل العروض ماعدا واحدا تجاوزت   اقصى اجور تكاليف كانت الوزارة مستعدة لدفعها. وحين اعلنت الوزارة اقصى حد لها قبل الكوسنرتيوم 2 دولار لكل برميل (مقارنة بعرضهم المبدئي الذي كان 3.99 دولار) وكل المنافسين الاخرين رفضوا تخفيض عروضهم كما طلبت الوزارة.


في وقتها تساءل الكثير من المراقبين لماذا قبلت بي بي مثل هذا الاجر المنخفض ولكن بعد ثلاث شهور من التفاوض قال الشهرستاني في تشرين اول 2009 ان مناقشات ثلاثة شهور كانت من اجل توضيح نظام الضرائب العراقي وليس لأي تغيير مادي " خلاف ذلك لم يكن هناك اي تغيير في العقد ونحن لا نفاوض على العقود. لقد قدمت العروض في جولات تراخيص وهي اما تقبل او ترفض." ولكن الشركات قالت شيئا آخر. فقد علق روب فرانكلن رئيس مشاريع ايكسون موبيل "تفاوضنا بشدة مع الحكومة العراقية ووزارة النفط ووقد توصلنا الى ترتيب يسعدنا ويسعدهم" وقال اليساندرو بيرنيني الرئيس المالي في شركة ايني لمحللين ماليين في مؤتمر " لقد قبلنا بمبلغ 2 دولار لان الشروط المالية قد اختلفت الآن"  وأضاف " إن الشروط الجديدة مع اجر التكاليف 2 دولار معادلة للشروط السابقة وبأجر 4.50 دولار". يمكن لموقع بلاتفورم ان يجيب على هذه القضية. لقد حصلنا من مصدر نعتقد انه موثوق، على نسخة من عقد الرميلة مع كونسرتيوم بي بي والشركة الصينية  مؤرخ في 8 تشرين  اول 2009 . في ذلك التاريخ تمت الموافقة على العقد ووقع مبدئيا ثم قدم لمجلس الوزراء للمصادقة عليه وتمت المصادقة في 15 تشرين اول. والى جانب اي تغييرات طفيفة طلبها مجلس الوزراء نعتقد ان هذه كانت النسخة النهائية كما وقعت. 

الوثيقة هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق