"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

7‏/8‏/2011

اجتثاث التمدن والحرب على التعليم في العراق -2

بقلم: هيو غاسترسن
ترجمة مختصرة: عشتار العراقية

"دعونا نتوقف دقيقة. اجلس نفسك الى المنضدة الماهوغني مع 22 رئيس جامعة عراقي. رجال في الخمسينيات و الستينيات من العمر،حصلوا على شهادات الدكتوراه من افضل جامعات انجلترة وسكتلندة وامريكا، رجال مثقفون على اعلى مستوى. وقد فقدوا لتوهم مناصبهم ومكتباتهم وأدوات بحثهم بسبب الغزو الأمريكي، احرقت كتب المناهج وسرقت والجنود الامريكان يحتلون سكن الطلاب. ومبنى الوزارة ذاته احرق وسوي بالارض، مع كل ملف وحاسوب ومكتب فيه. في آيار ارسى السفير بول بريمر سياسة اجتثاث البعث التي قضت بطرد كل كبار مديري الجامعات واساتذتها لأنهم كانوا اعضاء في حزب البعث. اختفى نصف القيادة الفكرية الاكاديمية. والان في عملية انتقاء عشوائية أرسل اليهم درو ايردمان البالغ من العمر 36 سنة. في يده الآن الميزانية و التوظيف و المناهج واعادة الاعمار"25

وفي ايلول 2003 عينت الحكومة  الامريكية شخصا اقدم كمستشار لوزارة التعليم. اختاروا جون اغريستو صديق عائلة رمسفيلد وقد عمل مع لين تشيني زوجة نائب الرئيس الامريكي في المنحة القومية للانسانيات  وكان من الجناح اليميني ومعروفا في "حروب الثقافة" في الثمانينيات وقد اصبح رئيسا لكلية سانت جونز وهي كلية صغيرة في نيو مكسيكو معروفة بمقاربتها المحافظة للتعليم. ومثل ايردمان لم يكن يتكلم العربية. وحسب النمط الذي وثقه راجيف شاندراسكاران (26) للمناصب الكبيرة في سلطة الائتلاف المؤقتة ، كان يفتقر الى الخبرة والمهارة لوظيفته وقد اختير بسبب علاقته مع الحزب الجمهوري. وحين سأله مراسل لصحيفة واشنطن بوست حول الكتب التي قرأها استعدادا للمنصب قال انه لم يقرأ اية كتب. قال الرجل الذي انيطت به مهمة التعليم في العراق "اردت ان آتي هنا بعقل مفتوح قدر الاستطاعة. افضل أن اتعلم مباشرة من ان ينقح المعلومات لي مؤلف ما"  (27). بعد وصوله الى العراق بدون اية خبرة عن المجتمع والثقافة العراقية، قال لزملائه انه خطط لخلق نظام جامعة حديثة بأحدث التقنيات الالكترونية . كذلك كان يأمل ان يؤسس برامج ديانات مقارنة حيث يمكن تدريس الأنجيل" (28)

أحدى اوائل مهمات أغريستو كانت تنظيم قائمة رغبات وميزانية. وكانت الامم المتحدة والبنك الدولي قد قدرا ان الامر يحتاج الى 2 بليون دولار من اجل "ضمان اقل نوعية قياسية من التعليم والتعلم" (29) وكان هو قد قام بتقييمه الخاص للاوضاع  وطلب اغريستو مبلغ  1.200 بليون دولار لاحياء 22 جامعة عراقية رئيسية و 43 كلية ومعهد فني تستوعب بمجموعها عدد 240 الف طالب. (30) وكان يأمل ان هذا المبلغ سوف يساعد ايضا على انشاء 16 مركزا للدراسات المتقدمة في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية وعلم المعلومات وحل المنازعات. وبما ان الكونغرس قد خصص اكثر من 90 بليون دولار في عام 2004 لتمويل العمليات العسكرية واعادة الاعمار في العراق  كما ان فريق الامم المتحدة والبنك الدولي اقترح 36 بليون دولار لاعادة الاعمار في العراق في 2003، فإن طلب اغريستو لمبلغ 1.2 بليون دولار لم يكن شيئا كبيرا. وللمقارنة يمكن القول انه لا يتجاوز كثيرا مبلغ 900 مليون دولار وهو مقدار الميزانية السنوية لجامعة امريكية واحدة هي جورج ميسون التي ادرس فيها.

في النهاية خصص الكونغرس لأغريستو اقل من 1% مما طلبه. كان قد طلب 1.2 بليون دولار واخذ 8 مليون دولار ومنها كان مبلغ 500 الف لمصاريف إدارية . وقيل له ان المبلغ المتبقي 7.5 مليون دولار سوف يمر بقنوات مالية فدرالية. وحين ترك العراق في حزيران 2004 لم يكن المال قد وصل اليه. وقبل ان يغادر سمع ان بول بريمر كان ينظم طلبا آخر لمبلغ 20 بليون دولار لاعادة اعمار العراق. وهكذا طلب اغريستو من بريمر ان يضمنها 37 مليون دولار لاعادة اعمار الجامعات المنهارة. وبدون توضيح رفض بريمر ان يعطيه سنتا واحدا. (32)

في النهاية كان اكبر رأسمال خصص للتعليم العالي العراقي هو 25 مليون دولار خصصتها هيئة المعونة الامريكية USAID للجامعات الأمريكية (نعم الجامعات الامريكية ) التي تريد ان تتآخى مع الجامعات العراقية .وقد قدم راجيف شاندراسكاران القصة التالية حول نموذجين للتآخي تمت المصادقة عليهما بموجب هذا البرنامج:

"اختيرت كلية الزراعة الإستوائية التابعة لجامعة هاواي للمؤاخاة مع كلية الزراعة في جامعة الموصل لتقديم النصحية حول (البرامج الاكاديمية والتدريب) وجامعة الموصل  في مناخ ابعد ما يكون عن الاستوائية، وليس هذا فقط وانما كانت قد احرقت بالكامل . و كانت تحتاج مبنى جديدا وليس نصائحا.

وفاز فريق من جامعة نيويورك بمنحة 4 ملايين دولار من اجل "تحديث مناهج علم الاثار" في اربع جامعات عراقية كبيرة ، كان طلابها يجلسون على الارض لأن المكاتب والكراسي قد سرقت.

وقد نقل شاندراسكاران عن اغريستو قوله عن برنامج المؤاخاة " كان مثل القول عند الوصول الى منطقة حرب  "اوه.. دعونا نعالج بخر الفم"  (33)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق