"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

11‏/7‏/2011

مسيرة خبير المذابح الستراتيجي - 3

تحقيق عشتار العراقية

بعد قرار بول بريمر بحل الجيش العراقي في 2003 . يقول الجبوري عن ذلك " بريمر اصدر القرار بمثابة موت عائلات كاملة. وقد قررت انه اذا مات اطفالي فسوف التقط البندقية لأنتقم" ولكن مافعله الامريكان في تلعفر من تلافي اخطائهم  حسن صورتهم في عينيه "بدأت اعمل مع الامريكان هنا ورأيت صورة جديدة. في السابق كنت اتصور كل الامريكان مثل بريمر والناس الذين كنا نراهم على التلفزيون يقتلون العراقيين. ولكن حين عملت معهم ، ادركت انهم مختلفون. كنا سابقا نتفرج على قناة الجزيرة ونصدقها والان ارى انها شبكة اخبار كاذبة."
هل هذا منطق خبير ستراتيجي؟ أم منطق ضابط عراقي خاض حروبا؟ ام ساذج أبله؟ أم إنه ينافق أرباب عمله؟
في نهاية القاعة الممتدة من مكتب القائممقام كانت غرفة اجتماعات صغيرة تتوسطها منضدة طولها 30 قدم وعلى جانبيها كانت سحب دخان سجائر، حيث كان يجلس وجهاء تلعفر بملابسهم العشائرية او المدنية : السنة على جانب والشيعة على الجانب الاخر . وكان القائممقام قد قال الي ان المشروبات الغازية هي اهم ادوات التفاوض لديه. والكل كان يرتشف بيبسي كولا او سبرايت.

(إعطاء صورة مهينة عن العراقيين للأمريكان وكأن العراقيين يقتلون بعضهم أو يتصالحون من اجل بيبسي كولا).

في مكتبه تتعلق صورة له مع ماكماستر. وكان القائممقام قد كتب رسالة الى بوش ورامسفيلد والكونغرس يناشدهم فيها ان يمدوا من تواجد فوج الفرسان المدرع الثالث في تلعفر لمدة سنة اخرى وقد اخبرني قائلا 
" اذا اجرى جراح عملية ونجحت فليس من الحكمة ترك المريض في عناية طبيب آخر. فالجراح يعرف الجرح ويعرف المريض. الكولونيل هيكي يعرف اسماء اطفالي

سألته ماذا يمكن ان يحدث اذا انسحب الامريكان من تلعفر ؟
 
"ماذا ؟ بدون قوات امريكية ؟" كان بالكاد يصدق سؤالي "لن يستغرق الامر شهرا حتى يحتل الارهابيون المدينة . على الاقل نحتاج الى ثلاث سنوات ليستعد الجيش العراقي للسيطرةعلى المدينة . على الاقل ثلاث سنوات. لا يمكن قياس استعداد الجيش بامتلاكه السلاح فقط. انه بناء الانسان ايضا"

ويبدو ان تشبيه فوج ماكماستر بالجراح قد أعجبه فأعاده على مسامع ماكماستر نفسه قبل رحيله مع فوجه بشهر قائلا  وهما على مائدة غداء كباب وخبز "الجراح لا يترك العملية في منتصفها، عليه ان ينهي العمل الذي بدأه" وحاول ماكماستر وهيكي تهدئته حيث قال هيكي "هناك طبيب آخر قادم وهو ممتاز" 

نجم يتوسط هيكي على اليسار والاصلع ماكماستر على اليمين
لم يقتنع القائممقام وقال انه شاهد وحدات امريكية هنا من قبل ولم تكن تنسجم مع القوات العراقية مثل وحدة ماكماستر"حين تغادرون سوف اغادر ايضا." 

ويقول كذلك "لا نشك انه هناك ضباط كثيرين جيدين في الجيش الأمركي ولكن خلال هذه الاشهر خلقت مع الكولونيل هيكي علاقة الى درجة اني اعرف ما يريد ان يقوله قبل ان يقوله وهو يعرف مااريد قوله. لقد خضنا اوقاتا عصيبة صغنا فيها هذه الوشائج."

وبعد أن ناشد بوش كما اسلفنا لإطالة أمد وجود ماكماستر وفوجه، كتب رسالة شكر (يندى لها الجبين) الى الفوج، يقول في بعض مقاطعها :

الى الذين رسموا البسمة على وجوه اطفالنا واعادوا الينا الامل، من خلال تضحياتهم وشجاعتهم القتالية ومنحوا مدينتنا حياة جديدة بعد ان خيم اليأس على ايامنا وسرق ثقتا في قدرتنا لاعادة المدينة... لقد قابلت الكثير من جنود فوج الفرسان المدرع الثالث وهم ليسوا رجالا ونساء شجعانا فحسب وانما ملائكة انتقام ارسلهم الله بنفسه لمقاتلة شرور الارهاب.

يتحلى قادة الفوج: الكولونيل ماكماستر والكولونيل ارمسترونج والمقدم هيكي والمقدم جبسون والمقدم رايلي، بالشجاعة والقوة والرؤية والحكمة. ويتصف الضباط والجنود على السواء بعزم وصفات فرسان العصور الماضية. وكانت المهمة التي انجزوها عملية عسكرية متفردة تضاهي افضل الانجازات العسكرية منذ تحرير العراق وتستحق فعلا ان تدرس في معاهد العلوم العسكرية. كانت العملية العسكرية نظيفة واضرارها الثانوية قليلة رغم ضراوة العدو، وقد تعاملوا مع السرطان الارهابي بمهارة ودقة الجراحين بدون التسبب بأي أذى لا ضرورة له.

ليبارك الله هذا الفوج الشجاع، ليبارك الله عوائل هؤلاء الرجال والنساء الشجعان. من اعماق قلوبنا نشكر العوائل. لقد منحونا شيئا لن ننساه ابدا، الى عوائل اولئك الذين بذلوا دماءهم المقدسة من اجل بلادنا، ننحني كلنا تبجيلا لكم ولارواح احبائكم . تضحيتهم لم تذهب سدى. انهم ليسوا امواتا وانما احياء وارواحهم تطوف حولنا كل ثانية وكل دقيقة. سوف نذكرهم دائما للتضحية بحياتهم الغالية. نراهم في ابتسامة كل طفل وفي كل زهرة تزدهر في هذه الارض. لتفخر امريكا وعائلاتهم والعالم بتضحياتهم من اجل الانسانية والحياة.

اخيرا، مهما كتبت وتحدثت عن هذا الفوج المقدام فإني لا اجد الكلمات لوصف شجاعة ضباطه وجنوده . وادعو الله ان يسبغ
على هؤلاء الابطال الاسطوريين وعائلاتهم الشجاعة السعادة والصحة  .
نجم عبد الله عبد الجبوري
قائممقام تلعفر - نينوى -العراق

ومن شدة التملق والتزلف المثير للغثيان، لم يصدق القراء  الامريكان حين نشرت الرسالة انها حقيقية واعتبروها مزيفة او ساخرة او مكتوبة تحت الترهيب والإجبار. ولكني لم اجد تكذيبا لها  على لسان الخبير الستراتيجي ويبدو انها من ضمن مسوغات قبول لجوئه الى أمريكا.

ثم ألحقها برسالة شبيهة بها في مفردات الحب والامتنان والتأليه الى الجنرال كيسي يتوسل اليه ان يطيل امد الفوج في تلعفر وينهيها بعبارة "شكرا من أعماق قلوبنا يا بطلنا الجنرال كيسي" (إقرأ الرسالة المخزية هنا)

قصة هربه ترمز الى ما يمكن ان يحدث للعملاء اذا (انسحب) الأمريكان !! ولهذا لا تظنوا ان الحكومة العميلة سوف تصر على الانسحاب.. الاحتلال هو  الأوكسجين الذي يعيشون عليه.

الحلقة الرابعة هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق