"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

27‏/6‏/2011

لغة المارينز: 9 كلمات قديمة بمعان جديدة-1

بقلم: توم انجلهارت*
ترجمة عشتار العراقية
   مصطلحات البروباغندا الامريكية التي لا تعني ما نظنه انها تعنيه!
انتباه: في عالم الامبراطورية الامريكية الذي نعيشه، لم يعد للكلمات (النصر - الهزيمة - العدو- السيادة - القواعد - الانسحاب) وغيرها نفس  المعنى. علينا ان ننتبه لاحتلال اللغة الذي سيؤدي لاحتلال العقل ثم احتلال الأرض.
الان ومع واشنطن على الاقل 6 حروب تفور في قدورها على النار (العراق وافغانستان وباكستان وليبيا واليمن وبشكل عام الحرب العالمية على الارهاب) يجد الامريكان انفسهم في عالم جديد من الحروب. واذا لم تكن قد تطوعت في الجيش ولست عضوا في 17 جهاز استخبارات امريكي ، ولست في البنتاغون ولا شركات السلاح ولا شركات المرتزقة المرتبطة بشركات السلاح، ولم تكن في اي هيئة من هيئات مجمع الامن القومي ، فإن حروب امريكا البعيدة تستمر بدونك (على الاقل حتى يحين وقت تسديد الفواتير)

الحرب لديها طريقة لقلب كل شيء رأسا على عقب بما فيها اللغة. ولكن مع الوظائف الضائعة وفقدان المنازل المرهونة والبنى التحتية المنهارة والمناخ الغريب، من يلاحظ؟ ولكن على الارجح انك تستخدم مصطلحات وتعاريف اجدادك و آبائك وقد حان الوقت للحاق باللغة الجديدة.
وهنا اقدم لكم احدث صيحات كلمات الحرب: ماهو داخل وماهو خارج وماهو مقلوب على البطانة. فيما يلي 9   مصطلحات  شائعة في حروبنا الراهنة وهي ربما لاتعني ما تظن انها تعنيه. 


1- النصر : مثل الهزيمة كلمة (مشحونة) وبدلا من تعريفها يستحسن بالامريكان تجنبها.
في آخر مؤتمر صحفي قبل تقاعده سئل وزير الدفاع  روبرت غيتس ما إذا كانت الولايات المتحدة (منتصرة  في افغانستان) اجاب: لقد تعلمت بعض الاشياء في اربع سنوات ونصف. واحداها ان احاول تجنب الكلمات المشحونة مثل (الانتصار ) و(الخسارة) و   يمكنني قوله هو اني اعتقد اننا نجحنا في تنفيذ خطة الرئيس واعتقد ان عمليات جيشنا كانت ناجحة في منع طالبان من السيطرة على المناطق المأهولة وقللنا من قدراتهم   وطورنا من قدرات القوات الامنية الافغانية.
في 2005 استخدم جورج بوش الذي خدمه غيتس ايضا كلمة (النصر) 15 مرة في خطاب واحد (الستراتيجية القومية للنصر في العراق). تذكروا مع ذلك ان رئيسنا السابق تعلم كل شيء عن الحرب من أفلام السينما منذ طفولته حين كان المارينز يتقدمون والامريكان دائما ينتصرون. وربما يعود هوسه بالنصر الى عقدة تعود الى منتصف القرن العشرين.
في 2011 رغم شكاوى قلة متبقية من المحافظين الجدد  الحالمين بالمجد الغابر، يمكنك ان تفتش واشنطن من اقصاها الى ادناها عن (النصر) ولن تجده . انه  المرادف لكلمة (يتي - انسان الغاب)  (نجحنا في تنفيد ستراتيجية الرئيس). ماذا تريد  اكثر من ذلك؟ بتكلفة 10 بليون دولار بالشهر، اذا لم يكن هذا هو (النجاح) فما هو النجاح برأيك؟
وقد اعتبر اغتيال اسامة بن لادن كأنه يوم النصر الذي انهى الحرب العالمية الثانية، ولكن هل فعلا كسبنا حربا؟ لا تجعل وزير الدفاع غيتس يضحك منك.
ربما لو انتهى كل شيء على خير، سوف نحتفل في سنة من السنوات بيوم (تقليل قدرات العدو).


2- العدو: أي فزاعة خضرة  يمكنك على قفاها ان تكسب على الاقل 1.2 ترليون دولار سنويا لمجمع الامن القومي.
(انا فعلا اعتبر القاعدة في جزيرة العرب وعلى رأسها العولقي ربما اكبر خطر يتهدد الولايات المتحدة) كما قال مايكل لايتر مستشار رئاسي ومدير المركز القومي لمكافحة الارهاب  في شباط الماضي قبل اشهر من مقتل بن لادن (لايتر استقال  الان) ومنذ موت بن لادن تم تبني تقييم لايتر بحفاوة في واشنطن قولا وفعلا. على سبيل المثال، الصحفي في نيويورك تايمز مارك مازيتي كتب مؤخرا(يعتقد جهاز السي آي أي أن فرع القاعدة في اليمن يشكل اكبر خطر داهم على الولايات المتحدة، اكثر من القيادة العليا للقاعدة المعتقد انها تختبيء في باكستان.)
الان اليكم الشيء  الغريب. في سالف العصر والأوان كانت  التصريحات الشبيهة بهذه  تعتبر  معادلا لاعلان النصر : هل هذا كل ما تبقى لهم؟
طبعا في سالف العصر والاوان حين كنت تسأل اي امريكي من هو اخطر رجل على كوكب الارض يقول لك : ادولف هتلر او جوزف ستالين او ماو تسي تونج. هذه الايام   حين تفكر بالعدو ، فكر في شرير من نوع اشرار كتب الاطفال مثل ليكس لوثور او دكتور دوم .. اي شخص قادر على تمثيل الشرير الكوني المطلق.
حاليا وبعد بن لادن، فإن الشرير الاوحد بالنسبة لامريكا هو انور العولقي، عدو لديه كما يبدو قوى خارقة تقلق واشنطن ولكن ليس لديه جيش او دولة او تمويل له شأن. يعيش (رجل الدين المتطرف) المولود في امريكا شبه مطارد في اليمن ، وهي بلاد فقيرة لم يسمع بها الكثير من الامريكيين حتى مؤخرا. يعتبر العولقي مسؤولا جزئيا  عن مؤامرتين كبيرتين فاشلتين ضد الولايات المتحدة : قنبلة الملابس الداخلية و  القنابل  التي ارسلت بالطائرة الى معبد يهودي في شيكاغو.  
وباعتباره الشيطان فإن العولقي هو عدو فودو ، محارب يوتيوبي (بن لادن الانترنيت) وليس لديه سوى ذكائه وما يستطيع ان يحرك من قوى خارقة . وقيل انه كان مسؤولا عن تسميم عقل الطبيب النفساني في الجيش الأمريكي الميجور نضال حسن قبل ان يقتل 13 شخصا في معسكر فورت هود بتكساس.و لاجدال انه قد دخل في رأس الحرب على الارهاب في واشنطن بشكل واسع ونتيجة لذلك فإن ادارة اوباما تكثف الحرب ضده ومجموعته من رجال القبائل الذين يرافقهم تحت عنوان القاعدة في جزيرة العرب.


3- الحرب السرية: كانت تعني  في السابق الحرب السرية اي  الحرب التي (في الظلال) بعيدة عن اعين الجمهور. الان تعني صراعا تحت الاضواء  الكاشفة والكل يعلم بها ولكن لا  احد يستطيع فعل شيء لها. بتعبير آخر: انها في الاخبار ولكنها ليست في الكتب.
تأمل التالي: اليوم حربنا (السرية) في الصفحات الاولى من الاخبار. العملية بالغة السرية لقتل بن لادن حصدت 69% من الاعلام بعد اسبوع من حدوثها و 90% من تغطيات التلفزيون. واكثر المحاربين سرية في امريكا وهم فريق السيل  6 تسبب في انتشار (هوس السيل) في انحاء البلاد.
واكثر من ذلك ليس هناك ضربة جوية صغرى بواسطة الطائرات بدون طيار تحدث في باكستان في الحرب  السرية التي تديرها السي آي أي بدون ان تذكر في الاخبار. في الواقع كما مع اليمن اليوم ، فإن الخطط المستقبلية لشن حروب سرية على شاكلة الحروب في باكستان تناقش بشكل علني سواء في واشنطن او في وسائل الاعلام. وفي مرحلة من المراحل تفاخر مدير السي آي أي ليون بانيتا بانه فيما يتعلق الامر بالقاعدة فإن الحرب الجوية السرية التي تقودها الوكالة في باكستان هي (اللعبة الوحيدة في المدينة)
فكأن الحرب السرية اليوم مرادفة للصاروخ الحراري (الدي يتتبع حرارة الهدف) موجه مباشرة الى وسائل الاعلام. اما (الظلال) التي كانت تغطي في يوم ما العمليات السرية فإنها الان تغطي احتمال محاسبتهم  .


4- القواعد الدائمة: في اسلوب امريكا الحربي تعتبر  القواعد العسكرية المبنية على ارض غريبة معادلة للهيروين. لايستطيع البنتاغون تفادي بناءها   ولايستطيع   العيش بدونها ولكن (القواعد الدائمة) لا توجد . ليس بالنسبة للامريكيين.مطلقا.
المسألة بسيطة. ولكن دعوني اوضح على اية حال: ربما يكون للامريكيين على الاقل 865 قاعدة عسكرية حول العالم (ليس بضمنها تلك الموجودة في ميادين الحرب) ولكن لا رغبة لدينا لاحتلال بلاد اخرى. واينما بنينا قواعدنا فإننا لا نريد ان نبقى ، ليس دائميا على اية حال.
في التخطيط العظيم للاشياء ، بالنسبة لكوكب الارض الذي يبلغ عمره اربع بليون سنة ، لدينا 90 قاعدة في  اليابان عمرها مجرد 60 سنة ، و227 قاعدة في المانيا بعضها ايضا عمره 60 سنة، او تلك التي في كوريا عمرها حوالي 50 سنة ، وهو عمر ضئيل نسبة لعمر الارض. اكثر من ذلك ، نقول ان  القواعد الدائمة ليست سياسة امريكية . ذلك ماقاله وزير الدفاع دونالد رامسفيلد في 2003 حين وضعت اول قواعد ضخمة في العراق على  الخرائط. وكررت هيلاري كلنتون نفس القول قبل ايام حول افغانستان واوضح مسؤول امريكي غير معرف : هناك قوات امريكية في عدد من البلدان لمدد طويلة ولكنها ليست دائمة.
وهذا شيء عجيب لان الامريكان منهمكون عالميا ببناء وتوسيع قواعدهم العسكرية . البنتاغون مدمن قواعد. في افغانستان خرج الامر عن السيطرة، اكثر من 400 قاعدة ومازال  البناء جاريا. وليس هذا فحسب وانما تدير واشنطن الان مفاوضات مع الحكومة الافغانية لتحويل بعض القواعد الى (مشتركة) والبقاء فيها حتى يتجمد الجحيم او على الاقل حتى يصبح الجنود الافغان على شاكلة القوات الامريكية . ولحسن الحظ نخطط لتسليم تلك  القواعد الكثيرة التي بنيناها ببلايين الدولارات بضمنها مؤسسات عملاقة في باغرام و قندهار الى الافغان ونظل مقيمين هناك ربما لعقود قادمة بصفتنا (مستأجرين) .
وبالمناسبة حسب التقارير الحديثة التي رافقت انباء مساعدة السي آي اي  للجيش الامريكي سريا (باسلوب الطائرات بدون طيار) في الحملة على اليمن فالوكالة تبني قاعدة لها بشكل سريع في بلاد خليجية لم تسمها . قاعدة واحدة فحسب ولكن لا تعتقد ان هذا هو نهاية الامر، لأن بناء القواعد مثل تناول اول اصبع بطاطس مقلية.


 يتبع بقية المصلحات: الانسحاب (العراق مثالا)- حرب  الطائرات بدون طيار - الفساد (العراق وافغانستان مثالا) - السيادة -  الحرب /في الجزء الثاني هنا.

* توم انجلهارت محرر موقع Tomdispatch.com وهو مؤسس مشارك في مشروع الامبراطورية الامريكية ومؤلف كتاب (الحرب على الطريقة الامريكية : كيف اصبحت حروب بوش حروب اوباما)

هناك تعليقان (2):

  1. هناك حرب غير معلنة بين كل من روسيا و الصين و اوربا من جهة و اميركا من جهة اخري. و فد نضع اليابان في هذه القائمة
    فاين يمكن و ضع هذه الحروب بالنسبة للمسميات المذكورة؟

    ردحذف
  2. أخي هانيء

    المسميات التسع المدرجة في الحلقة الاولى والثانية من المقالة هي البروباغندا الامريكية التي تستخدمها في حروبها الراهنة المعلنة. لأن الحرب المعلنة تحتاج الى البروباغندا، اما الحروب الخفية التي يكثر فيها الضرب تحت الحزام بدون الاعلان عنها ، فلا اعتقد انها تحتاج في المرحلة الحاضرة الى بروباغندا.

    ردحذف