"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

17‏/4‏/2011

احتلال العقل العراقي: الجامعة الأمريكية في السليمانية-9

الحلقة السابقة

من داخل الجامعة الأمريكية في السليمانية

بقلم: مارك غرويتر *

مارك غرويتر Mark Grueter: محاضر لغة انجليزية في الجامعة الامريكية في العراق من 2008 الى 2009 . يحمل شهادة ماجستير في البحث الاجتماعي ويعمل حاليا كاتبا حرا.

ترجمة : عشتار العراقية

كان غلاف المطوية الدعائية للجامعة الأمريكية في السليمانية يظهر صورة مبنى حديث هائل لا وجود له في الواقع. المبنى الحقيقي رغم جماله لكنه اكثر تواضعا بكثير. وفيه مكاتب المديرين. أما الاساتذة والطلاب فإنهم يؤمون قاعات الدرس في صفوف من الاكواخ الشبيهة بالعلب (يسميها بعض الطلاب "أقنان الدجاج") وهي منصوبة في واجهة المبنى.

أما المبنى الفخم الهائل الذي لاوجود له والظاهر على مطوية الدعاية وعلى موقع الجامعة على الانترنيت فقد وصف كما يلي:

اليوم، على مسافة قصيرة عبر السليمانية وعلى مساحة ارض ممتدة لمائة وثمانين هكتار ، ينهي فريق البناء القاعات الداخلية على مساحة عشرة الاف متر مربع والذي سيكون علامة مميزة للمبنى الجديد للجامعة الأمريكية . بحلول ايلول 2010 .

وهذا ادعاء كاذب لأني زرت الموقع مرتين في حزيران 2009 ووجدتهم لم ينهوا حتى الهياكل الخارجية والاسس. انه مجرد شريحة كبيرة من الاسمنت تخرج منها اسلاك وحولها كثير من الطين والتراب.

في العام الماضي (2008) ، استخدمتني الجامعة الامريكية في العراق ، ومقرها السليمانية بصفة محاضر للغة الانجليزية . وكانت الجامعة تعمل منذ تشرين اول 2007، واعدة ب(تعليم الاداب اللبرالية على الطريقة الامريكية ) للطلبة العراقيين. قبلت الوظيفة لاني ظننت اني سوف اقوم بعمل طيب، كنت قد درّست في الخارج سابقا (في روسيا) وظننت ان العمل في العراق سيكون رائعا : الفلوس كانت جيدة وقد اصبح
واضحا لي اني سأكون حرا لأعلم ما اريد وبالطريقة الي اقررها.

بعض الخلفية عن الجامعة : اسسها مجموعة من السياسيين الاكراد البارزين (بضمنهم جلال طالباني) والمحافظين الجدد الامريكان . نائب رئيس الوزراء د.برهم صالح كان المحرك الرئيسي مع جون اغريستو. أغريستو كان يعمل في بغداد مع سلطة التحالف المؤقتة قبل ان يتولى مشروع الجامعة الأمريكية . وأغريستو وثيق الصلة بدونالد رامسفيلد وديك تشيني. وقد اعتاد أن يعمل مع لين تشيني في المنحة القومية للانسانيات (NEH).

(هاي هية الخلفية؟ أغاتي مارك .. آني كتبت خلفية الجامعة 7 حلقات. بالمناسبة مارك هذا طلب مني ان اترجم له ما اكتبه عن الجامعة ، قلت له لاوقت لدي لترجمة كل شيء وانما يمكن ترجمة الخلاصة- عشتاركم)

وبهذه الحقائق لايثير دهشتنا ان الجامعة الامريكية في السليمانية تقوم بوظيفة اداة سياسية اكثر منها مشروعا تعليميا. ولكن هذا طبعا لا يمنع قادتها من الترويج للجامعة باعتبارها جامعة حقيقية تهدف لنشر الديمقراطية . اصنع شكل جامعة غربية الطراز في العراق ثم استشهد بها كدليل على تقدم العراق نحو الديمقراطية الليبرالية. هذه هي الفكرة تقريبا. تبدو جيدة على الورق للمؤيدين للحرب وللسياسيين العراقيين في السلطة على السواء ليتباهوا بها. ولكن على اية حال، تقريبا كل شيء يتعلق بالجامعة الامريكية في السليمانية ، مصطنع، ماعدا الحشد الشرير الذي يديرها.

لا احد يعتقد حقيقة ان المبنى الجديد او حتى جزء منه سوف يكتمل في ايلول 2010 هذا اذا انتهى، وهو ما أشك فيه. في بلاد الخيال، كما اعتقد الامر سيان. إن وقع مقولة انتهاء البناء قريبا ، ألطف على الأسماع ، وهو كل ما يهم ، أليس كذلك ؟ إن الفكرة من وصف المبنى ليس قول الصدق وانما لجذب مستثمرين محتملين. (بالضبط مثل الفيديو الدعائي الممتع ولكن الممل يصور المبنى المستقبلي مع موسيقى فخمة)

الجامعة الامريكية في السليمانية جامعة خاصة ، ولا نعلم من اين تأتيها الأموال بالضبط، لأن الجامعة لا تفصح عن مثل هذه المعلومات. كل الذي نعلمه طبقا للتقارير المنشورة انها استلمت منح بعشرة ملايين دولار من الولايات المتحدة والحكومة الكردية - وهي مثل مصرف جيب لجامعة تقول ان ميزانيتها 500 مليون دولار ولها طموحات هائلة للمستقبل. ولكن من الصعب بالنسبة لي ان اقول اين تصرف الاموال ، الى جانب الرواتب الادارية المتضخمة والفيديوات المتحركة رقميا.

اما العمل المهم فعلا : تعليم الطلاب فهو يأتي في مؤخرة كل شيء، خاصة بعد الذوات المتضخمة للاداريين بضمنهم القائم باعمال رئيس الجامعة جوشوا ميتشيل Joshua Mitchell وهو في مظهره ومخبره متحفظ و متعجرف، ولا يتجشم عناء التواصل مع الاساتذة أو الطلاب. يوصله سائقه كل يوم الى الباب الامامي في سيارة مرسيدس ، يتسلل الى مكتبه ولا احد يراه او يسمعه بعد ذلك طوال اليوم . انه منفصل تماما عما يحدث على الارض في الجامعة . وحين يظهر ، فهو لاستعراض معتقداته المسيحية ، فهو يقتبس في كلامه واحاديثه مقاطع من الانجيل .

مثلا كتب الي مؤخرا "لقد اظهرت نفسك متسرعا في الإشارة الى القذى في عين غيرك دون ان تفطن الى الخشبة في عينك" وقد انهى محاضرة لي بالبريد الالكتروني مع سطر لم اجده في الانجيل ولكن يبدو وكأنه انجيلي " لا تطلب الكمال لأن العالم الذي تعيش فيه ناقص، لايكاد يتحرك الى الأمام بقوة السلاح او بقوة الكلمات"

الى جانب نصف المليون دولار التي يحصل عليها سنويا (تقديرا) ليس على المرء الا تخمين اهداف الرجل من ذهابه الى العراق. شخصيا اعتقد ان ميتشيل يؤمن بأنه في عمل تبشيري من اجل المسيح. المؤشر الوحيد على انه من المحافظين الجدد هو أن أغريستو استخدمه..

السياسة اهم من التعليم

الان الى مسألة اولوية السياسة على التعليم . الجامعة الامريكية في السليمانية تكذب على الناس في مايحدث فيها فعلا.

حسب موقع الجامعة ومواد الدعاية ، فإن المطلوب من الطلاب العراقيين الحصول على 550 درجة في امتحان تويفل TOEFL من اجل دخول برنامج الدراسة الجامعية . في الفصل الماضي ، اتضح زيف هذا الادعاء بعد ان تبين ان من بين 40 طالب يدرسون في الجامعة لم يحصل على 550 درجة سوى افراد يعدون على اصابع اليد الواحدة. كان يجري تمرير الطلبة الى المرحلة الجامعية الأولى لان هذا ما ينبغي عمله : على الأقل لابد من الحفاظ على مظهر شرعية الجامعة.

وحين اقول (تمرير الطلبة) اقصد تمريرهم من برنامج التأهيل باللغة الانجليزية حيث أغلبية الطلبة مسجلون فيه الان. في الفصل الدراسي الماضي ، كان هناك حوالي 150 طالب في البرنامج بالمقارنة الى حوالي 40 في مرحلة الدراسة الفعلية. إذن في الاساس، لدينا (جامعة) فيها طلاب البرنامج التمهيدي ثلاث اضعاف طلاب المرحلة الجامعية .

مع كل الملايين التي يفترض انها تنهال على الجامعة (في نهاية الفصل الماضي، ظل متشيل يبتجح بمنحة حصل عليها بقيمة 50 مليون دولار) يرفضون استخدام العدد الكافي من المدرسين بدعوى تخفيض التكاليف. صفوفنا التي تتضمن بشكل رئيسي تعليما يعتمد على الإنجليزية كلغة ثانية تتكون من 20 طالب لكل مدرس . واسأل اي مدرس يمارس هذا النوع من التعليم اذا كانت هذه طريقة فعالة في ادارة صف خاصة حين يكون الطلاب كما في حالة الجامعة الامريكية في السليمانية من مختلف المستويات . النتيجة هي ارهاق المدرسين وضمأ الطلاب الذين يستحقون مدرسين اكثر ومستشارين لارشادهم . بعض الطلبة يدخلون الجامعة بمنحة ولكن اكثرهم يدفعون اجورا تبلغ 10 الاف دولار في السنة وهو مبلغ غير معقول في هذا الجزء من العالم .

وفيما يتعلق بأجور التعليم فإن الأغنياء وليس الفقراء هم الذين يحصلون على اكثر احتمال على القبول المجاني بسبب علاقات عائلية مع النظام السياسي المحلي الذي يرأسه د. برهم صالح وهو الرجل الرئيسي في الجامعة . والتمييز في مختلف المستويات ضد الفقراء والطلبة الذين لاظهر لهم هو شيء اعتيادي في الجامعة، وقد يصل الى حد الانتهاكات والقمع. يُمنع المسحوقين من برامج الجامعة الممولة للسفر الى الخارج ويعزلون عن الظهور في عمليات التصوير الدعائية في الاعلام (لأن الجامعة تريد ان يظهر على الشاشات افضل الطلاب ملبسا) وقد اغلقت الادارة رابطة طلابية وصحيفة يصدرونها باسم (طلاب من اجل التغيير) ، وفي بعض الاحيان يقدم كميات اقل من الطعام في كافتريا الجامعة للطلبة الاقل حظا.

هناك اتهام يثير القلق برز مؤخرا وهو ان الدكتور برهم صالح (الذي عين رئيسا لوزراء الاقليم ) وعد عائلات بمنح مجانية للدراسة في الجامعة مقابل دعمه سياسيا في انتخابات أخيرة ، ضد نافسه المحبوب شعبيا مرشح حزب التغيير نيشروان مصطفى. وكل هذه المبالغ التي قدمت كوعد لطلاب جدد غير مؤهلين خلقت ازمة نقد في الجامعة تسببت في ارتفاع مصاريف التعليم بالنسبة للطلبة الموجودين مما اجبر الطلبة الفقراء على ترك الدراسة. وحتى ابين لكم كيف كان الطلاب يشعرون، كتب الي احدهم يقول "إنهم يفعلون اي شيء ، حتى القتل ، من اجل الحصول على مايريدون" هؤلاء هم حلفاء امريكا الرائعون في المنطقة .

بالاضافة الى ذلك، لو كانت الجامعة فعلا مهتمة بتطوير العراق نحو المجتمع المدني، كان يمكنها على الاقل ان تقوم بمحاولة لدمج موظفيها في المجتمع. كنت احس بالامان وانا اتجول في المدينة ، ولكنهم كانوا يسعون لفصلنا عنهم (نحن ) و(هم) على نمط العلاقة بين الامبريالي والشعب الخاضع سواء في المظهر او الممارسة . هذه العقلية الانفصالية في اوساط معظم العاملين الاجانب أجدها في منتهى الغباء. بالنسبة لموظفي الجامعة فقد بنوا مجمعا سكنيا صغيرا خارج المدينة قرب المطار. والشوارع فيه مصممة لتبدو مثل حي سكني في فلوريدا، باشجار النخيل الصغيرة والفيلات ذات اللون الوردي البرتقالي . بنيت وسط ارض جرداء وبعيدة جدا مما يستحيل معه الوصول على الاقدام الى وسط المدينة . انه ترتيب مضحك الى ان يصيبك بالجنون.

مثل الغزو العسكري الامريكي للعراق ، يمكن للمرء ان يجادل ان المشكلة مع الجامعة ليست في الفكرة المثالية وانما في التطبيق. ولكن ربما الاثنان لا ينفصلان كثيرا. يبرهن الامريكيون مرارا وتكرارا على عجزهم عن بناء امة . أحد أسبابه: فقدان الارادة الحقيقية وسبب آخر هو الجهل بكيفية فعل ذلك . حين نتأمل الواقع في مواجهة مزاعم خيالية مكتوبة ، فإن الجامعة الامريكية في العراق رغم نواياها "الناعمة" لا تختلف عن السياسة الفاشلة لغزو واحتلال العراق.
++

تعليق: هاجمت الجامعة مارك غرويتر ولاحقته في كل صحيفة كتب بها ، واتهمته بأنه سكير وكان يتحرش بالبنات في الجامعة. زين شلون صبروا عليه سنة ؟ ولكن هذه يا أعزائي الطلبة هي الآداب الليبرالية !!

انتظروني مع استاذ آخر هرب من الجامعة وفضح مصائبها.

الحلقة العاشرة هنا

هناك 5 تعليقات:

  1. آني و الله هم كلت هيج من أول ما شفت صورته: حريش بنيات ..!
    و ذاج حريش ولاد !

    شايفين شلون مساومة بين الجنسين .
    تقدم و ديمقراطية و مساومة

    ردحذف
  2. عشتاروف.. احنا ليش انكذبهم؟؟ طبعا سكير وبتاع بنات.. يعني راح يشكل خصم خطير ع الجماعه.. ابو عيون زرك وشعره اصفر مسبسب.. ويشبه مهند. ويبوووو طويله..ووهذه ال يبووو مرتبطه بالبناء النفسي لجماعتنا.. اذا شافوا هيجي مواصفات بعد خلص يقفلن.. فغير يكولون الاقربون اولى بكن!!!ا واحنا دنعلمكم مو بلاااااش.. فتروحوا منا ليه؟؟ يعني لازم انشكك بنواياهم؟!ا جوء جوء..
    لكن....


    لن يبق سوى وجه الوطن..

    ردحذف
  3. عيوني strangers in the night الاسم يخبل والمدونة شكلها يجنن.... كلمة (عشتاروف) تدق جرسا في وادي النسيان .. من انتم من انتم !! الى الأمام الى الأمام.

    ردحذف
  4. عشتاروف.. هل ينسى الانسان رفيق الكلمه؟!ا مقالة مقالة.. بوست بوست.. اذكركِ..العتب على الحياة والتعب..

    قبلاتي الى مكوسي و ريما..

    ردحذف
  5. هاي وين الغيبة؟ وبعدين شنو هاي المدونة اللي فعلا تخبل . اول مرة احس بالغيرة من شكل مدونة . املئيها بالشعر والرصاص.

    ردحذف