"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

18‏/4‏/2011

احتلال العقل العراقي: الجامعة الأمريكية في السليمانية -12

الحلقة 11 هنا

الجزء الأخير من مقالة جون دولان

في هذا الجزء : تهديد بالموت - فصل استاذ بسبب مقالة

ترجمة عشتار العراقية

حين جمعنا جوشوا متشيل لمناقشة حادثة اغتصاب مدرسة أمريكية من قبل رجلين كرديين، وألقى باللوم على كاهلنا- هيئة التدريس- حسب عادته، لم يكن ذلك اللوم كافيا لعميدة شؤون الطلبة دنيس نتالي .

وقفت وبدأت تصرخ في وجوهنا بأن الحادثة كانت بسبب اخطائنا - خاصة خطأ النساء الأمريكيات في هيئة التدريس. في هذه الحالة كان الخطأ ارتداء قمصان بدون أكمام! هذا ما تسبب في اغتصاب المرأة !

ونتالي، وهي دائما مثارة وعصبية ، لم تستطع التوقف عن اتهامنا "ارى النساء يتجولن هنا بقمصان بدون اكمام! ماذا تتوقعون؟"

كل واحد منا نظر حوله يتفحص ملابس جاره، ولكن لم يكن هناك قمصان بدون اكمام او ملابس شاطيء البحر. في الواقع ان طالباتنا كن يرتدين ملابس اكثر اثارة من نساء الهيئة التدريسية. وحين لم تجد نتالي في تلك اللحظة اي دليل جريمة في ملابسنا، اكتفت بأن كررت اتهامها بصوت أعلى .. لقد جلبنا الكارثة على انفسنا! شعرت نفس الشعور حين سمعت مديرة الافراد تخبرنا بأن يحتفظ اليهود منا بديانتهم لأنفسهم . وهاهي نتالي تخبرنا ان الاغتصاب هو ذنب الضحية. لقد نشأت في بيركلي حيث يفترض ان نهاية العالم اقتربت اذا تفوه احدنا بمثل هذه الملاحظات. ولكننا هاهنا نسمعها تقولها بصوت عال والكل يستمع اليها بجدية او يتظاهر بذلك .

لم نعرف تفاصيل "الحادثة" الى أن جاء مدير امننا الكردي للمتابعة بعد عدة اسابيع. وحين طلبنا منه شرح ماحدث قال ببساطة "اسمعوا، الشباب الكرد لا يحسنون التصرف حين يسكرون . وانا اقول لكم ، من اجل سلامتكم لاتذهبوا الى حيث يشرب الشباب الكرد" وكالمتعاد كذب الكرد نظرة قادتنا المحافظين الجدد اليهم، ومرة اخرى ظهر الكرد انهم امريكان افضل من الامريكان الاصليين الذين جئنا بهم لادارة هذا المكان.

(شيء غريب ان قصة الاغتصاب هذه غير موجودة على الانترنيت لا بالعربية ولا بالإنجليزية وكأنها لم تحدث. ويبدو ان المغتصبين من ذوي النفوذ او اولادهم، في السليمانية بحيث لم يسمع أحد عما حدث بالتفصيل، حتى أن الطلاب الأكراد في الجامعة يسألون دولان بعد خروجه من الجامعة بوقت ليس بالقصير في مقابلة اجريت لمدونة خاصة بهم ، يسألونه عما قاله ميتشيل حول مصير المغتصبين فيجيبهم:
"قال انه تم القبض عليهم واعتقلوا" الى هذه الدرجة كان الموضوع ممنوعا من التداول.)

من هدد دنيس نتالي بالموت؟
تلقت عميدة شؤون الطلبة الميالة للصراخ دوما دنيس نتالي تهديدا بالموت في 22 نيسان 2010

بدأت المشكلة حين صدر أمر قاس من المبنى الرئيسي : على المدرسين تسجيل حضور وغياب الطلاب كل يوم. واذا غاب طالب عن درسين ، علينا ابلاغ دنيس.كل من يغيب اربع دروس يخرج من تلك المادة. لاتقبل الاعذار ولاحتى العمليات الجراحية الكبيرة.

كنا في ذلك الوقت قد اعتدنا على طريقة تمشية الامور في الجامعة : تركيز السلطات بيد الكبار في المبنى الرئيسي، افقاد المدرسين توازنهم وارهاب الطلاب.

بحلول منتصف الفصل الدراسي كانت نتالي قد طردت عددا من الطلبة للغياب. وبما ان الدراسة في الجامعة تكلف مبالغ طائلة فقد توقع الجميع - ماعدا العنجهيين الذين يحكمون الجامعة ، ان ذلك سيجلب المشاكل، مثل اسيادهم الذين احتلوا العراق لم يحسبوا حساب ردود الافعال الانسانية الاعتيادية . ويبدو ان احدهم لم يعجبه ان يوبخ ويطرد وهكذا في احد نهايات الاسبوع لصق احدهم تهديدا بالموت على باب مكتب نتالي.

وكالمعتاد استغرق الامر عدة ايام حتى يتخذ القائم باعمال الرئيس متشيل اجراءا وحين اتخذه كان اجتماعا فخما اخر لهيئة التدريس الذين اتضح لهم ان التهديد كان بسبب خطئهم. وقد وزع علينا مذكرة مشينة تقول اننا هيئة التدريس جعلنا من نتالي تبدو وكأنها الشرطي السيء وعليها الآن ان تدفع ثمن جبننا. وهدد اذا فعلناها مرة اخرى أن نتوقع فسخ عقودنا. وكان اغريستو وميتشيل قد طردا عددا من المدرسين لاسباب تافهة وبشكل تعسفي.

كما وزع ميتشيل على الطلبة مذكرة يحثهم فيها على الابلاغ عمن كتب التهديد. وهددهم اذا لم يبلغوه واكتشف بعدها معرفتهم بالفاعل فإن الطرد سيكون نصيبهم.

وربما توقع ميتشيل ان هذه المذكرة المهددة سوف ترهب الطلاب وسيتدافعون على بابه للادلاء بما عندهم ولكن شيئا من هذا لم يحدث. وبعد فترة حين لم يتقدم اي طالب ، اسقطت الجامعة الموضوع واكتفت ببناء جدار مضاد للانفجار خارج مكتب نتالي. عادت نتالي الى عملها بعد عدة اسابيع فقد كانت الوظيفة حياتها وليس لها مكان اخر تذهب اليه ، كان امام نتالي خياران: البقاء في السليمانية وجمع اموال طائلة مع مواجهة تهديد صغير، او العودة الى امريكا : اكثر ألأماكن رعبا في العالم لمن لايملك مالا او وظيفة.

(لا اعتقد أن التهديد كان صادرا من الطلبة، وإليكم اسبابي: دنيس نتالي ليست امرأة اعتيادية ، وانما هي عنصر مخابرات على أكثر احتمال، موجودة في الشمال منذ 1991 وقد تزوجت من كردي تركي، ثم ذهبت الى باريس وفي عام 2005 عادت للاستقرار في الشمال، حتى استقر بها الحال في الجامعة الأمريكية في السليمانية ، تجيد اللغات التركية والكردية والفرنسية وشيء من الفارسية وعملت سابقا في باكستان ودرست في جامعة طهران وجامعة تل ابيب، وهي عضو في اكبر المنظمات اليمينية للمحافظين الجدد. تعتبر نفسها باحثة في شؤون الاكراد منذ التسعينيات. وقد عملت في الجامعة الامريكية في السليمانية بصفتها العميد الاكاديمي للطلبة ثم رأست مراكز البحوث فيها . واخيرا غادرت في كانون الاول 2010 لتعمل في قيادة فريق امريكي للبحث في وثائق جديدة وجدت عن صدام حسين والفترة الماضية. المهم انها منذ ربيع 2010 وهي الفترة التي جاء لها التهديد فيها بدأت تكتب وتتحدث عن فساد السلطة الكردية ودكتاتوريتها وعن ضعف التأثير الكردي على السياسة العراقية حاليا ، ويبدو انها تؤيد حزب التغيير الكردي. ولعل التهديد كان لإخافتها وترحيلها من المنطقة . ونعرف أن كل من انتقد الحكومة الكردية كان مصيره القتل. ربما نعود اليها اذا استجد جديد ، ولا أدري أين كانت هذه المرأة غائبة عني قبل ذلك، فأهم من كل ما سبق من مؤهلاتها: كانت مستشارة للشركة النفطية هانت اويل التي منحت استثمارات في الشمال لأنها شركة صديق لجورج بوش -كل شيء في العراق ينتهي بالنفط !! عشتارتكم)

وكنت اواجه نفس القرار، لأن الوقت كان ربيع 2010 وكان جميع من في الهيئة التدريسية قد اعيد التعاقد معه من قبل اغريستو الا انا . وكان هذا مؤشرا سيئا ولم اكن اعلم اين هو الخطأ او ماذا فعلت. كنت اكثر الموظفين اخلاصا وجدية ، كنت ارتدي الملابس الرسمية والرباط كل يوم . حتى كنت اضع بادج الاسم السخيف فوق صدري. وكنت احاول ان ابدو امريكيا مرحا .

اخيرا طلبت موعدا مع اغريستو وقلت له بشكل مباشر اني اريد تمديد العقد لسنتين آخريين . كان رد فعله صادما "لا اعرف عنك شيئا . انك لم تتناول الغداء معي ابدا"

حين جلست امام اغريستو في الكافيتريا اخيرا، أحب اغريستو تصرفي الجديد، ووعد أن يزور الفصل الذي ادرس فيه. وهذا ما انهى المسألة وحصلت على عقد بسنتين ، حصلت عليه بنفس الطريقة التي حصلت فيها على الوظيفة للمرة الاولى : بتملق جون اغريستو.

في المرة الاولى كنت قد قرأت كتابه (مصدوم بالحقيقة ) واعترف انه كتاب جيد ، ولكني صدمت بالطريقة التي التهم فيها امتداحي له والآن اشعر بنفس الصدمة لردة فعله على تملقه فوق مائدة غداء.

حين حصلت على عقدي الجديد بدأت اشعر بالتعاطف مع اغريستو وميتشيل وقلت في نفسي ربما كنت قد ظلمتهما ولابد انهما بحثا عن ماضيي على كوكل ووجدا اني كاتب ساخر واني من النوع غير المؤذي. ربما لهذا السبب تعاقدا معي مرتين . ولكني كنت على خطأ . لم ادرك في حينها كم كان الاثنان غبيين وكسولين ، حيث انهما لم يضعا اسمي على كوكل عند التعاقد واعادة التعاقد معي . حين ادركت هذا تذكرت واقعة من حياة مايكل كولنز(قائد ثوري ايرلندي) حين كان كولنز مختفيا يقود حرب عصابات ضد البريطانيين ، عينت ابنة اخيه سكرتيرة خاصة لمسؤول كبير في الادارة البريطانية . حين علم كولنز قال "كيف بحق الجحيم استطاع هؤلاء الناس الحصول على امبراطورية ؟"

ولكن في حالتي يكون السؤال مختلفا "كيف استطاع هؤلاء الامريكان اضاعة امبراطورية بهذه السرعة ؟" والجواب بسيط: بالغباء.. بتحويل الحلفاء المحتملين الى اعداء حسب العادة.

لأنهم كما يبدو لم يبحثوا عن اسمي في كوكل ولم يقرأوا السيرة التي قدمتها مع طلب الوظيفة ، ولهذا لم يكن لديهم فكرة اني قد اكون كتبت شيئا يزعجهم ، وحين اكتشفوا ذلك تصرفوا بالطريقة المتوقعة.

في منتصف تموز 2010 قام واحد من المشاغبين، بارسال مقالة كنت قد كتبتها في 2005 ضد الحرب على العراق الى اغريستو. كانت تلك صدمة لأغريستو، وتصرف بسرعة . ففي يوم مشرق في سياتل حيث كنت اقضي اجازتي السنوية تلقيت هذه الرسالة منه :"
عزيزي جون دولان،

لدينا مشكلة ، لم نعلم بها الا الآن. من فضلك انظر
هذا الرابط الذي يعزى اليك. وفي حالة عدم نفيك، فسوف نفترض انه لك. إن الفحش والعنصرية المتضمنتين في هذا الرابط شيء مقيت. و لعنة على كل ما تمثله هذه الجامعة. ولو قدر لهذه المقالة وخاصة الصورة التي تحويها أن تنشر في العراق فإن حياتك وحياتنا وحياة الجامعة ستكون في خطر.

وبسبب هذه الظروف فليس امامنا خيار سوى : 1- نطلب منك الاستقالة أو 2- ندفع لك قيمة العقد الحالي ونفسخ العقد الجديد.

وكتحية لك ولكاثرين سوف نشحن لك متعلقاتك الشخصية الى اي عنوان في الولايات المتحدة او كندا تزودنا به.
جون اغريستو
العميد

كان علي ان اعيد قراءة الرسالة عدة مرات حتى اصدقها. المقالة التي يشير اليها كانت قد نشرت قبل اربع سنوات من استخدامي . كانت موجودة على الانترنيت منذ 2005 وقد ذكرتها في سيرتي الذاتية التي ارسلتها مع طلبي. بل حتى تحدثت مع طلبة الصحافة في الجامعة الامريكية في السليمانية حول عملي في موقع eXile حيث نشرت هذه المقالة . ولو كان اغريستو قد حضر المقابلة لرآني اوزع على الطلبة الصحفيين نماذج من مقالاتي الساخرة . ثم هناك هذا التهديد بأني سوف اقتل لو رجعت الى السليمانية . المقالة كانت ضد الامريكان وتسخر من رجال بوش ولم تكن ستعتبر اهانة للأكراد ، واذا كان من سيقتلني فهو أغريستو ورفاقه من المحافظين الجدد وهكذا اعتبرت ان هذا تهديد بالقتل منه . أما حديثه عن العنصرية فذلك لأني قلت ان الافارقة الامريكان هم الوحيدون الذين عارضوا الحرب وان اكثر مؤيديها كانوا من البيض وباعتباري (أبيض) فإن من حقي ان اتكلم بالسوء عن البيض دون ان اعتبر "عنصريا".

ليس هناك طريقة استطيع ان اعتصر من هذه الكارثة ما يستجلب العطف. لقد ذهبت مع هؤلاء المبتزين الاكاديميين الفادسين من اجل الحصول على مال سهل وسريع، وجدوا اني جاسوس مزدوج (يقصد ان له رأيا آخر مخالفا) فطردوني. انها ليست حكاية شهيد. ولكنها مع ذلك حكاية مازالت مرارتها في فمي. على الأقل لأن هؤلاء الفاسدين مازالوا يقبضون رزما من فئة 100 دولار، وأنا لا .
++

سوف نأتي لاحقا الى أشكال حظر حرية التعبير في الجامعة الامريكية في السليمانية

في الحلقة القادمة : المقالة التي طلب رئيس الجامعة الأمريكية في السليمانية من الموقع الذي نشرت فيه حذفها !!

الحلقة 13 هنا

هناك 5 تعليقات:

  1. عجبي لهؤلاء الناس امثال جون دولان...عندما يكون رايه مغاير لهؤلاءالمبتزين الاكادمين الفاسدين؟ لمذا يسمح لنفسه ان ينضم اليهم ,وهو يعترف بانه جاء من اجل المال اي انه هو ايظا فاسدا مثلهم , فلماذا هذا التهجم عليهم وفضحهم رغم انه يعترف بتملقه لهم. انا اقول هذا هو حال كل الاكادمين وغير الاكادمين الاميريكان, يستمر على عدم ازعاج ضميره بهذه الامور الى حين تنتفي الحاجه من السياسه والعلم والادب او حين تنتهي المصلحه الشخصيه والمتعلقه بالماده طبعا , حينها يسمح لضميره ان يصحو من غفوته ثم يبدا بنشر خفايا من كانوا في يوم مامسؤليه او مرؤسيه بحجه ان ضميره املى عليه ان يكتب الحقيه للرأي العام. والظاهر هذا هو حال كل المسؤلين الامريكان بدأً بالرئيس وانتهائا باصغر موضف في الاداره الاميركيه ...فتبا لهذه الامبراطوريه المزيفه

    ردحذف
  2. عراقي حر .. فعلا هذا مايحدث . مثلا ترى مسؤولين مثل كولن باول ودونالد رامسفيلد وجورج تينيت وبول بريمر وحتى جورج بوش ، يساهمون في القتل والدمار ثم لما يعتزلوا المناصب يكتبون مذكراتهم وفيها انتقادات للسياسة التي اتبعتها اداراتهم. والسؤال الطبيعي هو اذن لماذا سكتوا طوال بقائهم في المناصب، واذا كان ضميرهم حي لماذا لم يستقيلوا ؟ وبعدين اظن ان هذه الحالة رحمة لنا ، فكلما تعارك الحرامية ظهر المسروق، فحين يطرد الواحد منهم او يختلف مع رئيسه او غيره ، تجده يبدأ في اظهار الحقائق.

    ردحذف
  3. عزيزتي عشتار صحيح انها نعمه لنا .ولكن اين المحصله من هذا كله؟ . لان من ينتهي بصحوه ضمير لا ينتفع منه مستقبلا لان المصيبه مستمره بافراز هذه السموم على البشريه الى مالا نهايه على الاقل هذا ماهو واضح لحد الان. لانه لم نسمع لحد الان ان السياسه الامريكيه بوجه الخصوص والعالميه عامه قد استفادوا من اخطاء غيرهم وعملوا على تغير نمط سياستهم العنجهيه تجاة بقيه الشعوب. وهذا واضح من خلال مشروع القرن الامريكي .فمنذ الحرب العالميه ولحد الان السياسه الامريكيه لا تتغير نحو الاحسن بل العكس فانهم يتمادون بغيهم ...

    ردحذف
  4. لعنة الله علي الامريكان و الصهاينة .
    ما معقول تكون تلك حالة العراق اكبر دولة نفطية اغني دولة زراعية شعب عريق ذو حضارة ما اردي اش اقول غير ..... حسبي اله و نعم الوكيل

    ردحذف
  5. أخوية مسطول .. في انتظار مساهماتك حين تصحو !!

    ذكرتني بفريق الغار اللي راح في مهمة كوميدية للتعليق في موقع الأعداء !!

    ردحذف