"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

18‏/4‏/2011

احتلال العقل العراقي: الجامعة الأمريكية في السليمانية-11

الحلقة العاشرة هنا

مازلنا مع مقالة
جون دولان
كيف قضيت سنة في العراق للتدريس مع مهاويس بوش- تشيني

ترجمة عشتار العراقية

في هذه الحلقة : غسيل مخ تاريخي - مواعظ - أغتصاب

الرجل الذي عينه أغريستو ليعلم التاريخ الأمريكي يمثل تماما مكامن الخطأ في الجامعة الأمريكية في السليمانية. اول مؤشر على عدم التزامه بالنزاهة الفكرية هو اختياره المادة التي يدرسها: وهو كتاب بغيض عنوانه "امريكا: الأمل الأخير الأفضل" America: the last best hope لمؤلفه وليام بنيت. نعم نفس وليام بنيت وزير ريغان للتعليم، المهرج الذي كان يعظ بالفضيلة حتى أغرقته ديونه في القمار .

وعنوان الكتاب يلخص المضمون بوضوح. امريكا حرفيا وببساطة آخر وأفضل امل للبشر. حظ سيء ايتها الصين ويا بورما ويا اكوادور أو أية دولة على البسيطة . لأننا نحن الكل في الكل. وهي اطروحة رجعية كلاسيكية مفادها "لا استطيع تخيل اي دولة بعظمة امريكا ، ليس هناك مثلها ولن يكون" وهي فكرة تفتقر الى الخيال، وهي المفضلة لدى اعداء التطور البيولوجي والتاريخي.

أحد الطلاب وهو ابن مناضل كردي بارز ومن المؤمنين بشيء اسمه الحرية الفكرية ، اكتشف حقيقة بنيت وكان لديه الشجاعة للتذمر بشأن الكتاب. اجابه المدرس "حسنا ، هذه جامعة محافظة وواجبي ان اقدم لك المنظور المحافظ" وكان يمكن ان يكون جوابه أبسط وأصدق لو قال "اسمع يا ابني ، لقد حصلت على هذه الوظيفة بالتملق لجون اغريستو وهو صديق حميم لوليام بنيت ، ولهذا فإن راتبي الضخم يعتمد على ان ألقمك هذا الهراء"

ومن حسن حظ طلاب التاريخ الامريكي في هذا الجامعة انهم كانوا يشاهدون افلام الحرب الامريكية بدلا من قراءة حكايات وليام بنيت. وبما اني كنت ادرس في نفس الكابينة مع مدرس التاريخ الأمريكي يفصلنا جدار من المعدن الخفيف، فقد كنت استمع طوال الفصل الدراسي الى افلام رديئة عن الحرب العالمية الثانية . وكنت وانا احاول تعليم طلابي استخدام فعل المضارع ، اصرخ بأعلى صوتي ليغطي على اصوات الحوار القادم من خلال الجدار "لقد أُصبت يا سارجنت ! آه .. اذهبوا بدوني" يتبعها عادة انفجارات تهز الجدار، والسارجنت ورفاقه يحاولون الثأر لصديقهم القتيل.

( خوش تعليم بعشرة الاف دولار بالسنة يدفعها الطالب لمشاهد أفلام)

كان راتب هذا المدرس 15 الف دولار في الشهر (ليعرض على الطلاب افلام سينما) لم يكن هذا الراتب الضخم بسبب مؤهلاته فهو لايملك شيئا منها . لايحمل شهادة دكتوراه (رغم انه زعم فيما بعد انه حصل على الدكتوراه من الانترنيت) وليس لديه خبرة في التعليم فلم يدرس سابقا ، وليس لديه مؤلفات اكاديمية. ولم نكن نعلم سبب اختياره للتدريس في الجامعة الا بعد فترة من خلال عادته في التفاخر، فحين اقتربت اجازة نصف السنة بدأ يثرثر حول وجوب ذهابه الى الولايات المتحدة ليعمل على حث عضو الكونغرس عن ولايته جورجيا ليرسل منحة كبيرة للجامعة في السليمانية . كان يحب ان يتباهى في حمام الرجال في الكابينات . كان وهو يقف ليتبول يتفاخر للجميع من حوله بأن زوجته كانت واحدة من أغنى النساء في ولايته وصديقة مقربة من عضو الكونغرس ومن خلالها سوف يلتقي بالسيناتور.

إذن الراتب 15 الف دولار كان اصلا ليس لمؤهلاته التعليمية وانما لأن له صلات بصفوة اليمين الجنوبي الأكثر فسادا وتربحا. وحين سمعته يتباهى بصلته بذلك العضو واسمه شامبلز Chambliss بحثت عن اسمه في الانترنيت وتعلمت درسا اخر في زيف المثل والقيم التي بنيت عليها الجامعة الأمريكية في السليمانية. انتخب ساكسبي شامبلز الى مجلس الشيوخ في 2002 بفضل حملة اعلانات للنيل من منافسه ماكس كليلاند بوضع صوره الى جانب صور اسامة بن لادن، حتى جون ماكين وصف الاعلانات بانها (مستهجنة) ولكن هذا ليس أسوأ مافي الموضوع: فإن ماكس كليلاند الذي طعن شامبلز بوطنيته كان قد فقد ثلاثة من اطرافه في حرب الفيتنام. وشامبلز لم يخدم في الجيش ابدا، بحجة ان لديه اصابة قديمة في ركبته من ايام لعب كرة القدم في المدرسة الثانوية.وطبعا شفيت ركبته بقدرة قادر ما أن تجاوز ساكسبي سن التجنيد.

ولكن لم يكن هناك وقت للغضب من استاذ التاريخ، لأنه في الوقت الذي انتشرت الاخبار حول انعدام مؤهلاته ماعدا كونه على صلة بسناتور من الجنوب ، كنا في وسط حالة جنسية عصابية وهي نموذج آخر من امراض الجناح اليميني.

القصة كانت مشينة لانها تتعلق باستاذ امريكي انتهك وأرعب امرأة ، في الوقت الذي كان من اهداف مهمتنا المقدسة تعليم الاكراد احترام المرأة الحرة المستقلة.

الأمريكي بطل هذه القصة كان شخصا غريبا ، متعصبا من الجيل العاشر للمتشددين اصحاب مذهب الكالفينية Calvinist الذين لا يملكون الا التدخل في شؤون الناس وكان اشد مايكره رؤية امرأة متحررة مستقلة.

المرأة التي قرر ان يطاردها كانت اطول منه وهذا شيء غير مريح بالنسبة له . ولم يعجبه ان تأتي الى العراق لتدرس وحدها في حين ان زوجها في الولايات المتحدة ، واسوأ من ذلك ان هذه المرأة كان لها عادة تناول طعام الغداء مع رجل لم يكن زوجها. وهذا كان مما لا يحتمله رجلنا المتعصب. بدأ حملته بالحملقة فيها لمدة اسابيع، تعرفون تلك النظرات من الجناح اليمين ؟ خليط بين الشهوة و الغضب الجبان؟ ثم قرر ان الرب يريد منه ان يتصرف. اولا ذهب للحديث مع الشخص الذي تتغدى معه هذه المرأة . وعظه بأن تناول الفلافل مع امرأة متزوجة يشكل تهديدا لقدسية الزواج واغراءا للمرأة بالخطيئة. لم يجد الرجل ما يرد به عليه لأنه كان عينة من الكائنات الامريكية : طويل ورياضي ولكن يفتقر الى الذكاء. كان منتهى امله ان يفتتح محل ماكدونالد في السليمانية وكان يتباهى ان والده كسب مؤخرا مبلغ 16 مليون دولار وانه لن يجد مشكلة في تمويل مثل هذا المحل.

بعد صراخه في وجه الرجل ، طارد المتشدد المرأة الأمريكية ، المذنب الفعلي، ووبخها لخطاياها. لم تتقبل المرأة ذلك جيدا بل اعترضت حتى على قيامه بوعظها مما افقده توازنه وصرخ بها "انك لاشيء سوى ساقطة ، مومس ساقطة "

حين اشتكت المرأة لأغريستو استدعى الرجل المتشدد ووبخه بلطف . في اي جامعة امريكية حقيقية كان مثل هذا الرجل يطرد ولكن تصرفه وشتائمه اعتبرت سوء سلوك بسيط ناتج عن الحماسة، ومازال يدرس في الجامعة ، محبوبا من الادارة مكروها من الطلاب.

سرعان ما أدركت ان القواعد في الجامعة الامريكية في السليمانية تختلف. وكان اول درس بمثابة لطمة على وجهي حين وصلنا الأردن بعد ساعات من بدء رحلتنا نحن القادمين الجدد الى الجامعة. في بوفيه نصب لنا في حدائق الفندق قالت مديرة الأفراد في الجامعة الامريكية في السليمانية
لارا دزئي "اذا كنت يهوديا، احتفظ بهذه المعلومة لنفسك" فكرت في حينها ان مثل هذا القول غريب وغير مسموح به ولكن لم يقل احد شيئا.

(لارا دزئي ويبدو من اسمها ان اصلها كردي، تعمل حاليا مع شركة السلاح لوكهيد مارتن نفس الشركة التي كانت وراء حرب العراق ، من يعرف المزيد عن لارا ارجو اعلامي لأن الصلة قد تكشف اشياء اخرى ومن بينها : هل تمول شركة سلاح مسؤولة عن حرب العراق انشاء الجامعة؟ خاصة أن مديرة المعهد العراقي رند الرحيم وهي من الذين وراء انشاء الجامعة، كانت عضوة في لجنة تحرير العراق التي شكلتها شركة السلاح لوكهيد مارتن- عشتارتكم)

ويبدو ان الادارة في الجامعة الامريكية في السليمانية تستمريء هذا النفاق والجبن، كما تستمريء ارهاب هيئة التدريس . ففيما بعد كان كل ما يحدث شيء يدعونا جوشوا ميتشيل (القائم باعمال الرئيس، انظر الصورة تحت) الى اجتماع ونجلس - رجالا ونساء في منتصف العمر وبعناوين اكاديمية خيالية ، مضطربين مثل طلاب ابتدائية - ويجلس امامنا وفي الوسط متشيل ليوبخنا على افعالنا. كان كل ما يحدث في الجامعة من سوء هو بسببنا.

كانت الكارثة الاولى والأكثر درامية : حادثة اغتصاب احدى مدرسات تعليم اللغة الانجليزية في البرنامج التمهيدي لقبول الطلاب ، بعد ان عرض عليها رجلان من الاكراد ركوب سيارتهما. لم نعلم بالقصة الا من خلال الشائعات. لم نسمع شيئا من المبنى الرئيسي الا بعد عدة ايام حين دعانا ميتشيل الى اجتماع لمناقشة الحادثة، كما كان يحب ان يصفها.

التفاصيل في الحلقة القادمة : اغتصاب مدرسة و تهديد موظفة بالموت
الحلقة 12 هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق