"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

27‏/3‏/2011

العودة الى المستقبل: كيف يمكن ان تفسر الثمانينيات العالم الذي نعيش فيه



ترجمة عشتار العراقية

مقتطفات من كتاب ديفد سيروتا : العودة الى مستقبلنا الصادر عن دار بالانتاين في 2011

في 1975 كان الحزب الديمقراطي الذي عززت حملته الحقوق المدنية والمزاج المناهض للحرب في فيتنام ووالنجاحات الانتخابية لما بعد فضيحة ووترجيت ، على وشك ان ينتزع الرئاسة واغلبية في الكونغرس. في تلك السنة عرض فيلمان حازا نجاحا هائلا في شباك التذاكر، الأول "استعراض Rocky Horror Picture Show والثاني (طار فوق عش المجانين) . الأول كان يستغل الثورة الجنسية في الستينيات للسخرية من التحفظ والتطهر الشائع في الخمسينيات، والثاني كان مقتبسا من رواية كاتب حركة البيت Beat كين كيسي

وكان ثلاثة من اهم سبعة برامج تلفزيونية هي برامج لبرالية انتجها التقدمي الشهير نورمان لير بضمنها "كل شيء في العائلة" وهو برنامج يدور حول شخصية هيبية هو مايك ستيفيك الذي يسخر من جهل حميه المتمسك بالتقاليد آرتشي بانكر.

بعد عدة سنوات، كان رونالد ريغان الجمهوري قد انتخب لتوه في احدى أكبر الانهيارات الانتخابية في التاريخ الامريكي (حكم من 1981-1989) وقد فاز حزبه ايضا بالسيطرة على مجلس الشيوخ. وكان اثنان من اشهر الافلام في هذه الفترة هي (العودة الى المستقبل) الذي يحن الى الخمسينيات و(رامبو:الدم الاول الجزء الثاني) الذي كان يلقي اللوم في الهزيمة في حرب فيتنام على الجماعات المناهضة للحرب. ولكن المؤشر الاكبر كان استبدال برنامج (كل شيء في العائلة ) ببرنامج معاكس بعنوان (روابط العائلة) وهو حول شاب متأثر بمباديء الخمسينيات يسخر من والديه اللذين يحملان روح الستينيات.

إن الميول السياسية والثقافية التي عسكتها هذه التغييرات لم تكن مصادفة او غير ذات صلة ، وخلفياتها المتشابكة توضح سبب تشوهنا المستمر العائد لهذه التحولات.

واكبت أواخر السبعينيات واوائل الثمانينات ولادة صناعة محورها الحنين الى خمسينيات القرن و ماقبل 1965. كانت تتجلى في كل شيء من مطاعم الصغيرة الى الاعلانات التجارية الى عرض صور الزمان الجميل الى روايات مايكل شابون الى تمجيد شجاعة المحاربين القدماء في الحرب العالمية الثانية

لماذا الخمسينيات وليس الثلاثينيات او الابعينيات؟ باعتبارها الوجه الناصع الذي سبق الستينيات؟ لأن الخمسينيات خلت من أزمات العقود السابقة مثل الكساد الكبير او الحرب العالمية ، وقد كانت تسود فيها ثقافة الترفيه ومزاج (لايهم) وهو نفس ماكان يسود في الثمانينات.

مع انهيار رئاسة كارتر في 1978 وانطلاق ريغان في خطبه النارية ، بدأت حملة العودة الى (الايام السعيدة) تظهر في الافلام والبرامج والأزياء وحتى في الكتب مثل نشر اكثر من كتاب عن ذكريات ايزنهاور. بدأت في الأفلام موجة (مثالية) مثل فيلم (الشاهد) الذي يعكس الحياة النقية والبسيطة لجماعات الايمش ((جماعات دينية تعيش حياة ريفية ماقبل التكنولوجيا) كمعادل يناقض فوضى الجريمة في المدن . وكان هناك افلام سوبرمان وسوبرمان 2 الذي يحاول انقاذ المدينة المعاصرة من شرور مابعد الخمسينيات.

بشكل عام كانت الثقافة الشعبية تستحضر عالم الخمسينيات لجماهير الثمانينيات، وهي ذاكرة اصطناعية للخمسينيات حتى بمؤثرات صوتية معلبة.

كان اختيار رونالد ريغان مناسبا تماما لهذا التيار ، فقد كانت نجومية ريغان في السينما والتلفزيون تمتد من 1937 الى 1965 أي الى ماقبل (الفوضى) في النصف الثاني من الستينيات. ولهذا كان في خطبه يدعو الى العودة الى (الايام الحالمة) التي كانت قبل (الايام الصعبة) في مابعد منتصف الستينيات. وفي حفل تنصيبه وجهت الدعوة الى نجوم الخمسينيات مثل فرانك سيناترا وشارلستون هستون لإعادة الأضواء اليها. وحين اختارته مجلة تايم (رجل عام 1980) قالت عنه "فكريا وعاطفيا يعيش ريغان في الماضي" واشارت المقالة الى ان الرئيس الجديد يؤمن أن الماضي - الخمسينيات - هو مستقبله . وكان هذا في نظر المجلة ونظر امريكا: قمة المديح.

كانت النظرة في الثمانينيات الى فترة الستينيات هي محو محاسنها وتضخيم مساوئها وفوضاها.
وبدلا من تذكر أن الستينيات كانت زمن هبوط الانسان على سطح القمر ، عملت السياسة والاعلام على تذكر المدن المحروقة في ذلك العهد. وبدلا من تذكر تألق جون كنيدي ، ارتبطت الستينيات بزمجرات ليندون جونسون ، وبدلا من منافع الرعاية الصحية العامة ، يتذكر الناس الحرب على الإنفاق العام.

عملت السياسة والاعلام الامريكي على محاربة روح الستينيات بطريقين : المراجعة والكاريكاتير

بالنسبة للطريقة الأولى : كان بالتأكيد على الوطنية ، حب الوطن، الاخلاص لامريكا، الوحدة الوطنية، ، وكانت هذه هي الافكار التي استخدمها ريغان للنيل من الستينيات منذ ان قفز من هوليوود الى السياسة. فحين اصبح رئيسا كان يهاجم من يطالب بتجميد صناعة الاسلحة النووية باعتبارهم (خونة ) يريدون "وضع، الولايات المتحدة في مكانة اقل عسكريا واخلاقيا" وعمل الاعلام على وصف الستينيات وحركاتها الاجتماعية على انها (غير وطنية) و (غير امريكية) .

ولكن لم يكن هذا كل شيء ، كان لابد من استهداف الشباب الأمريكي بوسائل أكثر تأثيرا، وهكذا جرت المنافسة بين الخمسينيات والستينيات امام شباب ومراهقي الثمانينيات من خلال التنافس في الروعة بين البيتنك beatnik والمزيت /الشحام Greaser . وحسب المؤرخ دانيال ماركوس ، اصبح البيتنك يعرفون بانهم "طبقة متوسطة ، يسارية، مثقفة ومتركزة في نيويورك وسان فرانسيسكو" اي انها عرفت بشكل صورة الشخص المثقف الرقيق والراقي ولبرالي المقاهي وارتبطت باسماء مثل هارت ودوكاكيس وحاليا ترادف اسم كيري وسترايسند وسوروس. بينما كلمة (مزيت) اصبحت ترادف الكاوبوي المتمدن - شخص خشن "يحب السيارات والبنات والروك اند رول ومن الطبقة العاملة وعادة هو غير يهودي ومن العرق الأبيض، وبالتأكيد ليس مثقفا" وهذا البطل الذي ما زلنا نعبده بشكل جو السباك، وفي السياسة الخارجية من أصحاب التحدي المتهور"bring it on"

وقد عبر عن تيار البيتنك بعض النجوم الشباب في الثمانينيات مثل فونز وبروس سبرنجستين وباترك سويز، وافلام مثل روكي وفرق موسيقية مثل بون جوفي وبويزن poison، ودون أن ننسى الملابس الكاجوال مثل الجينز والتي شرتات الضيقة البيضاء.

في الثمانينيات، كان جيل الستينيات الهيبيز قد اصبح في سن الآباء التقليديين، وهكذا قد تخلص من فوضويته وتطرفه ودخل معترك الاعمال، وبدلا من المسيرات على الاقدام في الستينيات ، اصبحوا يستخدمون في تنقلهم سيارات ليموزين فاخرة. وكأنهم قد تخلصوا من (شرورهم) السابقة.

وبهذا تم الترويج لصنف جديد من البشر عرفوا باسم يوبيز yuppies وهي كلمة تختصر جملة (المحترفين الشباب المتمدنين) وبدأ غزو اليوبيز بأذواقهم الرفيعة وموضاتهم والتواءاتهم اللغوية ، رسميا حين اعلنت مجلة نيوزويك سنة 1984 عام اليوبيز ، بعد نشر دليل اليوبي والحملة الانتخابية للمرشح جاري هارت وقبل ان تنتهي الثمانينيات كان 60% من الامريكيين يعرفون معنى يوبي اكثر مما يعرفون اسم وزير خارجية البلاد. واليوبي هو الشاب الأنيق الذي يسعى الى الثروة والمكانة الاجتماعية ويرتدي الملابس الأنيقة ويحمل عادة حقيبة اوراق مهمة (وفي الوقت الحاضر، اللابتوب).

++

إضافات من عشتار العراقية:

لتعريف الأنواع الثلاثة من البشر في الخمسينيات - الستينيات - الثمانينيات وحتى الآن


بيتنك Beatnik

شباب يساري صاغ اسمه باستلهام القمر الصناعي السوفيتي سبوتنك، ولكنهم كانوا عازفين عن الدخول في المضامير السياسية، وكانت الحركة أدبية ثقافية على الأكثر تنحو نحو نبذ المادية والبحث في أعماق الروح. بدأت من نهاية الاربعينيات واستمرت حتى بداية الستينيات. كانت موضة ملابسه كما في الصورة : البيريه، والبلوفر ذو الرقبة، وكثرة التدخين . كانت ملابسهم تميل الى الاسود والابيض والمخطط.


الهبيز Hippies:

وهم الموجة التي اجتاحت الستينيات منذ منتصفها ، وهم امتداد (متطرف) لجيل البيت Beat، ولكنهم اكثر انشغالا بالسياسة وحركات مناهضة الحروب. يشربون المخدرات ويمارسون الجنس بكل انواعه بحرية (سميت الفترة : الثورة الجنسية) ويتمردون على كل التقاليد في اللبس والتصرفات الى درجة استفزاز المجتمع. كانت شعورهم طويلة ، وكانت ملابسهم ملونة وخليط من أزياء الهنود الحمر والاسيويين وغير ذلك ، واعتنق الكثير منهم الديانات الشرقية. كانوا مع الروحانية ضد المادية. تلتقيهم في الأزقة والحارات الخلفية.


اليوبيز Yuppies

هذه الموجة التي تم الترويج لها في الثمانينيات ، وهي الطبقة الرأسمالية المتطلعة للرفاهية والمكانة الإجتماعية والنجاح في الأعمال والحياة والسياسة ، ترتدي الملابس الرسمية وتحمل الحقائب. ولعل قدوتها اشخاص مثل دونالد ترامب. ماديون، ولايهمهم سوى توسيع تجاراتهم والبزنس وانتهاز اية فرص من أجل ذلك ، عادة لا يلتزمون بمباديء أخلاقية تحد من طموحاتهم.



الصورة الى اليمين (اليوبي التقليدي)

الصورة الى الأسفل (اليوبي المعاصر)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق