"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

31‏/3‏/2011

لماذا يحب الأمريكان علي عبد الله صالح؟ -2

الجزء الأول هنا
بقلم: جيرمي سكاهل
ترجمة عشتار العراقية

خلال حملة الانتخابات الرئاسية في 2008 حاول جون ماكين وجمهوريون آخرون تصوير براك اوباما بصورة من علق بلطائف الحريات المدنية والقانون الدولي فلا يستطيع التعامل مع خطر الارهاب الدولي.
لكن في الواقع، انه من اول ايام ادارته، كان الرئيس شديد التركيز على تصعيد الحرب السرية ضد القاعدة وتوسيعها الى ماوراء مستويات عهد بوش ، خاصة في اليمن.

في نيسان 2009 ، صادق الجنرال ديفد بترايوس وكان في وقتها رئيس القيادة المركزية (سينتكوم) على خطة طورت مع السفارة الامريكية في صنعاء، والسي آي أي ووكالات استخبارات اخرى لتوسيع العمليات العسكرية الامريكية في اليمن. لم تتضمن الخطة فقط التدريب على العمليات الخاصة للقوات اليمنية ولكن ضربات امريكية احادية ضد القاعدة في جزيرة العرب. وقد كان بترايوس واضحا في قوله ان الولايات المتحدة حرة في ان تضرب اينما تشاء. في الواقع اصدر امرا سريا من سبع صفحات يفوض فيه فرق صغيرة من قوات العمليات الخاصة الامريكية للقيام بعمليات سرية خارج ميادين القتال في العراق وافغانستان وقد صنف الأمر (LIMDIS) وهو مختصر (توزيع محدود) والأمر المسمى (امر تنفيذي لقوة مهام حرب غير تقليدية مشتركة JUWTF) يقدم ترخيصا واسعا لفرق العمليات الخاصة وكما قال مارك مازيتي من نيويورك تايمز الذي اتيح له ان يقرأ الأمر "على غير عادة العمليات السرية التي تقوم بها السي آي أي مثل هذا النشاط السري لا يتطلب مصادقة الرئيس او تقديم تقارير عنها للكونغرس"

(ملاحظة من عشتار: لهذا هناك حاليا صراع بين السي آي أي والجيش الأمريكي لأن القوات الخاصة التابعة للجيش اصبحت تقوم بعمليات كانت تقوم بها السي آي أي، وعمليات الجيش لا تحتاج الى تقديم تقارير عنها ولا مصادقة من الرئيس. مما يسمح بكل انواع التجاوزات والفظاعات. اعتماد الجيش الأمريكي على القوات الخاصة اصبح شيئا معروفا وعلى نطاق واسع والتنافس بين السي آي أي والجيش ليس بسبب الرغبة في القيام بهذه العمليات لوجه الله وانما لأنها تتضمن صرف اموال طائلة باسم العمليات وهي تذهب الى جيوب الفساد عادة خاصة ان الكونغرس لا يسائل الجيش على عملياته الخاصة كما يفعل مع السي آي أي)

أمر بترايوس يقدم غطاءا كبيرا للجيش للقيام بهذه العمليات في اي مكان خارج ميادين القتال ، وكان الجيش في السابق يستخدم غطاء (ان هذه القوات تحضر لأرض المعركة ) اي حين تكون هناك حرب وشيكة مثل افغانستان او العراق ولكن في حالة اليمن حيث لا حرب قادمة وهي بلاد موالية لأمريكا، وليس هناك ميدان حرب يتم التحضير له، فإن أمر بترايوس يبيح القيام بالعمليات (خارج ميادين القتال) .وهو شيء لم يكن مسموحا بهذه الطريقة الواضحة حتى في ايام بوش.

خلال 6 ايلول 2009 حين قابل صالح كبير مستشاري اوباما لشؤون مكافحة الارهاب جون برينان ، فتح الاول الباب واسعا للولايات المتحدة، متعهدا " عدم اعاقة العمليات الخاصة الامريكية لمكافحة الارهاب على الاراضي الوطنية اليمنية" حسب برقية دبلوماسية امريكية سربتها وكيليكس "اصر صالح على ان الارض الوطنية اليمنية متاحة لعمليات مكافحة ارهاب احادية تقوم بها الولايات المتحدة"

تبع ذلك اكبر هجوم عسكري امريكي على اليمن في التاريخ وهو جزء من برنامج سري اسمه انديجو سبيد Indigo Spade . في 17 كانون الاول 2009 شنت القيادة المشتركة طائرة مراقبة لمسح الاهداف المقصودة. انطلقت العملية في الفجر، حين اطلق صاروخ توماهوك من غواصة تقف في المياه خارج ساحل اليمن. وكان الصاروخ يحمل ذخيرة عنقودية ارتطمت بمجموعة من البيوت والمباني الاخرى في المعجلة وهي قرية في محافظة ابين الجنوبية . في هذه الأثناء شنت ضربة اخرى في ارحب وهي ضاحية في صنعاء تبعتها غارات على منازل مشبته فيها انها للقاعدة قامت بها قوات العمليات الخاصة اليمنية التي دربتها القوات الخاصة الامريكية التابعة للقيادة المشتركة كجزء من وحدة مكافحة ارهاب خاصة . وقد اسرع مكتب صالح لاصدار المصادقة على الضربات بسبب "معلومات" أن انتحاريي القاعدة يتحضرون لهجمات في صنعاء. كان الهدف في ارحب حسب التقارير الاستخباراتية منزلا للقاعدة فيه شخصية قاعدية مهمة هي الرعيمي.

حين اذيعت اخبار الضربات رفض البنتاغون في اول الأمر ان يعلق، موجها كل التساؤلات الى اليمن. اصدرت حكومة صالح تصريحا تتبنى فيه تنفيذ (مداهمات لقتل واعتقال مقاتلين) واتصل الرئيس اوباما بصالح ليهنئه ويشكره على تعاونه ويتعهد له باستمرار الدعم الامريكي"

ولكن بعد ذلك ظهرت صور عملية ابين. وبدأ المحللون العسكريون يشككون في امتلاك اليمن لنوع الاسلحة المستخدمة. ومن بين الاسلحة التي وجدت على الموقع كانت قنابل عنقودية من نوع BLU 97 A/B التي تنفجر في 200 شظية فولاذية حادة ويمكن ان تتناثر على اكثر من 400 قدم. وفي جوهرها يمكن وصفها انها الغام ارضية طائرة قادرة على تمزيق البشر الى اشلاء صغيرة. وهذه القنابل الصغيرة كان تحمل مادة مشتعلة هي الزركونيوم الحارق من اجل اشعال الحرائق في المواد القابلة للاشتعال في المنطقة المستهدفة. والصاروخ المستخدم في الهجوم وهو توماهوك نوع BGM-109d يحمل اكثر من 160 قنبلة عنقودية . ولا تملك اليمن ايا من هذه الذخائر.

انتشر الغضب في انحاء اليمن يشعله الافتراض ان القصف كان امريكيا، وارسلت الحكومة اليمنية وفدا للتحقيق. حين وصل الوفد الى القرية "وجدوا المنازل قد احترقت مع محتوياتها وكل ما بقي هو آثار أثاث، مع بقع دم للضحايا وعدد من الحفر في الارض اضافة الى عدد من القنابل غير المنفجرة" حسب التقرير الذي قدموه. وحدد التحقيق ان عدد الضحايا هو 41 من عائلتين بضمنهم 17 امرأة و 21 طفلا وليس بينهم الرعيمي وقال الناجون انهم لاينتمون للقاعدة. اصرت حكومة صالح ان 14 من عناصر القاعدة قتلوا ولكن التحقيقات اليمنية قالت ان الحكومة لم تستطع تقديم سوى اسم واحد لهؤلاء الأربعة عشر المزعومين. بعد اربعة ايام ، قتل ثلاثة مدنيين اخرين حين تعثروا بقنابل عنقودية غير منفجرة. بعد الضربة قال مسؤول يمني كبير لصحيفة نيوروك تايمز "تدخل الولايات المتحدة يخلق تعاطفا مع القاعدة . التعاون ضروري ولكن لا شك انه ينعكس على الشخص العادي فيتعاطف مع القاعدة"

وحسب الوثائق التي كشفت عنها وكيليكس ، ارسل السفير الامريكي في اليمن ستيفن سيشي Seche برقية الى واشنطن في 21 كانون الأول تشير الى الضربات . تقول تقول ان الحكومة اليمنية "تبدو غير مهتمة علنيا حول التسريبات غير الصادرة عنها حول دور امريكا والاهتمام الاعلامي السلبي بالضحايا المدنيين" تقول البرقية ان نائب رئيس الوزراء رشاد العليمي أبلغ سيشي بان "أي دليل على المشاركة الامريكية مثل شظايا الذخائر الامريكية المكتشفة في المواقع يمكن تفسيرها بانها اسلحة اشترتها اليمن من امريكا"

بعد اسبوع من ضربة ابين والهجمات الارضية قرب صنعاء، وقع الرئيس اوباما تصديقا على ضربة اخرى معتمدا في جزئها على معلومات قدمها سجين اعتقل في هجمة ارحب. هذه المرة كان المستهدف مواطن امريكي هو انور العولقي. في 24 كانون الاول قامت القوات الامريكية بضربة جوية في محافظة شبوة. وهي المحافظة التي ينتمي اليها أنور العولقي. اشارت الاستخبارات الامريكية واليمنية ان العولقي كان يجتمع مع رفاقه هناك بضمنهم الوحيشي، السكرتير السابق لبن لادن وقائد القاعدة في جزيرة العرب سعيد الشهري. واتهمهم المسؤولون اليمنيون بالتخطيط لهجمات على اهداف نفطية يمنية واجنبية.

قتلت الهجمات 30 شخصا وبدأت وسائل الاعلام تقول ان العولقي واثنين من القاعدة كانوا من بين القتلى. ولكن تلفزيون سي بي إس حاور مصدرا في اليمن قال ان العولقي حي والغارات كانت بعيدة عن منزله ولا علاقة له بالقتلى. وفي الاشهر التايلة ظهر العولقي والوحيشي والشهري في رسائل سمعية ومرئية.

وزاد اهتمام الادارة الامريكية على القاعدة في جزيرة العرب بعد اكتشاف ان عمر فاروق عبد المطلب (مفجر اللباس) الذي قيل انه حاول تفجير طائرة في كرسماس 2009 كان قد تلقى تدريبا في اليمن .

في بداية 2010 ، الغت ادارة اوباما امر اطلاق سراح اكثر من 30 يمنيا في غوانتنامو بسبب "الحالة غير المستقرة" في اليمن . وفي نفس الوقت استمرت الادارة في تقليل شأن الدور الامريكي في اليمن.

وكان المسؤولون الأمريكيون يلتزمون بخطاب علني واحد وهو "ان الولايات المتحدة تقدم فقط الدعم لعمليات مكافحة الارهاب اليمنية" وانهم لا ينوون ارسال قوات على الارض لأن اليمن بلد ذات سيادة.

ولكن رغم الانكار الرسمي، فإن المفتش العام لوزارة الخارجية الامريكية في تقريره حول السفارة الامريكية في صنعاء وجد ان "عناصر عسكرية يتزايد وجودها في السفارة " باعتبارها جزءا من "طابع عسكري امريكي يتوسع في اليمن" . في اواخر كانون الثاني 2010 ، تدخلت القيادة المشتركة في اكثر من 24 هجمات ارضية في اليمن بدأت مع ضربات 17 كانون الاول. ومات عشرات من الناس في الحملة في
حين اعتقل آخرون. في نفس الوقت بدأت القيادة المشتركة ترسل طائرات بدون طيار الى اليمن مع توسع الحرب السرية . ومابدأ وكأنه يوم من الضربات المنسقة تحول الى حملة مستمرة من الاغتيال المستهدف يجري تنسيقه من قبل القيادة المشتركة . ويقول نخلة وهو ضابط كبير سابق في سي آي أي "بعد حادثة عبد المطلب، اصبح صالح اكثر مساعدة لافعالنا. كان يقوم بدوره في اللعبة. يشيح بوجهه ونحن ننفذ عملياتنا العسكرية ضد بعض الجماعات الراديكالية هناك. وحين يتعرض للضغط يقول ان تلك كانت عملياته. لقد لعب اللعبة جيدا"

تعليق: الفرق بين باكستان واليمن في ردود الأفعال لضربات الطائرات بدون طيار : في باكستان تعترض الحكومة العميلة وتستنكر، في اليمن يغطي صالح ويقول انه هو الذي يقوم بالعمليات وليس امريكا لاسمح الله. وكأن قتل المواطنين يكون حلالا حين تقوم به الحكومة المحلية وحراما حين يقوم به الأجنبي.

الجزء الثالث هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق