"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

2‏/3‏/2011

العقيدة العسكرية - حرب العصابات - مكافحة التمرد-2

الجزء الأول هنا

ترجمة عشتار العراقية

مهام قوات مكافحة التمرد هي :

1- مقاتلة قوات المقاومة ولكن في نفس الوقت لديهم امكانية الحصول على قوة تكنولوجية متفوقة تأتي لنجدتهم عند الحاجة

2- جمع المعلومات عن تجمعات المقاومة وتغذية الجيش أو المخابرات بها

3- تجنيد وتدريب قوات محلية تقاتل، نيابة عنها، قوات المقاومة

4- تنظيم عمليات تهدف الى احداث شروخ بين المقاومة والسكان

الوحدات الأساسية التي تقوم بمهام مكافحة التمرد تقسم الى نوعين :

الأولى ، تلك التي تسمى (قوات خاصة) - وهم من المشاة المدربين تدريبا عاليا ويحملون اسلحة خفيفة - وهدفهم تنفيذ المهام الأولية. الثانية ، المزيد من القوات التقليدية اما ملحقة بالقوات الخاصة او متوفرة عند الحاجة ، هدفها تعزيز القوة المشتبكة

خلال المراحل الاولى لتورط امريكا في فيتنام، كانت وحدات مكافحة التمرد واسمها (القوات الخاصة ) أو ( البريهات الخضر) هي التي تنفذ هذه المهام.

كانت هناك نقطتا ضعف اساسيتان ولم يمكن تفاديهما في هذه الستراتيجية :

نقطة الضعف الأولى : عدد قوات مكافحة التمرد المدربة لم تكن كافية لصد المقاومة. ومقياس الكفاية هو ليس عدد رجال المقاومة . بل المسألة هي حجم السكان - بغض النظر عن ميولهم السياسية - فهؤلاء من ينبغي تصنيفهم واختراقهم للوصول الى عناصر المقاومة. هذا يعني ان هناك عدم توازن هائل بين قوات المقاومة وقوات مكافحة التمرد، وهذا اللاتوازن يزداد حدة في خضم الحاجة الى الأمن. المقاومة تعمل في بيئة ثرية بالأهداف. والحاجة الى توفير أمن مستقر ضد الهجمات على اهداف حساسة ، يولد حاجة اعظم للقوات المكافحة رغم انها ليست بالضرورة قوات مكافحة التمرد.

الحاجة الهائلة لقوات ملتزمة بقمع المقاومة لايمكن ان تديرها قوة خارجية . مالم تكن البلاد المستهدفة صغيرة جدا من ناحية عدد السكان والمساحة ، ستكون التكلفة اللوجستية لقوات اجنبية تكافح تمردا طويل الأمد وشديد الانتشار، باهظة جدا. هذا يعني ان النجاح يتطلب تجنيد وتدريب قوات محلية تخدم هدفين : الأول - تكون العمود الفقري لقوة المشاة الرئيسية ، في مجال الدفاع عن الأهداف الحساسة ، وتخدم ايضا لتعزيز القوات في الاشتباكات الرئيسية ، الهدف الثاني: طالما ان قوة مكافحة التمرد تحتاج عادة الى ارشاد (بلاغات) ثقافية وسياسية لعزل المقاومة عن السكان، فهذه القوات المحلية توفر الدعم الاساسي : من المترجمين الى المخبرين - لفريق مكافحة التمرد.

(هل رأيتم الدور الحقيقي القذر للمترجمين ؟ لقد كتبت عنهم ملفا كاملا )

هذا يأخذنا مباشرة الى نقطة الضعف الثانية

يمكن لعناصر المقاومة اختراق القوة المحلية بسهولة خاصة اذا كانت تلك القوة قد تأسست بعد انطلاق عمليات المقاومة . تجنيد عناصر للشرطة والجيش بعد انطلاق المقاومة يعني ضمان اختراق عناصر المقاومة في كل صفوف الجيش والشرطة. وطالما انه من المستحيل التمييز بين الميول السياسية باستخدام الوسائل التكنولوجية في الاستخبارات، فليس هناك وسيلة فعالة لفحص المتقدمين للوظائف في الشرطة او الجيش ، خاصة إذا كانت القوة الخارجية هي التي تنفذ وتنظم الجولة الاولى من التجنيد.

هذا يعني انه من بداية العمليات، اصبح للمقاومة ميزات مؤسسة. بعد اختراق القوة العسكرية المحلية ، سيتوفر لدى المقاومة كمية هائلة من المعلومات على المستوى التكتيكي والعملياتي.في هذه المرحلة تبدأ حركة المقاومة المتناثرة وقليلة العدد، في العمل وفق ميزات مهمة وهي المعلومات. يختبيء رجال المقاومة في الأرض التي يعرفونها او وسط السكان ، مسلحين بالمعلومات حول العمليات، يمكن هنا لهم اما الفر والتفرق أو الكر بانتهاز عنصر المفاجأة.

فعل العكس هو احد مقاصد قوات مكافحة التمرد، فكرة التشبه بقدرات المقاومة ومحاولة اختراقها على المستوى العملياتي بنفس الطريقة. ولكن هذا يبدو صعبا بالنسبة لقوات اجنبية للاسباب البديهية، كان من الصعب على أمريكي ان يزعم انه فيتنامي. يمكن ان يحدث بشكل نادر ولكن ليس على مستوى يحسم المعركة . وهذا يعني أن اختراق المستوى العملياتي - اي معرفة الخطط والتنفيذ- يعتمد على حلفاء محليين من الصعب الوثوق بهم ثقة عمياء.

وهكذا، فإن قدرة قوات مكافحة التمرد على محاكاة المقاومة كانت مقيدة. وفي فيتنام وافغانستان لم تكن المخابرات العملياتية لقوات مكافحة التمرد بنفس قوة مخابرات المقاومة أبدا. التصرف الطبيعي لمعالجة هذا الخلل هو استخدام معلومات استخباراتية غير دقيقة وتعويضها بعمليات واسعة النطاق.
إذن في مواجهة عدم توفر معلومات دقيقة لمواقع المقاومة ، يتم استخدام تشكيلات متحركة كبيرة تذهب لاحتلال منطقة كاملة ، في محاول للتعرف والاشتباك وتدمير تشكيلات المقاومة . ولهذا نتيجتان: الأولى - انتهاك قواعد الاقتصاد بالقوات حيث تستخدم كتائب للبحث عن مجموعات. في هذه الحالة فإن استخدام تفوق عددي هائل من القوات ، لايعني بالضرورة نجاحا ستراتيجيا. والمقاومة التي تتوزع على وحدات صغيرة فاعلة ، لايمكن ان يقضى عليها ستراتيجيا.

النتيجة الثانية - طبيعة العملية تخلق مشاكل سياسية حتمية . عمليات من هذا النوع لا تحكمه وحدات مكافحة تمرد متخصصة، وهي مدربة على الأقل على حرب تميز بين رجال المقاومة والسكان المحايدين او المؤيدين لهذا الطرف او ذاك. فبطبيعة العملية ، تستخدم قوات عادية للسيطرة على منطقة والبحث فيها عن المقاومة . وطالما ان المنطقة هي مسكونة وطالما ان القوات المهاجمة ليس لديها خبرة التمييز، فالنتيجة ستكون عادة اساءة معاملة السكان المدنيين ، مما يولد مشاعر العداء تجاه المهاجمين والتعاطف مع المقاومة . ثم بعد هذا يأتون بقوات مكافحة التمرد لاخضاع المنطقة. والنتيجة تكون غير مرضية وهذا أقل مايمكن قوله.

وهذا يؤشر على المشكلة الرئيسية في حرب العصابات .

الجزء الثالث والأخير هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق