"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

1‏/3‏/2011

نصيحة للجيش الأمريكي: لا تحارب ابدا حربا برية في آسيا-2

بقلم : جورج فريدمان*
ترجمة عشتار العراقية

الجزء الأول هنا.

معوقات الحروب خارج الولايات المتحدة

لنبدأ بالسؤال الأول وهو يخص السكان والمساحة. سكان العراق حوالي 32 مليون ، سكان افغانستان اقل من 30 مليون . الجيش الأمريكي يتكون من حوالي 1.5 مليون عسكري في الخدمة (اضافة الى 980 احتياط) منهم 550 الف في الجيش و 200 الف في وحدات المارينز. من المهم ملاحظة ان اقصى ما يمكن ان ترسله امركيا في اي وقت في العراق و افغانستان هو حوالي 200 الف وكثير منهم في ادوار دعم وليست قتالية. نفس الشيء انطبق على حرب فيتنام حيث كان التحدي هو ارسال حوالي 550 الف في بلاد عدد نفوسها اكبر بكثير من العراق او افغانستان. ونفس المشكلة في الحرب العالمية الثانية.

حين تحارب الولايات المتحدة في نصف الكرة الشرقي فهي تحارب على مسافات بعيدة، وكلما ابتعد الميدان في المسافة ، كانت التكاليف اللوجستية اعظم. فهناك حاجة لمزيد من السفن لنقل المعدات والجنود.

وبغض النظر عن عدد الجنود في الميدان ، فإنهم دائما اقل عددا الى حد كبير من عدد سكان البلاد التي يقاتلون فيها.واذا لجأ جزء من السكان الى حروب العصابات والتكتيكات الارهابية فإنهم سيتكاثرون في الحجم مما يضاعف اعدادهم عن القوات المقالة الامريكية ، كما حدث في فيتنام وكوريا.

في نفس الوقت يستغل العدو نقطة ضعف الجيش الأمريكي الاساسية وهي : الاستخبارات التكتيكية. المقاومة تقاتل على ارضها وهي تفهم طبيعة الارض والسكان . الولايات المتحدة تحارب في بيئة اجنبية . وهكذا تفتقد الى المعلومات . أي ان فعالية القوات المحلية تتضاعف بالمعلومات الاستخباراتية الممتازة، في حين فعالية القوات الامريكية تنخفض بنقص المعلومات.

الولايات المتحدة تعوض نقص الاستخبارات البشرية بالتكنولوجيا : المراقبة من الجو والنيران الجوية لمجابهة انظمة البطاريات المضادة . هذا يمكن ان يعوض ضعف المعلومات ولكن على حساب القوات المقاتلة . لأن اي مروحية او جهاز مراقبة من الجو يحتاج الى وحدات برية للمتابعة والصيانة وتحليل المعلومات الخ. مما يؤثر على عديد القوات المقاتلة في الميدان.اضافة الى انك تحتاج الى تدريب الوحدات المختصة بالمراقبة التكنولوجية وإراحتها وتبديلها ، مما يؤثر ايضا على القوة المقاتلة الفعلية.

المفارقة هنا هو انه من الممكن ان تكسب امريكا المعارك ولكنها قد تخسر الحرب. بعد التعرف على العدو يمكن للقوات الأمريكية قصفه من البر او الجو . فالمشكلة هي ايجاد العدو وتمييزه عن بقية السكان المدنيين. نتيجة لذلك يمكن القول ان الولايات المتحدة تستطيع أن تتميز في المراحل الاولى من القتال حين تكون المهمة هزيمة قوة تقليدية. ولكن بعد هزيمة القوات التقليدية ، يمكن ان تتحول المقاومة الى اساليب يصعب على المخابرات الاميركية التعامل معها. حينها يستطيع العدو ان يسيطر على اجواء المعركة بتجنب القتال حين لايناسبه والمبادرة بالقتال حين يناسبه (الكر والفر) .

يستخدم مثال هزيمة المانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية كشواهد على قدرة القوات الأمريكية لهزيمة دولة معادية. ولكن الألمان لم تهزمهم القوة البرية الامريكية وحدها، وانما كُسر ظهر الجيش الألماني بقتال السوفيت على ارضهم وميزة خطوط التموين القصيرة للجيش الروسي. وطبعا كانت بريطانيا ودول اخرى عديدة مشتركة . من المشكوك فيه ان تكون القوات الامريكية وحدها قادرة على هزيمة الالمان حيث لم يكن عديدها كافيا لهزيمة المانيا. ولكن الألمان لم يكن لديهم المزاج لاستمرار مقاومة الروس على ارضهم، ولهذا وجدوا في الاستسلام للامريكان والبريطانيين مثل ملاذ لهم من الروس. اما اليابان ، فالذي هزمها ليست القوات الأرضية الأمريكية وانما القوة الجوية وحروب الغواصات والقنابل الذرية . وكذلك رغبة الامبراطور في اعلان الاستسلام بعد الاتفاق مع ماكارثر على الاحتفاظ بمنصبه. ولو كان الامبراطور قد اطيح به، لأصبح احتلال اليابان اكثر تكلفة وأصعب. إذن لا ألمانيا ولا اليابان مثالان صالحان لهزيمة العدو وقمع المقاومة.

مشكلة الولايات المتحدة في نصف الكرة الشرقي هو ان حجم القوات المطلوبة لاحتلال بلاد هي اصغر عادة من القوات المطلوبة لتهدئة البلاد وارضاخها واسكات مقاومتها. وامريكا لا تستطيع ارسال اعداد كبيرة من جيشها لاخضاع البلاد المحتلة، فمهما يكن العدد الذي ترسله لابد ان يكون أصغر من المهمة التي لا يعرف أحد مداها او الحجم المطلوب من القوات لهزيمة مقاومتها .؟

الجزء الثالث هنا

هناك 3 تعليقات:

  1. اعتقد ان الفيصل في نجاح الحروب او فشلها هو الحرب نفسها اهدافها و مدى شرعيتها
    لا يمكن حرب باطلة تنجح في اهدافها
    مدى شرعية الحرب تؤثر في اشياء كثيرة اهمها معنويات الجنود و الرأى العام داخل البلاد و الرأى العام العالمي كله حتى لو اصر امراء الحرب على شرعيتها و استخدموا الآلة الاعلامية لتمرير اكاذيب تثبت هذه الشرعية يظل بداخل كل شخص ضميره الخاص به ليحكم عليها و هذا ينطبق على الجنود و على المدنيين الذين يسحبون الدعم المعنوي للجنود اذا كانت الحرب غير شرعية و كل هذا له تأثير في مجريات الحرب خاصة اذا كانت من النوع الذي يستمر مدة طويلة
    الولايات المتحدة و حلفائها انتصرت في الحرب العالمية بسبب انها حرب شرعية لان النازية كانت خطر حقيقي على الاقل على الدول المجاورة لها
    لو فرضا الولايات المتحدة غزت كندا او المكسيك او اى دولة من دول امريكا اللاتينية (((بدون وجه حق))) مثلما فعلت مع افغانستان و العراق هل يتوقع انها تنجح؟ علما بانها نفس الارض الامريكية و نفس البيئة و عدد سكان ضئيل و قريبة من امريكا مما يسهل الدعم اللوجستي
    مع انهم ممكن يهزموا الامريكيين في حرب العصابات لان دي بلدهم و ده يرجعنا لنقطة ان اى حرب خاااارج حدود بلدك مشكوك فيها و في شرعيتها....في كل مكان الوزارة المسئولة عن الجيش تسمى وزارة الدفاع و ليس وزراة الهجوم اى ان الحرب الشرعية الوحيدة هي التي تشن للدفاع عن النفس و حماية الحدود...كام مرة امريكا شنت حرب على ارضها حماية لحدودها!! تقريبا هي حرب الاستقلال عن بريطانيا بس....و الحرب الأهلية حدث و لا حرج

    اما بالنسبة لجزئية عدد السكان لا اعتقد انها فيصل في نجاح حرب او فشلها ....
    مثلا عدد سكان فيتنام لا يقارن بعدد سكان الولايات المتحدة
    لكن الصحيح هو مقارنة القوة البشرية التي يمكنها القتال و هي ايضا اعلى في امريكا (تقريبا امريكا الثالثة على مستوى العالم
    لكن ايضا في كل الاحوال لا يمكن تكون هذه القوة البشرية القادرة نظريا على القتال تنخرط فعلا في الخدمة العسكرية و يصبحوا جميعا من القوات النظامية...و اكيد نفس الشئ ينطبق على فيتنام (30 مليون اذا تم تصفيتها تصبح القوات النظامية اقل بكثير من تلك الخاصة بالولايات المتحدة)
    القوات الامريكية لما ذهبت الى فيتنام لم تحارب كل الـ 30 مليون او على الاقل لم يفترض بها ذلك لكنهم قتلوا الجميع نساء و اطفال

    شوفي الصور دي كدة..ستجدي ان الولايات المتحدة دائما في مركز متقدم (و مصر ايضا مقارنة باسرائيل)
    http://oi54.tinypic.com/2qlya6s.jpg
    http://oi53.tinypic.com/2psgjms.jpg
    http://oi55.tinypic.com/fx46ko.jpg

    مصدر الاحصائيات :
    http://www.globalfirepower.com/

    لو كان عدد السكان او عدد القوة البشرية المؤهلة للقتال يشكل فارق لكانت مصر لوحدها و لوحدها فقط سحقت اسرائيل و ازالتها من الوجود على فرض انها تحارب بعيدا عن الدعم الامريكي

    ردحذف
  2. المقصود في المقالة بعدد نفوس السكان في البلاد المحتلة مقارنة بعدد جيش الإحتلال وليس بعدد سكان البلاد صاحبة الجيش (امريكا) . يعني لو ارسلت امريكا 200 الف جندي الى بلاد عدد سكانها مثلا 500 الف نسمة كما في دويلات الخليج ، طبعا سوف يتغلب الجيش الأمريكي. ولكن حين يرسل نفس العدد الى بلاد سكانها 30 مليون ، شيئا فشيئا سوف يزداد عدد المقاومين ليتجاوز هذا العدد. يعني حين يصبح عدد المقاومين 250 الف بالتأكيد سوف يغلب جيش احتلال تعداده 200 الف.

    ثم ان ملايين الشعب المحتل سيكون ولادا للمقاومين جيلا بعد جيل، في حين ان جيش الاحتلال لايستطيع الاستمرار لاسباب لوجستية وسياسية وغيرها في نفس المكان لسنوات طويلة.

    ولهذا فإن مكافحة المقاومة (يسمى التمرد في لغة الاحتلال) له قواعد، ليست كلها عسكرية وانما هناك الجانب النفسي والمعلوماتي والتأثيرات الاعلامية والاقتصادية والاجتماعية الخ .

    ردحذف
  3. اذن الرهان هنا على الشعوب و قدرتها على سرعة توحيد صفها و بدء عمليات المقاومة خاصة اذا انهار الجيش النظامي.

    ردحذف