"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

8‏/4‏/2010

الليلة الأولى بعد الألف: صراع البارون والبارونة ج 2

قبل أن تقرأ هذا الموضوع لابد أن تقرأ الجزء الأول منه هنا.

بقلم : عشتار العراقية
حتى نفهم ماحدث، لابد أن نعرف اولا ان السيد آرتشر قد بدأ حياته العملية بعد تخرجه ببركة دعاء الوالدة من كلية اوكسفورد ، بالعمل في وظيفة charity fundraising وتبدو من اسمها (جمع تبرعات خيرية) انها وظيفة خيرية او تطوعية ولكن الأمر ليس كذلك. فهي شغلة تكسب ذهبا من اموال القشامر. . والأصل فيها أنك حين تريد مثلا الترشح لمجلس الدواب في المنطقة الخضراء وتحتاج الى جمع تبرعات لتغطية نفقات الحملة الانتخابية ، تتصل بواحد يمتهن هذه الوظيفة ، وتدفع له مصاريف سيقول لك عليها : اقامة حفلات ، تقديم مشروبات وبوفيهات ، جولات ، مصاريف نقل واتصالات الخ ، وهو عليه أن يقدم حفلات غنائية او حفلات ساهرة اخرى يجمع فيها الأغنياء واصحاب المصالح الخ من اجل جمع التبرعات. يعني شغلة مربحة ولكن مو سهلة .

وفي نفس الوقت انطلق آرتشر في عالم السياسة من خلال حزب المحافظين .وبسبب هذا العمل الذي يحتاج الى علاقات عامة وطيبة مع جميع الأغنياء، كان ومايزال يفتح بيته للسهرات والليالي الملاح الى الصباح. واحدى المنظمات التي عمل في جمع التبرعات لها هي (رابطة الامم المتحدة) اتهمته فيما بعد في فوارق في فواتير مصاريفه ونشرت ذلك في الصحف ورفع آرتشر قضية تشويه سمعة ضد عضو محافظ في البرلمان هو همفري بيركلي رئيس رابطة الامم المتحدة ثم سويت القضية خارج المحكمة بعد ثلاث سنوات. وحاول بيركلي ان يفنع حزب المحافظين ان آرتشر غير مناسب ليكون مرشحا للبرلمان ولكن الحزب لم يأبه لهذه الاتهامات.

بعد هذه القضية وفي 1969 انشأ آرتشر شركته الخاصة لجمع التبرعات (الخيرية) واطلق عليها اسم "مشاريع السهم arrow enterprises" وفي نفس العام فتح صالة فنون باسم جاليري آرتشر لعرض الفن الحديث ولكنه خسر وباع الجاليري بعد سنتين .

الآن نأتي الى صلته بالعراق.. في آيار 1991 نظم آرتشر حفلا موسيقيا لأغاني البوب لجمع تبرعات لأكراد العراق في حملة اسماها (الحقيقة البسيطة simple truth) وقد جلب الى الحفلة مشاهير النجوم الذين تبرعوا بأجورهم . (معلوم من الذي طلب منه هذا ومن قدم المصاريف لشركته) في 19 حزيران 1991 أظهر آرتشر شيكا بمبلغ 57.042.000 استرليني . وحوالي 3 ملايين استرليني جاءت من حفلة "كونسيرت الحقيقة البسيطة" و10 ملايين من الحكومة البريطانية وبقية 43 مليون من مشاريع معونة تابعة لحكومات خارجية . تأتي هذه الحملة بعد قضاء الحكومة العراقية على تمرد الأكراد بعد العدوان على العراق في 1991 ، وبسبب هذه الملايين التي جمعها آرتشر وهذا الخير المتدفق والذي لم يكن في الحسبان أوصى جون ميجور رئيس الوزراء حينذاك بمنح اللقب النبيل للنصاب آرتشر في عام 1992.

في نفس العام كتب (صندوق إغاثة الأكراد) الى آرتشر رسالة تقول " لابد أن يهمك ان تعرف أن اللاجئين الكرد لم يروا ايا من المبالغ الضخمة التي جمعت في الغرب باسمهم" وتشكت الجماعات الكردية من انه ليس أكثر قليلا من 250 الف استرليني هي التي استلمتها تلك الجماعات في العراق .

وهنا برزت البارونة النصابة الاخرى والتي كانت تجد في آرتشر غريما في عدة مجالات فهو مثلا كان من عائلة عادية (كما رأينا) وهي ارستقراطية تتحدر من عائلة نواب في البرلمان ، ومع ذلك فقد حاز مناصب في حزب المحافظين اكبر مما حازت هي كما انه منح لقب بارون قبلها بخمس سنوات، ولهذا كانت تسعى لتسقيطه بكل الطرق (غير النبيلة) ، اضافة الى انه برز الآن منافسا في النهب باسم كوارث العراق وكان معظم عملها مع اخواننا في الجنوب ومع ايران والكويت في تلفيق تهم اسلحة الدمار الشامل للحكومة الوطنية في العراق وكانت هي ايضا اقامت جميعة (خيرية) باسم (منظمة عمار ) للتربح من قضية اهوار العراق. أي أن البارون كان مختصا بالشمال والبارونة بالجنوب. طبعا البارونة شاطت وزمجرت وكتبت ونشطت وظهرت في المحطات والاذاعات وقالت "لاشيء من 57 مليون استرليني قال آرتشر انه جمعها وصلت الى الشعب الكردي." .

وقد وجد محاسب الصليب الاحمر البريطاني انه لم يتسلم اية تبرعات من آرتشر ولكنه شكك في صحة حصول آرتش على 31.5 مليون من حكومات خارجية . وقالت الشرطة انها سوف تقوم بتقدير مبدئي للحقائق ولكنها لم تفعل ذلك .
بعد هذا تركت هذه القضية ، بل أن آرتشر زار شمال العراق وسوف أفصل لكم هذه الزيارة في الحلقة القادمة، .وكما علمنا آنفا أن آرتشر ترشح في 1999 لمنصب عمدة لندن ولكن اثيرت قضية العلاقة الجنسية مع مونيكا وكذبه بشأنها خلال محاكمة 1987 وحصوله على تعويض تشويه سمعة. ولكن بعد نشر سكرتيره السابق ادلة على كذبه في تلك القضية ، سحب ترشيحه وطرد من حزب المحافظين في 4 شباط 2000 لمدة خمس سنوات. وحكم عليه في ايلول 2000 بالكذب وعرقلة العدالة في قضية 1987.

من غرائب اختلاط الخيال بالحقيقة في حياته أيضا انه قبل محاكمته الاخيرة كان يقوم بدور البطل في مسرحية من تأليفه تدور في قاعة المحكمة بعنوان (المتهم) وكانت تدور حول متهم بالقتل . كان اسلوب المسرحية هو ان يكون الجمهور هو (المحلفون) وكان عليهم ان يصوتوا ما اذا كانت الشخصية التي يقوم بها آرتشر بريئة او مذنبة في نهاية المسرحية . وكان آرتشر يحضر محاكمته الحقيقية خلال النهار ومحاكمته المسرحية في الليل.
بدأت محاكمته الحقيقية في 30 آيار 2001 وحكم عليه بالسجن اربع سنوات وفي عام 2003 اطلق سراحه بعد أن قضى نصف المدة وعاد الى اقامة الحفلات واستقبال نجوم المجتمع ولكنه ركز نشاطه على الكتابة والقاء المحاضرات في الجامعات .

الشيء الغريب أن البارونة نيكلسون سكتت عليه عشر سنوات منذ 1991 حتى سجنه في 2001 حيث قامت بابلاغ شرطة سكوتلانديارد قائلة "كان هذا موضوع يؤرقني طويلا وانا سعيدة انه اصبح من الممكن القاء الضوء عليه لأني اعتقد ان الكرد تلقوا معاملة سيئة" وأضافت " سوف تستدعي لجنة الحسابات العامة تحقيقا حول التبرعات التي ذهبت الى جيفري آرتشر من الحكومة في ذلك الوقت " وكان كما قلنا جون ميجور قد تعهد بدفع 10 ملايين استرليني.

وقالت " الشعب الكردي يشعر بانه قد خذل. وقادته يأتون الي ليقولوا انهم لم يستلموا اي شيء من مبلغ هائل من النقود التي يمكن ان تقدم خيرا كثيرا "

"اعتقد أن الشعب الكردي حرم مرتين : مرة من الاموال التي وعد بها جيفري آرتشر وكذلك لأن اناسا كثيرين كان يمكن ان يتبرعوا بأكثر لو لم يقال ان التبرع قد تم"

في 2002 هدد آرتشر وكان في السجن على لسان زوجته الليدي آرتشر بأنه سوف يقاضي ايما نيكلسون على تلطيخ سمعته. وحدث تراشق علني بالكلمات بين البارونتين . وهددت البارونة آرتشر البارونة الاخرى في رسالة بأن زوجها السجين سوف يرفع عليها قضية تشويه سمعة اذا لم تعتذر عن اتهامه ، واجابت البارونة ايما قائلة للصحافة بما معناه "ماعندي رد عليها . هاي مرة مسكينة زوجها بالسجن!" وقال القانونيون "اذا رفع آرتشر دعوى فلن يكسبها لأنه لم يبق من سمعته مايخاف عليه من التشويه"

وكان البارون والبارونة رفاقا في حزب المحافظين كما أسلفنا ، ولكن نيكلسون غادرت الحزب وانضمت الى الديمقراطيين اللبراليين ، وقد حصلت على لقب النبالة في 1997.

وفي صحيفة الشرق الأوسط في 21 تموز 2001 نشر الخبر التالي:

قالت البارونة إيما نيكلسون إن اللورد جيفري آرتشر «اختلس» أموالاً كان قد جمعها على شكل تبرعات للاجئين الأكراد العراقيين إثر حرب الخليج الثانية. وجاء ذلك في ندوة تلفزيونية إخبارية بثتها أول من أمس القناة الثانية لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) للتعليق على اعتقال نائب رئيس حزب المحافظين الأسبق. وقالت السياسية التي استقالت من حزب المحافظين قبل سنوات قليلة، إنها تملك الادلة الكافية على تورط آرتشر في «سرقة» تبرعات كان يفترض بها أن تذهب بالكامل لأكراد العراق. وكانت البارونة نيكلسون التي ترأس جمعية «عمار» الخيرية لمساعدة اللاجئين العراقيين، على صلة وثيقة بالحركة الوطنية العراقية منذ سنوات. ويذكر ان اللورد ارتشر ادين اول من امس في محكمة بريطانية بتهمة اعاقة العدالة وحكم عليه بالسجن 4 سنوات.

إلى ذلك أفاد مصدر كردي مطلع طلب عدم ذكر اسمه أن «اللورد آرتشر قد نظم حفلة فنية (شارك فيها عدد من نجوم الغناء البريطانيين) بقصد جمع التبرعات للأكراد في أعقاب الهجرة الكردية بعد طرد الجيش العراقي من الكويت». وأضاف في اتصال مع «الشرق الأوسط» : «لقد سألناه نحن وغيرنا من الجهات الكردية يومذاك عما إذا ذهبت العائدات كلها التي بلغت 57 مليون دولار الى اللاجئين، فقال إنه سلم ريع الحفلة الى منظمة الصليب الأحمر البريطانية التي تولت توزيعها على اللاجئين». بيد أن المصدر نفى معرفته بما اذا كانت الاموال قد وصلت ام لا الى اللاجئين، مشدداً على أن أي جهة أو حزب كردي لم يتسلم أي جزء من هذه التبرعات». وزاد: «لست متأكداً من صحة التهمة لأنني لا أملك أي دليل يؤكد وصول التبرعات الى أصحابها أو عدم وصولها». وقال ناشط كردي آخر اعتذر عن عدم ذكر اسمه وكان يعمل في «نداء الكارثة الكردية»

المسؤول عن جمع التبرعات، لـ«الشرق الأوسط»: «إن اللورد آرتشر تجاهل استفساراتنا عن مصير التبرعات وقيمتها الحقيقية، إذ لم نكن متأكدين من أن المبلغ وصل الى 57 مليون دولار، فاضطررنا الى نشر إعلان في صحيفة «الغارديان» البريطانية احتل صفحة كاملة كان عنوانها العريض: أين الاموال يا سيد آرشر؟». وأضاف: «لقد أثار الاعلان اهتماماً واسعاً، الامر الذي دفع رئيس الوزراء حينذاك جون ميجر الى تكليف وزيرة التنمية الدولية لينا تشوكر بالتحقيق في الامر (...) وقد أعلنت الوزيرة بعد اجتماع عقدته مع مفوض الامم المتحدة السابق للاجئين الامير صدر الدين آغا خان إلى أن قيمة التبرعات التي أعلنها آرشر صحيحة وأنها كلها قد وزعت على أصحابها». ولدى سؤاله عن سبب عدم متابعة الامر رغم أن الجهات الكردية لم تكن واثقة من صحة ماقالته الوزيرة السابقة، أكد الناشط أن «النقد الذي تعرضنا اليه في بريطانيا وخارجها، وخصوصاً من إخوتنا في كردستان الذين قالوا إن الاعلان بدأ يلحق الضرر بعلاقات الحركة الكردية مع الخارج ويدفع البعض الى الامتناع عن مساعدتنا (...) كل هذا أجبرنا على الصمت». وأكد أن «الاموال كانت في رأيي الشخصي أقل بكثير من المبلغ الذي ذكره آرتشر.

ومعلومات اخرى تقدمها الشرق الاوسط حول القضية وحول (سبب اطلاق حملة التبرعات هو طمع آرتشر في الحصول على عقد نفط من الأكراد)

(وجهت البارونة إيما نيكلسون اتهامات للورد البريطاني جيفري آرتشر باختلاس أموال حملة تبرعات «الحقيقة البسيطة» التي نظمها العام 1991 لمساعدة اللاجئين الاكراد. كما قيل انه كان يرغب في الفوز بصفقة نفط كردي مربحة كانت السبب الذي دفعه الى إطلاق الحملة التي ذكر أنها تمخضت عن جمع 57 مليون جنيه استرليني.

وجاءت الاتهامات في أعقاب الحكم على نائب رئيس حزب المحافظين السابق بالسجن أربع سنوات بعدما أُدين بتضليل القضاء. وفي هذه الاثناء كُشف النقاب عن أن ريع الحفلة الغنائية التي كانت ذروة حملته لجمع التبرعات، كان أقل بكثير مما قاله اللورد السجين. وللوقوف على حقيقة هذه الادعاءات، دعا الدكتور شفيق القزاز، وزير المساعدات الانسانية والتضامن في الحكومة الكردية التي يديرها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والقيادي الكردي الدكتور محمود عثمان، في حديثين مع «الشرق الأوسط»، الى إجراء تحقيق واسع. وأكد متحدث باسم جمعية «الصليب الاحمر البريطاني» التي أشرفت على حملة التبرعات أن الامر يخضع حالياً لتحقيق داخلي.

وصرح ناطق باسم اسكوتلانديارد لـ«الشرق الاوسط» بأن دوائر الشرطة البريطانية قد تلقت رسالة من البارونة نيكلسون في 24 يوليو (تموز) الماضي (حول تورط آرتشر في اختلاس التبرعات) وقد «بدأنا عملية تقييم الادلة للتأكد مما إذا كانت تكفي للقيام بتحقيق في صحة هذه الادعاءات». وأضاف إلا أن «قراراً بهذا الخصوص لم يُتخذ حتى الآن فالقرائن لا تزال قيد الدرس». وفيما نفى توفر أي معلومات لديه عن «اتصال اسكوتلانديارد بالسلطات الكردية» في إطار استعداداها لفتح التحقيق، قال الوزير الكردي لـ«الشرق الأوسط» إن «الجانب الذي لفت نظري هو أن آرتشر لم ينفِ أن التبرعات بلغت 57 مليون جنيه، والرقم يحظى بما يشبه الاجماع، وحتى الآن لم ينفه أحد». وعدا عن أن المبلغ لم يصل لاصحابه «وكل ما يدور حول التبرعات هو معلومات سماعية، اذ ليس هناك وثائق أو مستندات» تؤكد الحقائق بصورة قاطعة. وقد سمع الدكتور القزاز أن «المبلغ الضئيل الذي وصل الى الاكراد، إذا تم هذا فعلاً، أتى من فرق العملة ولا أعرف كيف حصل ذلك وما وصل لم يتجاوز الاربعة أو الستة بنسات من الدولار الواحد».

ولدى سؤاله عن صحة ما تردد عن أن آرتشر حاول اقتناص صفقة نفط في كردستان ـ حسبما ما نسبته صحيفة «صنداي تايمز» إلى رجل الاعمال الكردي سردار بيشدري ـ الأمر الذي يرجح أن مساعدة الاطفال والاجئين الاكراد ربما كانت آخر ما فكر به في الحقيقة، قال المسؤول «أنا أعرف سردار شخصياً، وعندي نوع من الالمام بمسألة النفط الكردي والصفقة الكردية النفطية (التي تمت محاولات لإبرامها) من جهة آرتشر أو غيره، وبإمكان السيد سردار أن يتحدث بالتفصيل عن هذه القضية لأنه ملم بها». إلا أنه سارع الى التأكيد أن «هناك كثيرا من الغموض في هذه القضية يكاد يعادل الغموض الذي يلف موضوع الـ57 مليون جنيه استرليني». وأضاف «في النتيجة لا الاخ سردار ولا الاكراد ولا السيد آرتشر استفاد من قضية النفط أو وضع المشروع الذي ذكره الاخ سردار موضع التطبيق». وعما إذا كانت هذه النتيجة المجحفة بحق الاكراد، قد دفعتهم الى التشكيك بالمنظمات الخيرية التي أشرفت على الحملة وأثارت لديهم تساؤلات عن مصداقية المنظمات الانسانية بصورة عامة، شدد المسؤول المكلف ملف المعونات الانسانية على أن السلطات الكردية تتعامل يومياً مع حوالي عشر منظمات عالمية، منها الامم المتحدة في إطار برنامج واسع جداً. هناك استفسارات عن كيفية تطبيق البرنامج، لكن هذا يختلف عن موضوع غياب مبلغ كبير لا يعرف أحد عنه شيئاً. ومن ناحية ثانية، قلة اهتمام الاكراد بتفاصيل الامور كانت تعود في الحقيقة إلى ثقتهم بالصليب الاحمر (الجهة المنظمة)، ولا استثني نفسي من ذلك. فهي منظمة معروفة وذات رصيد عالمي وليس بريطاني فحسب. وللحفاظ على هذه السمعة الطيبة، أهاب الوزير القزاز بـ«الصليب الاحمر أن تقوم بتحقيق في الامر».

وقال الوزير حول ما تردد أن ناشطين أكرادا قاموا في الماضي بجمع تبرعات لم يسلموها لأصحابها، أكد الدكتور القزاز عدم وجود معلومات لديه حول أي حملة تبرعات كردية من هذا. وأضاف «الحملة الوحيدة التي أعرف عنها نظمها العام 1991 المركز الثقافي الكردي الذي كنت من أعضاء لجنته الادارية، وتزامن جمع التبرعات مع إضراب أمام السفارة الاميركية كنت من المشاركين فيه، وأخذ الناس يضعون تبرعاتهم في صناديق بسيطة (بصورة عشوائية) وكان المبلغ مختلفاً كثيراً عن المبالغ الضخمة المذكورة في قضية الحقيقة البسيطة، وأُرسلت الاموال الى الجهات الكردية ولا بد أن هناك سجلات بالأمر لدى المركز الثقافي تدل على كيفية صرف هذه المبالغ». وعند استيضاحه عن سبب عدم التعاطي مع حملة «الحقيقة البسيطة» بالصرامة ذاتها، أوضح ان «معلوماتي أنا والاكراد الذين كانوا في بريطانيا آنذاك ليست معلومات مباشرة، فاللأسف الاكراد لم يشتركوا في تنظيم الحملة». بيد أن آرتشر زار كردستان والتقى هناك زعماء ومسؤولين وقفوا معه على نفس المنبر في مسيرات شعبية، الأمر الذي دفع مراقبين الى تحميل القيادات الكردية جزءاً من المسؤولية لا سيما أنها سكتت عن اللورد على رغم ارتيابها به بعدما عجز عن تقديم إجابات شافية حول مصير التبرعات التي لم تصل. وفي تعليق على هذا «التقصير» المزعوم أعرب الوزير القزاز عن قناعته في أن «هذا موقف طبيعي» ومبرره يكمن في «الوضع الذي عاشه الشعب الكردي في ذلك الوقت حين كان في حاجة الى أي يد تمتد إليه، ولا شك أن القيادات الكردية والأكراد جميعاً رأوا في آرتشر شخصية مرموقة وكاتبا معروفا. وهو أبدى حماساً للقضية الكردية، كما أتى ليقدم مساعدة إنسانية صرفة للجماعة الكردية. ولذلك كان من الطبيعي أن تفتح القيادة الكردية ذراعيها لشخص من هذا النوع». وزاد موضحاً سر عدم الالحاح بالسؤال على آرتشر عن التبرعات، فقال «إن الاكراد قيادة وشعباً لا يشجعون حتى الآن توجيه أي اتهامات إلى أي شخص لأن البريطانيين أنفسهم لا يزالون يتخبطون في موضوع الـ57 مليون جنيه، التي يلفها غموض كبير. فالأرقام متناقضة والمعلومات متضاربة الى حد كبير، لذلك لا أعطي لنفسي الحرية باتهام أحد. لكن مع هذا هناك أسئلة تنبغي الاجابة عليها». إلا أن السياسي الكردي البارز الدكتور محمود عثمان أكد في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن القيادات الكردية تتحمل «بدون أدنى شك» قسطاً من المسؤولية لعدم متابعتها أمر التبرعات مع آرتشر. وأضاف «ينبغي توجيه الاسئلة الى الحزبين الرئيسيين، فهو قد حل ضيفاً عليهما، وقد نُظمت استقبالات ضخمة له وكانت له شعبية كبيرة». وبينما أعرب عن تفهمه للرغبة بعدم إثارة الموضوع حرصاً على العلاقات مع بريطانيا،

شدد على أن «العلاقات والمساعدات البريطانية لم تكن لتتأثر بهذه الاسئلة، لأن من مصلحتهم (البريطانيين) أن لا يحدث ما حدث». وذكر الدكتور عثمان «لقد التقيت آرتشر في مصيف صلاح الدين خلال وليمة أقامها على شرفه مسعود بارزاني في يناير (كانون الثاني)، اي بعد حوالي تسعة أشهر من الحملة. ووجهت إليه سؤالاً مباشراً قائلاً المبالغ لم تصل بعد والناس في حاجة إليها فأين هي ولمن أُعطيت إلخ؟ انزعج من سؤالي وحاول تغيير الموضوع، وقال أنا سآتيكم بالمليارات عن طريق الامم المتحدة. ومنذ ذلك الحين انتابني الشك بالامر». ولفت إلى أن الموضوع كان غامضاً «وفي وقتها طالبت القيادة الكردية بمتابعة الامر لأن التبرعات جُمعت للأكراد وهم يحتاجونها، بيد أن موقفي هذا لم ينل التأييد».

وعن الادعاءات التي نُسبت إلى آرتشر حول مسؤولية النظام العراقي عن فقدان جزء من التبرعات التي جُمعت، أكد القيادي الكردي «لا اعرف شيئاً عن ذلك». وأضاف إن «منظمات دولية إنسانية كثيرة كانت ترسل المساعدات عن طريق بغداد»، مشدداً على أن «تحقيقاً في الموضوع من شأنه أن يكشف النقاب عن الحقائق كلها». وأعرب عن رأيه في أن تحقيقاً كهذا سيسلط الضوء أيضاً على مدى صدق شائعات عن «اختفاء» تبرعات جمعها أكراد لمواطنيهم، موضحاً أن «لا معلومات أكيدة لدي عن ذلك، لكن قيل ان هناك جهات كردية حصلت على تبرعات لضحايا حلبجة وبعضها لم يصل».

ومن جهته، أكد متحدث باسم «الصليب الاحمر البريطاني» لـ«الشرق الاوسط» أن الجمعية ليست مذنبة ولم تتستر على آرتشر. وقال «نعتبر هذه الاتهامات غير منصفة لاسيما أننا منظمة معروفة باستقامتها وتفانيها في مساعدة اللاجئين والمنكوبين في أنحاء العالم». وأضاف «نحن واثقون من أن التبرعات التي جُمعت في بريطانيا، وبلغت 9،2 مليون جنيه استرليني، قد وصلت الى أصحابها عبر قنوات شتى منها لجنة الصليب الاحمر الدولية». وفي رد على سؤال حول مصدر التبرعات البريطانية وما إذا جاءت كلها فعلاً من حملة «الحقيقة البسيطة» التي نظمها آرتشر، قال المتحدث «لقد أتت خمسة ملايين من الحكومة البريطانية، والجزء المتبقي جاء من مصادر عدة أحدها الحفلة المذكورة». وفيما اعتذر عن عدم التعليق على ما قاله آرتشر أو اتُهم به، لفت إلى أن الحقائق والارقام المتعلقة بالتبرعات البريطانية ليست كلها في حوزته. وزاد «نحن ننقب حالياً في الملفات والوثائق الخاصة بالحملة، التي لم نتلفها خلافاً لما رددته تقارير صحافية أخيرة، ونأمل أن يكشف التحقيق الذي نجريه عن ملابسات الموضوع، بيد أن ذلك سيستغرق وقتاً لابأس به». وأعرب عن استعداد «الصليب الاحمر البريطاني» للتعاون مع شرطة اسكوتلانديارد ووضع كل الوثائق الت ي في حوزتنا تحت تصرفهم إذا قرروا أن يحققوا في الامر.)
++
في احد كتبه يقول الكاتب جيفري آرتشر هذه الجملة ( إن الفارق الوحيد بين السيد النبيل وبين القرصان الحقيقي هو مع من يتقاسم كل منهما غنائمه ) فمع من تقاسم السيد آرتشر غنائمه ياترى ؟
لقد دعي الى شمال العراق بعد واقعة جمع التبرعات (وعدم تسليمها) في 1991 الى شمال العراق من قبل العصابات الكردية واستقبل استقبال الأبطال. ولكن سوف نأتي على تلك الزيارة بالتفصيل فيما بعد.
بعد أن هدد آرتشر وهو في السجن البارونة النصابة نيكلسون برسالة ارسلها عن طريق زوجته، تراجعت البارونة واعتذرت علنا بعد كل هاي الهوسة قائلة انها لم تتهم آرتشر بالسرقة ولكنها ارادت ان تسأل اين ذهبت الاموال لأن الأكراد لم يصلهم شيئا منها . ثم تدخل الصليب الاحمر البريطانية الذي تعاون مع آرتشر في تنظيم حملة (الحقيقة البسيطة) بالقول ان الاشكالية هي في رقم الأموال المتبرع بها ، فقد ظن آرتشر انه سوف يجمع 57 مليون ولكنه في الواقع لم يجمع سوى 8 ملايين وهذه معروف اين ذهبت (لماذا اذن يقول الاكراد انهم لم يتسلموها؟).

أين ذهبت الأموال وقبل ذلك ماذا كان في تلك الرسالة ياترى ؟

تعالوا نشوف شنو القضية وسوف نستطرد بكم الى قصة اخرى من قصص ألف ليلة وليلة . الحلقة الثالثة هنا

هناك 3 تعليقات:

  1. عفية عليچ عشتورة .... انت سويتي الـ ما گدر أيسويه وزير الكهرباء !
    هاي ليلتين راحت ! بقت 999 ليلة !!


    عراق

    ردحذف
  2. السلام عليكم

    العزيزة عشتار تعالي انسوي مثلهم مو ننصب على الناس بس ننشر هذة المقالات بكتاب وعله حسابي ونسميه مصايب العراق ومشكورة على هذا المجهود

    و اسلمت

    ردحذف
  3. اخوي (واسلمت) لقد نشرت قبل أشهر اطلب من دور النشر التقدم لنشر المقالات لأنها فعلا تحتاج الى النشر وانا لا أملك الامكانية لنشرها. وقد تقدمت دار نشر سورية واتفقنا على نشر مجموعة مقالات (الاحتلال وتجارة الرقيق) فقط ، وماتزال مجموعات (اكذوبة اعادة الاعمار) وهي التي فيها كل هذه المصائب ومجموعة (مصنع الأكاذيب) وفيها كل الكذابين . وهي كلها اسرار لم يكشفها أحد قبل غار عشتار .

    فإذا كانت لديك الامكانية لنشرها ، اي ان يكون لديك دار نشر او تعرف دور نشر ، فأرجو ان تنشرها لحسابك ولن اطالبك سوى أن أقوم بالاشراف على النشر والتصحيح و 25 نسخة. للعلم هذه مقالات يمكن ان تضرب السوق.

    ردحذف