"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

3‏/6‏/2009

مصنع الأكاذيب 3: كيف تؤلف فيلما هنديا وتنجو بفعلتك !

الحلقة الثانية هنا
بقلم عشتار العراقية

يعرف كتاب القصة والرواية ماذا يقصد بمصداقية النص. حتى وانت تكتب قصة خيالية ، لابد ان تكون الأحداث منطقية تؤدي مقدماتها الى نتائجها. أما اذا امتلأ النص بأحداث ميلودرامية ومصادفات عجيبة ، فذلك يحول المكتوب الى فيلم هندي. ليس معنى هذا ان الحياة الواقعية خالية من الميلودراما والصدف الفاقعة والمفاجآت السعيدة غير المنطقية، ولكنها في الأدب تبدو فاقدة المصداقية.

هذا بالضبط مافعلته جين ساسون في كل كتبها التي تريد ان تقنعنا انها تاريخ : كانت تكتب افلاما هندية!! وهذا النوع من الأفلام ، يحتاج حتى يشتهر ، الى مشاهد يتصف بما يلي، أن يكون:

1- غريرا يصدق اي شيء(تعبير مهذب عن صفة ساذج)
2- جاهلا بالتاريخ والجغرافية
3- لديه فضول لمعرفة المجهول
4- رومانسيا يعيش في الخيال
5- عاطفيا يفكر بقلبه وليس بعقله
6- لديه حاجة للهروب من واقعه الى عالم ساحر وغامض
وطبعا هذه صفات الأطفال وهم على أعتاب البلوغ ، اي المراهقين. وهذا يفسر لماذا كنا (معظمنا على الأقل) مدمنين على الأفلام الهندية في تلك السن الصغيرة. بعد ذلك، الكثير منا كبر ونضج وبدأ في البحث عن الافلام الواقعية، افلام الحياة العادية، والابطال العاديين ، ولكن بعضنا ظل غريرا. ويبدو ان قراء جين ساسون هم من هذا النوع. ولهذا رغم رواج كتبها بين القراء الا انك لا يمكن ان تجد ناقدا جيدا تناول كتبها بالنقد. هناك دراستان مهمتان عن كتبها وكلتاهما تعتبرانها ترسا في ماكنة الاستعمار الجديد.

وهي وناشروها قد أجادوا تغذية احلام يقظة هؤلاء القراء ، فترى أغلفتها جميعا تصور نساء غامضات وراء الحجاب. الأغلفة واحدة مهما اختلفت بيئة واجواء القصة ، فالنساء كلهن وراء حجاب الحريم سواء كن في السعودية او العراق . المرأة الوحيدة التي ظهرت مكشوفة الوجه على غلاف احد كتبها، هي من "كردستان" ، باعتبار ان هذه المنطقة اكثر تحضرا من بقية العراق !! والنساء هناك أكثر تحررا من نساء بغداد !! كما ان قصصها تنصب جميعا على نساء من طبقات عليا : اما أميرات او من عائلات ذات جاه وتاريخ ، بطلات من مستوى أعلى من القاريء العادي الذي ينكب على مثل هذه الكتب لنسيان حياته المضنية. بطلاتها دائما مضطهدات في انتظار "أمريكا" لتحريرهن بشخص ساسون ذاتها ، وهكذا يطلبن منها كتابة قصص حياتهن ليقرأها الناس. حتى ميادة بطلة كتابها الثاني في العراق وهو مدار حديثنا اليوم، وهي صحفية ومتحدثة بارعة بالانجليزية ولكنها تطلب من ساسون ان تكتب لها قصتها! لماذا ياترى ؟ ألم تكن هي أفضل من يستطيع كتابتها؟

ولكن لنعد الى البداية :
توقفت كثيرا عند زيارة جين ساسون لبغداد كثيرا ، لأن هناك شيئا يتجاوز المنطق. سألت كثيرا وتقصيت طويلا ، وبحثت عن أشخاص كانوا متنفذين في وزارة الإعلام العراقية عام 1998 ، وتلقيت اجابات متناقضة . ومنها كونت رأيي الخاص. وأريدكم أن تفكروا معي بصوت عال.

هل يعقل؟ في صيف 1998 قبل ضربة ثعلب الصحراء كلنتون ، وكان الكونغرس الأمريكي قد اصدر قانون تحرير العراق وخصص مبلغا يتجاوز 97 مليون دولار لتمويل (المعارضة) ومؤتمراتها وأكاذيبها من اجل حشد الجهد للاطاحة بحكومة العراق. وكان مفتشو الاسلحة في العراق آنذاك قد افتعلوا بتوجيه من أمريكا ازمة (تفتيش القصور الرئاسية) التي أدت فيما بعد الى مغادرتهم العراق.

في خضم كل هذا التوتر، تأتي الى العراق كاتبة أمريكية تحمل اسما يهوديا صريحا ، اشتهر عنها عداؤها للعراق من خلال كتاب (اغتصاب الكويت) الذي لم تترك فرية في العالم الا الصقتها بالعراق. وياللعجب ، يرحب بها ديوان الرئاسة ووزارة الاعلام وتفتح امامها كل البيوت. وتستقبل بالحب والمودة والبسمات ، بل الجميع يتسابق لاستضافتها ولرواية حكايات المظالم لها بدون خوف من الحيطان التي لها آذان !!
بل ان الكاتبة نفسها تروي على موقعها ، انها حين وصلت الى فندق الرشيد ، لم تتصل بها وزارة الاعلام ، وطنشتها، حتى استغربت ساسون لأنها سمعت قبل ذلك انه ما من زائر اجنبي الا ويصحبه مخبر بشكل مرافق يعد عليه انفاسه. وقد اضطرت في اليوم التالي الى الذهاب بنفسها الى الوزارة لطلب مترجم. يعني لولا انها ذهبت بنفسها ، لما فكر احد من الادارات العراقية بملاحقتها، وتروي انها بادرت السيد شاكر الدليمي (ربما تقصد شاكر الفلاحي) رئيس المركز الصحفي بقولها"ماهي القضية؟ الا ترونني مهمة لتبعثوا ورائي بمخبر ؟".

وتذكر ساسون انها اصرت على ان تعين لها مترجمة وليس مترجما، لأنها تريد أن تكتب عن النساء ، واستجيب لطلبها وهكذا عينت لها "ميادة" مترجمة .

والمترجمة هذه كما تصورها القصة لا علاقة لها بالحزب او المخابرات ، وكانت حين استدعتها الوزارة ، قد تركت مهنة الصحافة وتفرغت لعمل خاص في محل تملكه للطباعة او الاستنساخ.
وهكذا يكون التقاء ميادة بساسون شهادة حقيقية على "براءة" الحكومة آنذاك من تهمة كونها نظاما "بوليسيا" يطارد الصحفيين والزوار الأجانب بمخبرين لهم علاقة بأجهزة الدولة . هل هناك استنتاج آخر يمكن أن نخرج به من اسلوب هذا اللقاء؟
يجب أن اذكر أني لم اقرأ الكتاب كله ، ولهذا لن استطيع أن اشير الى كل متناقضاته، ولكني قرأت المنشور عنه على موقع جين ساسون على الانترنيت ومنها رسالة من ميادة تؤكد فيها مصداقية جين ساسون ، وتسرد طريقة التقائها بها، وهناك ملاحظة من جين ساسون تسرد ايضا طريقة اللقاء ، وهناك مقتطفات من الكتاب . ولهذا سأقتصر على مناقشة ماهو متاح من هذه النصوص وهي تكفي تماما لطرح الكثير من الأسئلة والشكوك.
في دراسة مهمة حول هذا النوع من الكتب الدعائية ، بعنوان (اسلحة ناعمة ) بقلم جليان وتلوك، كان أول مالفت انتباه الكاتبة هو صورة الغلاف التي تبين امرأة خلف حجاب لايظهر منها سوى عينيها (الصورة التقليدية للحريم) ولكنها تتناقض تماما مع صورة ميادة وعائلتها والتي تضمنها الكتاب، فهي اسرة كما يبدو سافرة ، مثل اية اسرة عراقية متعلمة في مستوى متوسط الحال او فوق المتوسط. وتقديم حياة ميادة ذاتها يناقض الادعاءات المتناثرة داخل الكتاب من ان النساء لم يكن لهن موقع في العراق ، وأنهن واقرات في بيوتهن . فها هي تملك محلا للطباعة وقبلها كانت صحفية ثم مترجمة .

تقول جليان وتلوك أن كتاب (ميادة) يضفي على الاحتلال صفات ملحمية ورومانسية ،ويصور كأن العراقيين اجمعين رحبوا به .
هذا هو هدف الكتاب الذي لم ينشر الا في تشرين الثاني 2003 ، اي بعد أن فشل الغزاة في ايجاد اسلحة الدمار الشامل وهو المبرر الذي جمع بواسطته (تحالف الراغبين) لغزو العراق. بعدها تحول بوش الى مبرره البديل وهو "القضاء على الدكتاتورية وارساء الديمقراطية". جاء الكتاب ليبين للناس "وحشية" صدام حسين، فالكتاب غارق في تصوير تلك الوحشية بنصوص مبالغ بها الى حد السخرية، حتى يشعر السذج من الأمريكان ومن هم مازالوا في حالة انكار ، يشعرون بارتياح ان اولادهم يموتون في العراق لسبب "نبيل" وليس بسبب النفط.
تقول ساسون في مقدمة كتابها "في 2002 قرر بوش أن العراقيين قد قاسوا بما فيه الكفاية من صدام حسين ، وفي بداية 2003 ازاحت قوات التحالف حسين من السلطة. في تلك السنة قررت ميادة انها تريد ان يعرف العالم حقيقة حياة العراقيين ، الحقيقة التي ترويها واحدة رأت العراق من كل زاوية ، من قصور صدام الى غرف التعذيب.. ميادة طلبت مني ان اكتب قصة حياتها ، فوافقت".

طبعا ، الكذب واضح من البداية ، لأن بوش في 2002 لم يكن يضع مبرر التخفيف عن حياة العراقيين سببا للحرب وانما كان الكلام كما تذكرون على لسانه وألسنة معاونيه جميعا هو حول "الخطر الوشيك" و"الصلة مع القاعدة" و"اسلحة الدمار الشامل" و"صناعة القنبلة النووية". ولم يغير بوش خطابه الا بعد ان أعلن فريقه للتفتيش بعد الاحتلال الحقيقة التي كان يعلمها بوش قبل الغزو ، عندها بدأ يقول "لم يجدوا الترسانة، ولكننا نعرف ان صدام كان يستطيع ان يصنعها. انه رجل خطر وقد تخلصنا منه. العالم افضل بدونه. امريكا اكثر أمنا الأن" .
وهذا مايريد كتاب "ميادة " ان يؤكده. أن حرب بوش اللاشرعية كانت ضرورية.
وتؤكد ساسون هذا المعنى والغرض من كتابها في تعليق لها على موقع للجنود، وهي مغرمة بمتابعة المواقع والدعاية لكتبها هناك:

( تعليق على موقع عسكري من جين ساسون في 21 ايار 2008

ان حرب العراق تثير القلق بالتأكيد ولكني بعد ان زرت العراق في 1998 ادركت كيف كان يعيش العراقي العادي في جحيم على الارض. لهذا يخاطر كثير من العراقيين بحياتهم لمساعدة جنودنا فهم يتذكرون الرعب الذي عاشوه في بلاد صدام . آمل ان يأتي زمن يستطيعون فيه ان يعيشوا بسلام وحين يحدث ذلك نستطيع كلنا ان نشكر جنودنا لتضحياتهم الجسيمة. اذا اراد اي شخص ان يعرف الجحيم الذي عاشه العراقيون تصفحوا كتابي (ميادة ابنة العراق) . انها قصة حقيقية لما حدث لنساء بريئات في سجن صدام . بصدق لا أحاول ان اسوق لكتابي ولكني اؤمن بحق ان على كل شخص ان يعرف كيف كان العراقيون يعيشون تحت حكم صدام. ان قصص المعاناة التي تحملتها اولئك النسوة البريئات سوف تجعل المرء يقدر جنودنا اكثر- المصدر)
 
وفي مقابلة أجرتها قناة فوكس مع ساسون وميادة بعد نشر الكتاب في خريف 2003، تسأل المقدمة جريتا فان سوسترين الكاتبة ساسون عن الغرض من كتابة "ميادة " فتجيب بالنص:

ساسون : حسنا، هناك الكثير حول ميادة وسيرة حياتها، اجدادها ، جداها اللذان ساعدا في تشكيل العراق الحديث ، وقد كانت شاهدة على كل ماحدث في العراق قبل واثناء وبعد صدام. وهكذا لن نحصل على صورة افضل للعراق من القصور الى غرف التعذيب من حياة ميادة. وهكذا فنحن ندع العالم يعرف انها عراقية سعيدة جدا بان العراقيين احرار وان صدام قد ذهب وهي تستطيع ان تخبرنا بنفسها لماذا تشعر بالسعادة.



تقول جين ساسون في مقدمة كتاب ميادة ، وهي تصف زيارتها مع ميادة لمستشفى أطفال مصابين بالسرطان بسبب استخدام امريكا في عدوان 1991 قذائف اليورانيوم (هذا التفسير مني وليس منها فهي لا تشير الى شرور امريكا ابدا)

"طلبت مني ميادة ان ارافقها خارج المستشفى . صدمت حين بدأت تسرني بكراهيتها لصدام حسين وحلم حياتها الاوحد وهو ان تعيش لترى نهاية حكمه. قالت لي مانعرفه كلنا: انه كان السبب الرئيسي لمأساة اولئك الاطفال (المصابين بالسرطان) فالدكتاتور لم يبدأ الحروب التي تسببت بالعقوبات فحسب، ولكن لرغبته الشديدة في وضع اللوم في وفيات الاطفال على العقوبات، لم يكن يسمح بعلاج المصابين بسرطان الدم الا بدواء واحد من ادوية السرطان في حين انه من الواضح ان علاجهم يتطلب دوائين او ثلاثة . صدام كان ايضا معروفا بانه يستعرض توابيت اطفال فارغة في الشوارع في محاولة لاشعال العالم ضد الولايات المتحدة"

سيكون سذاجة مني وتضييعا لوقتي ووقتكم أن ادحض هذه الأقاويل، أليس كذلك ؟ فالكل يعلم من الذي كان يمنع وصول ادوية السرطان الى العراق . والكل يعلم ان الاطفال كانوا يموتون ، بشهادة الست اولبرايت التي أقرت بمقتل 500 الف طفل عراقي بسبب الحصار، وعلى هذا لا يمكن ان تكون التوابيت فارغة . وحتى اذا خرجت تظاهرة بتوابيت فارغة، فذلك من الأمور الدارجة في العالم كرمز للموت. راجعوا فقط كم من التظاهرات خرج بها الأمريكان وهم يحملون نعوشا فارغة ملفوفة بالعلم الامريكي كناية عن موت الجنود في حروب عبثية.

ولكني اريد أن اناقش العبرة من المعلومة اعلاه . هل تريد ساسون ان تقول لنا ، ان مواطنة عراقية (في دولة بوليسية كما يزعمون) عينتها وزارة الاعلام العراقية مترجمة لواحدة أجنبية حولها شكوك ، ومع هذا لا تخشى ان تسرها منذ اليوم الأول بعداوتها لرئيس دولتها الخ ؟

هذه شهادة غير مقصودة ثانية أن العراقيين كانوا يستطيعون التشكي حتى للغرباء.
ولكن هذا لا شيء الى جانب محور القصة كلها، وهي روايات "نساء الظل" اللواتي التقتهن راوية السيرة في سجن "البلديات" وهو على وصفها أفظع سجن في العراق ، وهو سجن خاص بجهاز الأمن. علينا أن نصدق أن النساء ومعهن ميادة ومنذ اليوم الأول لها في الحجز، بدأن يروين قصصهن لبعضهن البعض وكلها تتناول وحشية صدام حسين ونظامه، بدون اي خوف او خشية من ان تكون المحتجزة الجديدة مخبرة مدسوسة مثلا ؟ كما نعرف ان مثل هذه الاجراءات قد تحدث في السجون؟ أو دون خوف من وجود لاقطات صوت؟ خاصة وان هذا ليس سجنا وانما مركز حجز ، وأين ؟ في نفس الامن العامة !! اي في عرين الذئب!!

هل يمكن ان يعقل هذا في حين ان خطاب "المعارضة" قبل الاحتلال كان ينصب على تكميم الناس حتى ان افراد العائلة الواحدة لا يستطيعون ان يتحدثوا في المنزل بنقد الحكومة لئلا يكون للجدران آذان ؟ فإذا لم يكن الواحد من هؤلاء يستطيع ان يتكلم على راحته في بيته ومع أقرب الناس اليه؟ فكيف يستطيع ان يروي "فظائع" صدام حسين في داخل سجن تابع لجهاز الأمن وأمام الغرباء ؟

اذن، هل هذه شهادة ثالثة من جين ساسون أن سجن الأمن العامة أكثر امانا وحرية للمواطن العراقي من بيته !!

هل ترون؟ إن الكاتبة – لقلة تجربتها في الكتابة وشدة تلهفها على تسطير الشائعات على انها حقائق – وقعت في شرّ أعمالها: التناقض الذي ينسف المصداقية.

في الكتاب تقول الراوية انها احتجزت لمدة 3 أسابيع وقبل خروجها – بفضل نفوذ والدتها لدى كبار المسؤولين العراقيين – قامت المعتقلات الأخريات وعددهم 17 بتحفيظها ارقام هواتف عائلاتهن وعناوينهن وأنها اتصلت بالعائلات عند خروجها.

ولكن بعد ذلك تذكر الراوية والمؤلفة انهما لايعرفان مصير المعتقلات ولايستطعن التوصل اليهن. وان ساسون عرضت اكثر من مرة على ميادة الذهاب الى العراق والبحث عن مصيرهن (لكتابة متواليات للكتاب كما حدث مع كتاب الاميرة حيث تبعه كتاب عن اولادها وعن دائرة معارفها) ولكن يبدو انهما لم يحققا ما ينشدانه. وهذا غريب حيث ان الراوية بما لها من نفوذ لدى سلطة الاحتلال ولدى اجهزة الأمن الجديدة كما تشير دائما في ادبياتها، كان من السهل عليها التوصل الى مصير نساء الظل لاسيما وانها تحتفظ بعناوينهن، وشيء غريب ايضا ان ساسون التي ذهبت الى عرين الاسد ، اي ا لعراق حين كان يحكمه الأسد، وفي ظل ظروف عصيبة ايضا ، لا تستطيع الان والعراق يحكمه الفئران أن تذهب الى هناك وتبحث على راحتها عن تلك النسوة ، وتكتفي بالايحاء في الكتاب الى انه من المحتمل ان يكن قد فقدن حياتهن "لأنه يقال ان صدام حسين اعدم كل المعتقلين السياسيين قبل الغزو الامريكي مباشرة".

غريبة ! مع ان 3 فقط من المعتقلات في القصة كانت التهم الموجهة اليهن سياسية أما البقية فقد كانت لأسباب عادية.

وغريبة ايضا! مع أن الجماعة في المنطقة الخضراء يعزون سبب كل طامة: من الفساد الى القتل الى الخطف الى السرقات ، الى ان صدام حسين اطلق سراح كل المعتقلين وأخلى السجون تماما قبل الغزو الامريكي مباشرة !!

قتلهم أم أطلقهم؟ ارسوا على بر واحد يرحمكم الله. أم انه يقتلهم او يطلقهم كما تتطلب مصالحكم ؟ ولكن "الاعدام قبل الاحتلال" كانت عذر الحكومة الكويتية ايضا حين زعمت – بعد ان استنفدت كذبة الاسرى لدى العراق- ان صدام حسين اعدمهم جميعا قبل الغزو الامريكي.

هل يمكن التكهن اذن انه لم يكن هناك معتقلات يروين قصصهن كما روت شهرزاد ألف ليلة وليلة ؟

أنا اقول ذلك ، ومن يكذبني عليه ان يطلعنا على السجلات التي سرقت من الامن العامة والتي توثق اسماء المعتقلات ومصائرهن والتهم الموجهة اليهن. وهذا سهل، لأن عملاء العراق الجديد ينشرون بين حين وآخر في مواقعهم الصفراء صفحات من سجلات الامن والمخابرات حول "الضحايا والمظاليم"

ولكن الكتاب الخيالي او الواقعي يقول ان هناك معتقلات وان اول واحدة بدأت تروي قصتها هي سمارة القروية التي تبدأ كلامها بقولها "انا شيعية" . تصوروا في عام 1999 كان المواطن يعرف نفسه بمذهبه ، بدلا من ان يقول "انا من بغداد" أو "انا من البصرة" ، ولكن يا للصدف، فالسجن كان يضم ممثلات عن التقسيمة الاحتلالية للعراقيين "كرد – سنة – شيعة" وكأننا كنا نصنف أنفسنا هكذا . وتستمر سمارة في رواية قصة عجيبة ، وهي انها ولدت جميلة جمالا أخاذا حتى ان جدها لأمها طلب من والدها أن يسجلها على اسم الجد !! وأن اباها وافق لأن لديه اطفالا كثيرين ولا يهمه فقدان ابنة !!

يمكن أن أصدق ان يكون لأبيها شقيق لا ينجب مثلا ويطلب منه تبني احد اولاده، أما ان يفعل ذلك الجد فهذا شيء لايعقل. ولكنه ينفع في هذه الحكاية من ألف ليلة وليلة لتفسير سبب اعتقال المرأة فيما بعد ، وكان بسبب تغيير الاسم، حيث صححت بعد زواجها الثاني اسمها رسميا ولكنها اعتقلت بتهمة التجسس !!
المهم ، انها حين شبت وازدادت جمالا ، تقدم لخطبتها الكثيرون ولكنها فضلت عليهم واحدا فقيرا لأنه كان أفضل الجميع . وعاشت عيشة سعيدة حتى نشبت حرب ايران-العراق. وهنا جملة بالنص "وكما تعرفين فإن الشيعة حرموا من كل المنافع الحكومية ، ومع ذلك كان متوقعا منهم ارتداء الزي العسكري بحماسة "

ماذا يعني الحرمان من المنافع الحكومية؟ ممنوع عليهم الدراسة ؟ ممنوع عليهم الوظيفة؟ ممنوع عليهم الوزارة ؟
وكل هذا يهون ، أمام الخرابيط التي تذكرها جين ساسون بدون ان يراجعها أحد. فسمارة تقول بالنص " ذهب زوجي الى الحرب مثل اي رجل اخر في القرية . وكنت ممتنة لأنهم كانوا يسمحون له القدوم الى البيت عدة مرات في السنة ، ولكن هذه الاجازات كانت تعني ان اصبح حاملا في كل مرة يزورنا."

تعالوا نفهم هذه المعجزة البيولوجية: تقول ان زوجها كان يأتي الى البيت "عدة مرات في السنة" وانه في كل مرة يزورها "تحمل منه" ! يعني كم مرة كانت تحمل في السنة ؟؟
ثم تضيف "بعد عدة ايام من ولادة طفلي الثالث سمعت ان زوجي قتل في معركة مهمة ". والحكومة الفظيعة تبعث لها تابوتا وتحذرها من فتحه، ولكن أشقاء زوجها يخاطرون بفتح التابوت فلا يرون الا تراب!!

ماهي الحكمة من ارسال تابوت فارغ ؟ ألم يكن أسهل على الحكومة أن تقول ان الزوج قد فقد ؟ أسر؟ وكان لدى ايران الاف من الاسرى العراقيين؟ لماذا تجشم الحكومة نفسها لارسال توابيت تملأها بالتراب؟

طبعا ليس هناك حكمة او سبب الا في اظهار الحكومة على انها تقوم بتصرفات غير معقولة ولا منطقية ، وهدفها الوحيد والمطلق هو تعذيب الناس.

لم تنته مصايب الست سمارة. تتزوج مرة اخرى وتذهب مع زوجها الى الاردن لبيع السجائر على الرصيف!! وأثناء عودتهما الى العراق يقبض عليها بتهمة التجسس بسبب اختلاف اسمها المصحح عن السابق، ويعتقل زوجها معها ويحتجزان في مقر مخابرات الرمادي ، ولكن المفاجأة انهما يوضعان في زنزانة واحدة !! لابد ان لديهم فيضا من الزنازين بحيث هناك زنازين خاصة للعروسين !! لمدة 6 اسابيع كان زوجها يؤخذ ويضرب ويعلق ويعذب ثم يرمى في الزنزانة وكانت قد اعتادت ان تبصق عليه في وجهه لافاقته لأنه كما تعرفون ليس هناك ماء في الزنزانة . لا ماء لمدة 6 اسابيع ؟ القصة هذه كلها معجزات !! ربما يقول احدكم : لعلها قصدت مرة واحدة ؟

اقول لكم ، الجملة هي هذه :
Some days he was thrown back into our cell unconscious. I had nothing there. No water. Nothing. I remember I used to spit on his face to try to revive him.”

لا توحي الجملة بمرة واحدة وانما روتين يومي. أو أن ساسون لا تحسن الانجليزية، ولا أحد يراجع كتاباتها.

بعد ذلك ترسل الى عدة سجون حتى يستقر بها الحال في سجن البلديات . وبقية قصتها تفصيل ممل حول "تعذيبها" الشديد هناك.

هذه قصة واحدة فقط من "نساء الظل" وكل واحدة لديها قصة مماثلة مقصود بها اظهار الحكم الوطني بأنه سادي يعذب الناس بدون سبب سوى التلذذ بالتعذيب، حتى دون ان يقول لهم ماهي التهم الموجهة اليهم أو يطالبهم بالجواب على اسئلة اوبمعلومات. كلها قصص عجيبة غريبة، والأغرب أن يعذبن جميعا ماعدا الراوية ، فلا هي تغتصب ولا تضرب، بل انها اول ماشعرت بالتوعك اخذت الى المستشفى فورا.

لاعجب ان هؤلاء النسوة لا يمكن العثور عليهن الآن. من يريد ان يسمع قصصهن الحقيقية ؟!

لنرجع الى تناقضات الست ساسون في مقدمة كتابها الشهير "ميادة" . تذكر زمن وتوقيت القبض على ميادة!!


"في الساعة 8.45 من صباح 19 تموز 1999 "

عندي حساسية من ذكر الوقت بالدقة في حدث مؤلم لصاحبه يعود الى اكثر من 3 سنوات مضت. في محاكمات الاحتلال كان شهود الزور ايضا يذكرون وقت ضربهم بالكيماوي المزعوم في الساعة والدقيقة والثانية. رغم انهم قرويون وربما لا يمتلكون ساعات، والقروي يقيس وقته بشروق وصعود وغروب الشمس. وفي الاحداث الجسيمة نادرا ما تستطيع الذاكرة الانسانية التيقن من الوقت بالضبط، لأن انعكاس الحدث على مشاعر الشخص المعني يجعله يحسب حساب الزمن بشكل آخر.

في تموز 1998 كانت الراوية تتوق للعمل فهي ام وحيدة ولديها طفلان عليها اعالتهما. ولم يطلبها احد للترجمة من قبل.

في تموز 1999 اصبحت صاحبة عمل رائج (بعد سنة بالضبط) وارباح كثيرة والتزامات أعمال اكثر مما تحتمل القيام بها، وهناك 5 موظفين لديها يقبضون اعلى الرواتب في شارع المتنبي !!

سبب السعد الذي هي فيه، منتج تلفزيوني بريطاني اسمه Michael Simpkin اتصل بوالدتها في الأردن لأنها تستطيع ان توصله بكبار رجال الحكومة العراقية ، وقد اقترحت عليه ان يستخدم ابنتها كمترجمة . المنتج يعمل في برنامج بالقناة الرابعة (لم اعثر على اية معلومة عن منتج بهذا الاسم) قدم برنامجا عن العراق ومقابلات مع طارق عزيز وسلطان هاشم وزير الدفاع وسعد قاسم حمودي. وساعدته ميادة بالترجمة مقابل مبلغ من المال مكنها من شراء 6 كومبيوترات و6 طابعات من أفضل نوع وتوظيف 5 من العاملين المثقفين.

نفهم ان المنتج قدم للعراق في 1998 لأنه ما أن غادر حتى هرولت ميادة الى السوق واشترت هذه الاجهزة . لا أعرف هل مقابل الترجمة يدر مثل هذا العائد؟

شلون صدفة لقاء الراوية بساسون كان ايضا في عام 1998 !! ولكنها لم تتصل بأم ميادة في الأردن . كانت مقابلتها لها بالصدفة البحتة طبعا، ولكن ذلك المنتج كان أشطر من ساسون .
نستمر في تناقضات قصة ميادة .

تصاب الراوية حال دخولها السجن بأعراض ذبحة قلبية فيأخذها العسكري الى المستشفى ، ولأن احداث القصة تحتم ذلك ، يطلب منها الطبيب ان تجلس على سرير الفحص حتى يقيس ضغط الدم.

في الحالات العادية لقياس ضغط الدم ، اي بدون اعراض الذبحة ، يميل الاطباء الى ان يتمدد المريض على ظهره حتى يكون القياس مضبوطا، هذا اذا كنت في عيادة الطبيب ، اما اذا كنت في مكان عام ، مثل صيدلية او اي مكان ، فإن من يقيس لك الضغط يطلب منك الجلوس اذا كنت واقفا. أما في العيادات، فليس هناك طبيب يعرف شغله يقيس لك الضغط وانت جالس اللهم الا اذا لم يكن لديه سرير كشف. فما بالك بالمريض الذي يعاني من أعراض ذبحة ؟

ولكن لماذا هذه الغلطة المقصودة من مؤلفة الكتاب؟ ذلك من أجل ما حصل بعد ذلك . حين جلست ميادة وانتهى الطبيب من قياس الضغط ، لاحظت ان سرير الكشف كان مغطى بالطوز من العجاج الذي هب في الصباح. وبسرعة بديهة خطت رقم هاتفها على التراب وهمست للطبيب ان يتصل بالرقم ويطمئن اطفالها

شفتوا ؟ لو كانت نامت على السرير كان التراب تخربط وتناثر وانمسح.

الحمد لله اني لم اقرأ الكتاب كله وانما مجرد شذرات هنا وهناك وهي التي اناقشها، لأني لو كنت قد قرأته لتوجب علي ان اكتب 10 حلقات على الأقل في مناقشة كل سطر فيه.

من القصص التي شاعت عن الكتاب والتي تبين – ياللفظاعة – وحشية صدام حسين تجاه الحيوانات الأليفة. وهي قصص مست وترا حساسا في قلوب المحسنين والمحسنات في المجتمع الأمريكي، قصة الكلب "مختار" ، والقصة كما اعادها وكررها "المعارضون" النشامى في صحفهم وإعلامهم من أجل ان ترسخ في الأذهان، هي كالتالي:

(وفي خضم ذلك، سمعت إحدى نساء الظل تقول بأن حتى الكلاب في العراق تعامل أفضل من الموقوفين في أجهزة المخابرات العراقية.. ولكنها سمعت نفسها تقول: "لا شك في أن بعض الكلاب تعامل أفضل من هنا، ولكن ليس كلب الدوبرمان الذي كان يملكه صدام، واسمه مختار".

عم السكون أرجاء الزنزانة.. والتفتت النسوة باتجاه ميادة.. قالت سمارة: "ما هذا الذي تقولينه يا ميادة؟".

قالت رولا.. وهي أكثر السجينات ورعا في الزنزانة رقم 52 "كلب اسمه مختار؟".

وكان عدم تصديق رولا لما سمعته مبررا تماما.. فإطلاق هذا الاسم على كلب بدا غريبا ومستهجنا للغاية.

وبدون التفكير بعواقب التحدث في هذا الموضوع الذي يخص رئيسهم صدام حسين، قالت ميادة: "نعم.. هذا صحيح.. ففي تلك الأيام التي كان لا يزال صدام يحمل مشاعر طيبة نحو أم أولاده، أهدى ساجدة كلبا من نوع دوبرمان للحراسة.. وأسماه مختار.. وكان الاسم من اختيار صدام نفسه.. وقد رأيت الكلب بنفسي بعد أن قرر صدام أن يعدم الكلب.. صدقوني سنفضل أن نمضي وقتا إضافيا هنا على أن نعاني ما عاناه ذلك الكلب المسكين..".

قالت سمارة: "حذار من هذا الكلام.. فلو سمعونا.. سيقطعون لسانك ويتركونك تنزفين لحد الموت، ولن نتمكن من فعل أي شيء..".

كان معظم العراقيين يعرفون بأن توجيه انتقاد للرئيس يؤدي إلى قطع لسان المنتقد قبل الإعدام.. ابتعدت ميادة عن الباب، وجلست في الاتجاه المعاكس على الأرض وخفضت صوتها.. وتجمعت النسوة حولها مستمعات، وقالت: "حدث ذلك عام 1979، خلال الفترة الأولى التي أصبح فيها صدام رئيسا للجمهورية.. في تلك الأيام لم يكن صدام يكره زوجته ساجدة بعد، وكان قلقا على سلامتها وسلامة أولادها.. وأتى لهم بكلب صغير وأسماه مختار لسبب لا يعلمه إلا الله.. وكان هذا الكلب مدربا على الهجوم عند سماعه لكلمة (مختار.. اذهب go).

وفي يوم كانت ساجدة تسبح في البركة الكائنة في منزلهم.. وعند خروجها من البركة، كان الكلب واقفا على حافة البركة ينظر إليها.. وكلنا يعرف أن ساجدة امرأة قاسية، لا تحسن معاملة خدم منزلها.. لذا فلن يهمها مشاعر حيوان.. نفضت المنشفة باتجاه الكلب وبدون تفكير قالت: "مختار اذهب"..

وقد اعترفت ساجدة فيما بعد للطبيب الخاص بعائلتهم، والذي كان صديقا حميما لأهلي.. بأن أمر الهجوم أربك الكلب.. وبأن الكلب راح ينظر حوله، وعندما لم ير أحدا ليهاجمه.. قام بمهاجمتها هي.. وكانت ساجدة سريعة في حشر منشفتها في فم الكلب.. وسرعان ما جاء الحراس على أثر صراخها.. واقتادوا الكلب بعيدا.. ولم يصبها أي مكروه في الواقع..".

"وعندما أخبر صدام بما حدث، استشاط غضبا على الكلب.. وحكم عليه أن يربط إلى إحدى الأشجار في الحديقة ويترك هناك بدون طعام أو ماء ليموت..

قيّد الكلب بصورة وثيقة، حتى أن قيد عنقه شد إلى حد أنه لم يتمكن من التحرك أو الجلوس أو الاستلقاء.. وكانت قلوب أصحاب المنزل من حجر إلا أن منظر ذلك الكلب وعذابه أزعج الكل.. بما فيهم ساجدة، ولكن لم يتمكن أحد منهم معارضة قرار اتخذه صدام بشأن مصير هذا الكلب".

وأمضت ميادة حديثها: "وعندما عاد الطبيب لفحص ساجدة في مسألة أخرى، رأى الكلب وهو يموت.. فسأل أحد الحرس عما كان يجري.. وعندما قيل له بأن صدام قد أمر أن يترك الكلب للموت، استجمع الطبيب شجاعته واستأذن للتحدث إلى صدام.. وقال له بأنه بحاجة ماسة إلى كلب حراسة، وطلب أن يسمح له بأن يأخذه.. ولسبب ما، ربما لا مبالاة من طرف صدام.. وافق الرئيس على طلب الطبيب.. ذهب الطبيب مع أحد الحرس لإزالة القيد عن عنق الكلب، وقد قال هذا الطبيب لوالدتي فيما بعد أنه بالكاد أمسك دموعه من وضع الكلب الذي كان مشرفا على الموت.. فنتيجة لمحاولات الكلب على الإفلات من القيد الكائن حول رقبته.. حز القيد رقبة الكلب.. واعتقد الطبيب بأن الكلب كان ميتا، لولا ومضة رآها في عينيه.. بعد أن حمل في يديه شيء من ماء المسبح ومسح به وجه الكلب".

حمل الكلب بين ذراعيه ووضعه في الكرسي الخلفي من السيارة وأخذه إلى منزله.. وراح يمرّض الكلب إلى أن شفي وتعافى.. ومضت سنة على تلك الحادثة.. كنا في زيارة لمنزل هذا الطبيب في مدينة الموصل.. وكان الكلب الذي غُير اسمه إلى اسم يناسب الكلاب والحيوانات.. قد شفي تماما.

جلست النساء بصمت.
قالت إحدى نساء الظل.. واسمها إيمان: "ما اسم الطبيب هذا" ابتسمت ميادة وقالت: " انه الدكتور خليل الشابندر..صديق المرحوم والدي وزميله في كلية الطب"
رغم ذكر اسم طبيب حقيقي في نهاية القصة لإضفاء مصداقية، ورغم اني استطيع ان اصدق انه قد يكون قد حصل على كلب دوبرمان من منزل الرئيس الراحل. ولكن القصة كلها غير منطقية ولا يمكن ان تحدث سواء بالنسبة للدوبرمان او بالنسبة لما حدث معه بعد ذلك . يحتاج الأمر الى شخص –مثلي - لديه دوبرمان ليستطيع أن يدحض الرواية.

الدوبرمان – بعكس ما يروى عنه من شائعات – من أذكى الكلاب، واكثرها وفاء لأصحابها، وهي حيوانات لطيفة المعشر واجتماعية ورقيقة الى أبعد الحدود مع اصحابها على الاقل ومع الأخرين ايضا الا اذا دربت على الشراسة، وفي هذه الحالة لايمكن ان تتجه شراستها لصاحبها حتى لو نطق أمامها بكلمة الهجوم. وليس هناك كلب في العالم مدرب على الهجوم يهجم على صاحبه حتى لو نطق الكلمة ولم يكن امامه غيره. من يقول هذا ليس لديه فكرة عن الكلاب وسلوكها وتدريبها. عليه أن يراجع الحالات التي يدرب عليها الكلب للهجوم، انها حالات محددة معينة يتم تدريبه عليها تكرارا حتى يحفظها . الكلب لايهجم بسبب نطق كلمة فقط، وانما اذا رأى حالة تدرب عليها كأن يأتي عدو من خلف صاحبه او احتك به او هاجمه من الأمام ، أو رمى على صاحبه شيئا واكرر حسب الوضع الذي يدرب عليه. ثم القصة تذكر ان الكلب جيء به صغيرا الى العائلة ، اي انه تربى وهو يعرف افراد العائلة ومن طبيعة كلاب الحراسة الذكية أن تحمي اصحابها حتى لو ضحت بحياتها من اجلهم.

الشيء الآخر اذا اردنا ان نصدق ان الدوبرمان هاجم زوجة الرئيس وانها اتقت شره بوضع المنشفة في فمه !! فهذا يدل على جهل الست ساسون او من حشر هذه الحكاية في الكتاب بتدريب الكلاب. هذا ما اسميه ضرورة تحري المصداقية حتى في الروايات الخيالية، هذا هو الفرق بين كاتب جيد وكاتب بالصدفة.

الدوبرمان واي كلب حراسة يدرب على الهجوم للقتل، يقصد منطقة معينة مميتة في جسم الانسان مثل الرقبة، وللعلم الدوبرمان رشيق جدا ويستطيع الوثوب بسرعة الى اعلى اجزاء الجسم ، واذا انطلق بنية القتل، فلا تستطيع منشفة ان تلجمه. كما انه يستطيع بثقل جسده وقوته أن يوقع اي انسان – ناهيك ان تكون امرأة متفاجئة – على الأرض. سيقول قائل : ولكن الكلب كان صغيرا. وأجيب: اذن الكلب الصغير لا يدرب على الهجوم والقتل.
ثاني شيء غريب في القصة ، هي ان السيدة ساجدة تعوم في البركة (اذا كان للرئيس الراحل منزل فيه بركة في بداية حكمه عام 1979 وهذا ما لا استطيع ان اؤكده أو أنفيه ) والحرس على مقربة منها ، بحيث هرولوا حين استنجدت بهم.

وهناك هذه الجملة الاعتراضية " وكلنا يعرف أن ساجدة امرأة قاسية، لا تحسن معاملة خدم منزلها.. لذا فلن يهمها مشاعر حيوان" من كلنا ؟ أنا لا اعرف ، فلم ألتق بها ولم اقرأ شيئا عنها ، وبالتأكيد لم تكن من "زوجات الرؤساء" اللواتي يظهرن في الاعلام اكثر من ازواجهن . واذا كانت الراوية توجه الحديث الى السجينات، فكم منهن تعلم ؟

حكاية ان يعاقبه الرئيس الراحل بتقييده ومنع الماء والطعام عنه حتى يموت. وان ذلك كان بمرأى من بقية أهل البيت،والداخلين والخارجين بحيث رآه الطبيب في المرة التالية التي جاء بها لفحص زوجة الرئيس.

هل هذا معقول؟ لماذا يربطه في حديقة منزله حتى يموت؟ لماذا لم يطلق عليه رصاصة ؟ لماذا لم يطلب من حراسه ربطه في مكان بعيد ؟

الجواب .. متضمن في الحكاية: كان صدام حسين ساديا يحب التعذيب ويتلذذ به. ليس هناك اي مغزى للقصة العجيبة غير هذه النتيجة .

تصوروا رئيس جمهورية جديد، وأمامه مهمات كبيرة تنتظره، يدوخ نفسه من أجل معاقبة كلب !! ولكن صدام انسان مريض وغير منطقي ، أليس كذلك ؟

ثم علينا ان نصدق ان صدام حسين الذي عاش طفولته في القرية وكان يخرج للرعي، يمكن ان يعاقب كلبا حتى الموت ، ونعلم كم يعتبر الكلب مخلوقا ثمينا لدى الفلاح والراعي لأنه يصد الذئاب ويحمي الغنم.

ورغم انه كان يريد للكلب ان يموت ولكن الطبيب حين يطلبه منه يسرع باهدائه اليه !! لماذا اذن لم يمنحه لأي من حراسه او اي من رفاقه؟

وبما ان السيدة ساجدة "قاسية مع خدمها" فقد كانت هناك قصة حولها في الكتاب ذكرتها احدى المعلقات المتحمسات لكتب جين ساسون على أحد المواقع وهي تستعرض الكتاب ، علما ان ساسون نفسها كانت تنشر تعليقات ايجابية حول كتبها على المواقع بأسماء مختلفة. تقول المعلقة مايلي :

"امها (ام ميادة) أثارت اعجاب صدام بثقافتها وكانت امرأة شديدة الاناقة ولديها امكانية شراء ملابس مصممين مشهورين من ايطاليا وبقية اوربا وبسبب ذوقها العالي بالموضة كان صدام يطلب منها النصيحة قبل شراء ملابسه ، واكرهها على مساعدة زوجته غير المتعلمة ساجدة (ام 5 من اطفاله) لتحويلها الى سيدة متأنقة – وهي مهمة لا يحسد عليها اي شخص ولم تكن ام ميادة ترغب بها ولكنها لم تجرؤ على الرفض خوفا من العقاب"

لا أدري صحة حكاية نصح صدام وزوجته بخصوص الملابس ، وإذا كانت صحيحة ، فإن مستشارة الازياء لم تحسن عملها على الأقل بالنسبة للسيدة ساجدة كما نشاهد من الصور القليلة المتوفرة . ولكن ان تذكر القارئة المعلقة ان السيدة ساجدة لم تكن "متعلمة" اي أن يكون هذا المضمون قد وصلها من الكتاب، فهذا افتراء واضح لأن الجميع يعلم انها كانت تعمل في مهنة التدريس. ولكن لدي تساؤل عرضي : هل التأنق وشراء الملابس من ايطاليا وفرنسا هو دليل التعليم والثقافة ؟ اذا كان هذا هو المعيار، فلا بد اني جاهلة وغير متعلمة ولا أعرف شيئا.
تستمر القارئة المعجبة في قراءة كتاب "ميادة" فتقول:

(خلال معرفة ميادة العميقة بصدام، كانت قادرة على رواية قصص لنساء الظل ويقدم هذا الكتاب لمحة عن عائلته سيئة الصيت ، كاشفة ان زوجته ساجدة سادية ايضا. مثلا رفيقة لعب مع ابنتهما الصغيرة هادي (تقصد حلا ولا ادري الغلطة من الكتاب ام من القارئة المتحمسة) كان عليها ان تقوم بأعمال منزلية خفيفة حين تكون حلا في المدرسة . في احد الأيام كانت هذه البنت تشغل المكنسة الكهربائية في غرفة نوم ساجدة ، حين ادركت ان جسما صغيرا شفط في المكنسة. اكتشفت انه خاتم ألماس كبير ، فأعطته لمديرة المنزل التي اعادته الى ساجدة والتي بدورها اهدته للفتاة الصغيرة تعبيرا عن امتنانها لأمانتها . قد تظنون ان هذه لفتة كريمة جدا ولكن كما اي شيء يأتي من صدام ومن عائلته فهناك لدغة في هذه القصة .

كانت العوائل العراقية العادية تعيش في مستوى الحرمان وكانت العقوبات على اشدها وصدام يترك متعمدا شعبه جائعا. معنى الحصول على الخاتم هو ان عائلة الفتاة تستطيع ان تبيعه وتشتري طعاما او احتياجات ضرورية اخرى وهذا مافعلته. بعد عدة اسابيع استدعت ساجدة الفتاة وطالبتها باعادة الخاتم لانها علمت ان سعره غال جدا. اخبرتها الفتاة ماحدث ولكن ساجدة لم تصدقها واتهمتها بالسرقة. استدعي الحرس وثبتت الفتاة على الارض وحلق الحرس شعرها الطويل .كانت الفتاة تبكي وساجدة غاضبة لأن الفتاة لا تعترف بأن الخاتم معها. أمرت الحراس ان يأتوا بالمكواة وأوصل بالكهرباء وحين سخن ، امسكوا يد الفتاة ومرروا المكواة عليها حتى ذاب جلد يديها وقالت ساجدة للفتاة انها لن تحتاج الخاتم الان لأنها لن تستطيع ان تلبسه في اصابعها. كيف يمكن لأي امرأة ان تفعل شيئا مثل هذا لانسان اخر؟ تخيلوا كيف قاست هذه الفتاة المسكينة وكانت بريئة ، ومعظم قصص الكتاب التي رويت في السجن كانت عن اشخاص ابرياء )
علينا أن نصدق ان صديقة حلا التي تلعب معها، تأتي وتنظف البيت ، ربما لأن صدام حسين لا يستطيع أن يستعين بخدم أكبر سنا واكثر مهارة. وعلينا ان نصدق ان فتاة صغيرة تلعب مع ابنته ومع هذا يتركها وعائلتها جائعة دون ان يشملها بالمكارم، وعلينا ان نصدق ان حلا كانت ايام الحصار صغيرة السن تذهب الى المدرسة وتأتي صديقتها لتخدم في منزل عائلتها، كم كان عمر حلا ايام الحصار؟ علينا أن نصدق ان الطفلة الصغيرة تستطيع ان تعرف ان الخاتم من (الألماس) ولهذا تسلمه لمديرة المنزل، في حين ان السيدة ساجدة لم تكتشف انه غال الا بعد أسابيع حين قيل لها ذلك !! يعني ان زوجة رئيس جمهورية تقتني خاتما لا تعرف ان كان من الألماس او من الزجاج !! كيف تقتني السيدة الأولى مجوهراتها؟ اما تشتريها بمعرفتها أو تهدى اليها بصفتها الرسمية ، فهل يمكن ان تشتري خاتما لاتعلم قيمته؟ أم هل يهدى الى زوجة صدام حسين (او اي رئيس جمهورية) خاتم من الصفيح ؟

رحمة بعقولنا. ياسيدة ساسون ! ليس كل القراء مثل جمهورك الجاهل الساذج.

أخيرا تقول القارئة المعلقة شيئا معقولا "لابد ان ساسون قد جمعت مالا وفيرا من نشر هذا الكتاب واعتقد ان من واجبها أن تحاول ان تعرف ماحدث لنساء الظل"
اي حاضر .. ساسون راح تصرف فلوسها للبحث عن اولئك النساء! اصبري شوية ، هي بس بانتظار مناسبة سياسية هامة يخدمها كتابها الجديد. خو مو كتابة التاريخ گوترة !!

وقد نوهت ساسون أكثر من مرة بعد نجاح هذا الكتاب ورواجه انها قد تبحث عن نساء الظل وتبحث عن مصائرهن. وكانت ميادة – من ضمن الترويج للكتاب – قد كتبت رسالة الى "سمارة" الشخصية التي بدأت في سرد رواية تعذيبها، تناشدها ان ترد عليها اذا قرأت الكتاب.

حاضر ، ولكن هل نسيت انها "قروية" ؟ انتظري شوية لما الست سمارة تدخل جمعية من جمعيات نساء الاحتلال في عراقكم الجديد ، وتتعلم انجليزي وبعدين تقرأ الكتاب (لأنه حسب علمي لم يترجم الى العربية بعد) ، وستكتب لكم دالغات تنفع لتكون الجزء الثاني من هذا المسلسل الهندي.

ونكمل السالفة في الحلقة الرابعة هنا.

هناك 14 تعليقًا:

  1. السلام عليكم شلونج عشتور هاي اشبيج امدوخه راسج بهاي القصص يمعودة روحي على قصص المسؤلين العراقين او ما يسمى بالعراقين تره هذوله فضايحهم وصلت للهامة ويمكن نقطة الحياء سقطت منهم 0 وبعدين سؤال اني اذكر مرة قريت مثل هاي القصة على موقع تحت نصب السخريه مال هاي الي اسمهه ميادة العسكري تدرين هاي يمكن امخبله ومجنونه لان القائد الامريكي الي كان قبل القائد الامريكن في العراق الان نسيت اسمه دائما تكتب عنه وعن عيونه الزركة وهايمه بحبه يمكن ديدفع خوش افلوس لان ما معقوله اكو هيج حب بين واحد محتل بلدي وبين وحدة اتكول اني احب بلدي وخايفة عليه ولج عيني عشتورة هاي صدعت روسنه اتورط الحكم السابق وسجنه كم يوم عبالك سجن العالم كله من صار احتلال العراق لحد الان وماكو مقال تكتبه الا وطلعت كل وساخته ايييييييبببببباهههه معقوله عدنه مثل هيج نسوان خزيه وماسخات معقوله هاي المره هي عراقيه وابوها جعفر العسكري وجدها ساطع الحصري معقوله
    سؤالي هو هاي هيه نفس الميادة لو غيرها

    ردحذف
  2. ويكولون ليش تحبين عشتورة..
    كملي السالفه عنوني.. مو مال تعليق مال متابعة..
    هههههههههههههه بس احلى احلى شي ام الspit ههههههههه ادري شكبرهه اذا تغسله وجهه بيها.

    ردحذف
  3. صدك عشتورة اني هم قرأت بموقع تحت نصب السخرية وكتابات لميادة العسكري.. اعتقد هي هاي مو؟؟

    ردحذف
  4. عزيزي غير معرف.. هاي القصص هي الأكثر تأثيرا في الرأي العام ، وهي التي حشدته ضدنا، وهي التي أنامت ضمائر العالم لئلا يعترضوا على تدمير العراق.

    أما قصص العملاء في حكومة الاحتلال ، فما هو الجديد فيها؟ هل فوجئت بحجم الفساد؟ ولماذا المفاجأة ؟ ماذا تتوقع ممن باع بلده مقابل حفنة من الدولارات؟

    ماذا تريدني ان اكتب عنهم ؟ انهم حرامية؟ خونة ؟ فاسدون؟ فاقدو الشرف والضمير ؟

    وهل هذا جديد؟ وهل هناك اي عراقي حر يحب بلده يمكن ان يشك لحظة بذلك ؟

    أنا احب ان اتناول في مقالاتي المستتر من الأمور وليس المكشوف والمعروف.

    بالنسبة لتساؤلك وتساؤل جيفارية حول شخصية ميادة . نعم انها ميادة العسكري وهي لا تنكر ذلك .

    ردحذف
  5. عشتورة .... عاشت ايدچ ..
    عندي عدت ملاحظات حول المقالة التي تبدو وكأنها كتبت على عجالة أو (عدم تركيز عشتاري) من الذي عهدناه !

    "في الساعة 8.45 من صباح 19 تموز 1999 ")

    عندي حساسية من ذكر الوقت بالدقة في حدث مؤلم لصاحبه )
    عادة , الاحداث المؤلمة ترسخ بذهن الشخص اكثر ... ربما ميادة كانت معتادة على الوصول الى مقر عملها في الـ 8:15 وتعطي توجيهاتها للعاملين بـ 30 دقيقة , وبمجرد انتهائها من التوجيهات دخلت عليها العناصر الامنية ! او انها أستأخرت احد العاملين لديها وعند سماعها وقع خطى اول عنصر امن , ضنتٌه مستخدمها , فنظرت الى ساعتها لترى كم هو متأخر ! احتمالات كثيرة واردة !
    أما في ما يخص الاحداث (الجسيمة) , (( رغم انهم قرويون وربما لا يمتلكون ساعات،)) ولنفترض انهم كانوا يملكون ساعات , هل كانت لحظة الموقف تسعفهم بالنظر الى ساعاتهم؟
    مثال: انا جالس (في امان الله) وحدث بحدود تواجدي انفجار او قصف او هزة ارضية او زلزال , هل اعمل على تشغيل حواسي المطلوبة (لاكتشاف الحدث) بأقصى طاقاتها ,لأعرف كيف سأتصرف ؟ ام انظر الى ساعتي !!!
    كذبة الكلب (مختار) , لماذا يزعج منظر الكلب وعذابه ,ناس قلوبهم من حجر ؟ وهل القلب الحجري يتأثر باي شئ ؟
    ((هل كان لطبيب العائلة كلمة او حظوة لدى صدام ((وقال له بأنه بحاجة ماسة إلى كلب حراسة، وطلب أن يسمح له بأن يأخذه
    اكثر من اهل بيته ؟ ((ولكن لم يتمكن أحد منهم معارضة قرار اتخذه صدام بشأن مصير هذا الكلب))
    شئ آخر(( صديق المرحوم والدي وزميله في كلية الطب)) بمعلوماتي المتواضعة اعرف ان (ابو ميادة) دكتوراه في الاقتصاد وليس في الطب , فهل يا ترى بدأ دراسته الجامعية في الطب ومن ثم انتقل الى الاقتصاد أم انها مجرد( شطحة )؟ أعلمونا .. يرحمكم الله !!

    عشتورة ...لا اوافقك الرأي بأن الكتاب كُتب للسُذج , أعتقد انه كُتب للأغبياء !!
    أيُ ساذج لن يصدق ان ( رفيقة لعب حلا ابنة صدام ) كانت من عائلة معوٌزة ! لكن الاغبياء يفعلون !!
    ماذا تعني ( رفيقة اللعب ) لأي كان ؟ إما تعني رفيقة حي (يعني جيران) ولا أعتقد بوجود عوائل محتاجة تسكن القصر الجمهوري مقر اقامة صدام (أثناء الحصار) .
    أو ان تكون رفيقة مدرسة , وفي هذه الحالة يتولد السؤال التالي : لماذا يفترض برفيقة حلا ان تكون موجودة في بيت حلا ؟ عندما تكون حلا في المدرسة!

    واخيراً اعتذر للاطالة , وهلا ذكرتني بعنوان الكتاب ثانية ! أكان الكتاب عن سادية عائلة صدام أم عن ميادة ابنة العراق ؟


    عراق

    ردحذف
  6. عزيزتي عشتار
    قد تختلفين معي في ماسأذكره
    الكثير من الامثلة التي تذكر عن شخصيات تلونت كيفما دارت الاحداث
    وميادة العسكري للذكر لا للحصر كانت مقربةمن الشهيد صدام وكانت من الوسط الذي لم يعرف معنى الحصار
    وبالرغم من ذلك عندماأقرأ ماتكتب من مقالات اشعر ان داخلها حقد غريب غير مبررقد يكون له بعد طائفي او شعور بالنقص تجاه شخص صدام حسين اوقد تكون تطرح نفسها كمعارضة لتستجدي منفعة رخيصة في هذا الزمن الاغبر الذي اصبحت معه مفردة معارض لا تعني اكثر من خائن
    لو كانت الاماني تنفع والزمن يعودبضع سنوات واتيحت لي الفرصة لمقابلة الشهيد صدام لهمست بأذنه أن من ينفع الوطن البسطاء بحالهم العظماءبحبهم للوطن الذين سحقهم الحصار ولم يجدوا رغيف خبز ونحن نملك دجلة الخير

    ان اكثر من يحاول النيل من النظام الشرعي في العراق هم من الذين كانوامستفيدين منه
    وكل الذين يدافعون عنه هم من الذين
    احبوا العراق عندما كانوا يتنفسون الكرامة




    ماجد

    ردحذف
  7. عزيزي عراق.. يعجبني فيك نهجك ذات اسلوبي في تفصيخ الأقوال والاحداث وتشريحها بمشرح جراح.

    ولكني اختلف معك في تذكر الاحداث. لقد أجريت بحثا عن الذاكرة الانسانية، وهي خداعة وخائنة ، صدقني. وأدعوك الى عمل تجربة علمية . حاول ان تتذكر حدثا كبيرا في حياتك (سواء كان مؤلما او سعيدا) مرت عليه عدة سنوات. واسأل شخصا آخر كان يشاركك او كان حاضرا في ذلك الحدث، أن يذكر لك تفاصيل ما يتذكره . ستجد ان قصتك وقصته لا تتطابقان.

    لايمكن تذكر الساعة بالضبط في الاحداث الجسام. مثلا والدي كان مقربا مني جدا. اسألني متى توفي؟ في اي يوم حتى ، وليس اي ساعة؟ لا أذكر. اسأل اي ام تعتز بولادة طفل لها : ولد في اي ساعة؟ لن تذكر تماما الا اذا كانت قد سجلتها كتابة. بل انه في الافلام البوليسية (وأنا نصف معرفتي من تلك الافلام) يعتبر ذكر المشكوك بأمره للساعة والدقيقة للدلالة على بعده من مكان الجريمة ، اول شيء يدينه ويثير حوله الشكوك.

    لو كانت قد ذكرت (حوالي الساعة الثامنة) (بين الثامنة والتاسعة) كان يمكن ان نقول معقولة لأن هذا موعد خروجها ووصولها الى المحل الخ. ولكن ان تقول الساعة 9 الا ربع !! هاي شوية واسعة. ثم هي ذكرت في القصة انها وصلت المحل وكان كل الموظفين موجودين وعددهم 5 ، وفيما هم يتحدثون دخل زبون تونسي وطلب ترجمة شيء له ، وبعدها دخل رجال الأمن. أي أن فرضياتك حول معرفة الوقت لم تكن صحيحة تماما.

    تحليلاتك وتساؤلاتك الاخرى على راسي. وارجو اذا كنت تعرف أن تقول لي كم عمر حلا الان ؟ كم كان عمرها في أيام الحصار؟ هذا سيكشف كل شيء. لا أعرف عمرها بالضبط ولكني اعرف ان لها زوج أسير لدى القوات الأمريكية. أي انها قبل الاحتلال كانت متزوجة. وشدة الحصار كانت في السنوات الأخيرة منه وليس في سنواته الأولى. أي ان حلا لم تكن طفلة صغيرة في الابتدائية ايام حدوث القصة.

    قولك اني متسرعة وينقصني التركيز، هذا تجن عليّ ، لأني استغرقت وقتا طويلا في تجميع المعلومات من الانترنيت ومن الاشخاص الاحياء المعاصرين للحدث، ولم تنته سلسلة "ميادة" بعد ، فما زال هناك بقية للمقالة.

    بالنسبة للقرويين الذين لا يمتلكون ساعات. وقولك أنهم حتى لو امتلكوها فليس من طبيعة الامور في حالة عصيبة ان ينظروا الى الساعة. قولك صحيح ، ولكني أمسكت بالصورة الأكبر، بدون الدخول في التفاصيل خاصة أن مثال القرويين الاكراد كان للتشبيه فقط ولم يكن المسألة الرئيسية في تحليلي.

    بقية تساؤلاتك مثيرة للاهتمام ، ويستطيع المرء ان يجد الكثير من هذه الخرابيط، لأن الكاتبة أو الراوية لم تكن تهتم بمراجعة التفاصيل. وكما يقولون الشيطان في التفاصيل.

    عنوان الكتاب كان عن الاثنين فهو (ميادة ابنة العراق: قصة نجاة امرأة تحت حكم صدام حسين)

    ردحذف
  8. عزيزي ماجد

    لا اختلف معك. ذكرت مرة في احدى مقالاتي في بداية النشر في "كتابات" أنه على عكس ما كان يشاع من قبل الخونة والعملاء (المعارضة سابقا) من أن المواطن العراقي كان لايحصل على وظيفة او ترقية او دراسة او اي شيء اذا لم يكتب قصائد مديح وغزل في القائد الشهيد صدام حسين. أنا من الناس الذين عشت وعملت وترقيت ودرست واخذت كل امتيازاتي بدون أن اكتب كلمة واحدة مديحا، لأن ذلك ليس من شيمي، وبدون أن يطالبني احد بأن انضم الى الحزب. لم امتدح الرجل الا بعد استشهاده. ومثلي كثيرون من ادباء العراق . اعرف اسماء كبيرة جدا حصلت على مكرمات وامتيازات بدون ان تكتب كلمة واحدة في مدح القائد.

    من فعل ذلك كان نوعان من الناس:

    إما محب مخلص أو منافق متسلق. والصنف الأخير هذا هو الذي تراه الان يتسلق أكتاف الأمريكان. فهؤلاء يصلحون لكل العصور واخلاصهم الحقيقي هو لأنفسهم.

    ولهذا ياعزيزي ماجد ترى من يدافع عن العراق الان هم الذين كان اخلاصهم للوطن وليس لأنفسهم أو لأشخاص. ومن الطبيعي ان البسطاء والفقراء هم الذي يدافعون عن الأرض، فهم الذين على اكتفاهم بُني الوطن الذي لايعرفون غيره.

    ردحذف
  9. عشتورة ... سأجيب على فقرات تعليقك بالتسلسل :

    (تفصيخ الاقوال) , لفهم حقيقة الامور يتوجب فعل ذلك !

    انا قصدت زمن وقوع الحدث وليس تفاصيل حدوثه , حتما سيختلف اثنان بسرد نفس الحدث او تذكر نفس الحدث بأختلاف وجهة النظر وقوة الذاكرة !

    وايضاً , (تذكٌر ساعة الحدث بالضبط) يعتمد على قوة الذاكرة وشخصية صاحب هذه الذاكرة وهي مسألة نسبية.

    أعتقد ان تحديد الوقت بالضبط كان (شطحة) ساسونية , لانها تعلم ان هكذا تفاصيل توحي بمصداقية اكثر لدى القراء الذين خُصص لهم الكتاب .

    انا لم أتناول من تفصيلة (رفيقة اللعب) سوى (نَصٌ الكلام) ودحضت الكذبة بالمنطق !! اما لو كنت قد تناولت (فَصٌ الكلام) فحتما ستكون هناك اكاذيب اخرى لتُكشف , بكل الاحوال أعتقد ان حلا من مواليد اواسط السبعينات , لا اعرف بالضبط ولكنها ما بين 74 و 76 .

    والله يا عشتورة ما اقصد اي تجن , لكن بعد اكمالي قراءة المقالة احسست انها كانت سريعة او لم تُراجع جيدا ! ثم (قولك اني متسرعة وينقصني التركيز) هذا الكلام يوحي بصفة عامة ( انشاء الله ينكسر الكيبورد مالتي قبل ما اكتب هيچي حچي على عشتورة ), انا لم اقصد هذا , بل قصدت المقالة تحديداً ! وبأي حال , تقبٌبلي اعتذاري .

    بالنسبة للقرويين اللذين يمتلكون ساعات , فأمر طبيعي ان ينتبهوا للوقت لحظة الحدث (لانهم مجرد قرويون) , بينما الناس ( المتحضرين) في نيويورك نصٌبوا عدة كاميرات وبزوايا مختلفة لرصد الحدث حتى قبل وقوعه !!!

    بأنتظار بقية المقالة ...


    عراق

    ردحذف
  10. عراق .. عودا على الذاكرة ، وهو موضوع شيق. حين تناولت موضوع أكاذيب محاكمة الانفال وأساطير الابادة التي يدعيها الأكراد وحتى افند اقوال شهود الزور الذين كانوا يصفون الحدث (القاء قنابل كيماوية) بنفس الكلمات ويتذكرون نفس التفاصيل . وجدت هذا غير منطقي، هناك شيء غير صحيح. وهكذا تركت كل شيء وتفرغت لدراسة الابحاث التي تتناول الذاكرة الانسانية.

    الذاكرة تميل الى تذكر الخطوط العريضة للحدث، وكلما ابتعدت زمنيا عن الحدث ، صرت اكثر تعرضا الى اضافة اشياء لم تكن موجودة او قبول ايحاءات من آخرين تضيفها وكأنها هي التي اختزنت بذاكرتك.

    لنفترض ان اما فقدت طفلها . ضاع منها في الشارع. ولنفترض انه كان معها شخص آخر في تلك الحادثة. فقدان الام لطفلها حدث مأساوي كبير جدا . لو سألها أحد بعد عشر سنوات مثلا كيف ضاع ابنها ، سوف تذكر الخطوط الرئيسية. لو سألها ماذا كان يرتدي ابنها؟ مالون القميص او البنطلون؟ لن تتذكر ذلك . ولكن لو قال الشخص المرافق لها "كان يرتدي بنطلونا اسود وقميصا احمر" فسوف تضيف ذاكرة الأم هذه المعلومة الى القصة، وحين يسألها احد عنها بعد ذلك او حين تتذكر هي ابنها ولحظات فقده فسوف تتذكره بهذه الألوان. ولكن هل معنى هذا ان هذه هي الالوان الحقيقية التي كان ابنها يرتديها؟ ربما نعم وربما لا ، ولكنها صارت جزءا من ذاكرة الحدث.

    لو قالت الأم ان ابنها ضاع في شارع كذا ، ولكن محدثها يقول لها "لايمكن ان يكون في شارع كذا لأنه كان مغلقا في التاريخ الذي تذكرينه. هل تقصدين الشارع الموازي له؟" ستسرع الى القول "نعم في الشارع الموازي" وستكون هذه المعلومة من ضمن ذاكرة الحدث.

    المحاكم المحترمة لايمكن ان تعتمد على ذاكرة تعود الى اكثر من سنة ، فما بالك ان شهود الزور الاكراد كانوايتذكرون احداثا رأوها حين كانوا أطفالا قبل عشرين سنة !!

    ردحذف
  11. السلام عليكم عشتار
    صارلي يومين أدور مقالة لك كتبتيها قبل فترة و ردت أعيد قراءتها فيها وصف كيف تعرف عدوك و صفات الخونة و بيها مثل اسيوي عن الديناصور مدا الكاها ارجو ان تساعديني ودمت بخير

    ردحذف
  12. عزيزي غير معرف الذي كنت تبحث عن مقالة منذ يومين . هذا رابطها:

    http://ishtar-enana.blogspot.com
    /2008/12/blog-post_8476.html

    وبالمناسبة ، لا اعرف اذا كانت الاشارة الى الديناصور هي مثل أسيوي ولكن النظرية ذكرتها الكاتبة الهندية الاصل ارونداتي روي، ولها مقالات ممتازة حول الامبراطورية الامريكية وكيفية مجابهتها.

    ردحذف
  13. اضافة الى التعليق السابق:

    المقالة المطلوبة بعنوان (نصائح للأصدقاء : هذه هي نقاط ضعف العدو) وموجودة في قائمة مقالات ديسمبر 2008 الموجودة الى يسار الصفحة الاولى.

    ردحذف
  14. النجار العراقي23 يوليو 2010 في 6:19 م

    عزيزتي عشتار
    أنا قاريء جيد لكني كاتب سيئ .. ولكني ساحاول أن أعطي رأي حول هذا الكتاب :
    ١. جاهدت مع نفسي كي أنهي قراءه هذا الكتاب علي أصل ألى شيء مفيد .. كان هذا قبل عامين .. و ما اكتشفته أن هذا الكتاب يمكن أن يلخص في ٢٠ صفحه .. الكاتبه اعتمدت على نفخ و حشو لمعلومات بسيطه تقولها الراويه .. هناك فصول كامله لقصه من ٥ سطور ..فقبل أن تنطق الراويه الدره هناك مقدمه تاريخيه و وسط يمهد و خاتمه جهوريه وينتهي الفصل و لا أثر لقصه الراويه وهكذا ... حتى أنها في بعض الفصول تسيء لمياده نفسها مثلا تلميحها باعجابها بعلي المجيد و أنه كان يمكن أن يكون فارس الأحلام لو لا منصبه الذي يفرض عليه أرتكب الجرائم و مع هذا ظلت محتفظه بعلاقه طيبه معه .
    ٢. توفير لوقت من لم يقرأ الكتاب .. فهو يعتمد الأسلوب الأمريكي القائم على افتراض أن القاريء ساذج و لا يعلم و الكاتب يعلم و خصوصا أن الموضوع عن بلد بعيد و بهذا يتحرر الكاتب من مراقبه المصداقيه أو المعقوليه و ينطلق لخدمه الهدف من كتابه وهو هنا جزء من خطه ما سمي وقته (تحرير العراق) و حتى الأرباح التي حققتها الكاتبه و الراويه كان جزء من ميزانيه هذه الخطه و ليس من مبيعات الكتاب.
    ٣. الكتاب هو قصه ركيكه لاتستطيع المشي لوحدها لذا أحتاج الموضوع لعكازتين وهما جدي الراويه الشخصيتين المحترمتين لذا نرى الكاتبه تحشرهما كلما عصلجت السطور ... و تنتهي من الكتاب بشعور بانه يشبه كتالوجات المدح للشركات أو الحكومات التي كنا نتدافع للحصول على أكبر كم منها في معرض بغداد الدولي حتى لو لم يكن فيها أي فائده لنا ... هذا سبب أنك تجدين هذا الكتاب بكثره ليس في محلات بيع الكتب التجاريه و لكن في المكتبات العامه التي تعير الكتب بالمجان و قد وجدته في مكتبات عامه في ٦ دول حتى الآن بعضها لايتكلم الانكليزيه و كأن هناك من يجاهد لايصال هذا الكتاب ألى أكبر شريحه حول العالم و بالمجان .
    ٤ . هناك في الأدب الأمريكي قصص و أفلام للتعذيب في السجون الأمريكيه مما يندي له الجبين و تكون قصه مياده بجانبها مجرد نزهه و سجن البلديات فندق ٥ نجوم .. و بعض هذي الأفلام تشير ألى أنها تستند على قصه حقيقيه و أترك لمواهب عشتار البحثيه أن تعمل قائمه بها .. ما يهمني أنه في كل هذي الأفلام يكون المسوءول عن التعذيب هم أما السجناء فيما بينهم أو السجانون أو في أسوأ الأحوال ضابط فاسد و لكن لا يقال أبدا أن رئيس الجمهوريه هو المسوءول ... وحتى لو قيل فيترك شخص الرئيس مبهم ... هناك مثال قريب و هو مسلسل (بريزن بريك) باختصار يقودنا الكاتب بأن المسوءول عن ظلم البطل البريء الذي سيعدم ظلما هو نائب الرئيس و المرشحه أن تكون الرئيس و هنا أختار الكاتب أن تكون هذي الشخصيه أمرأه كي يبعد أي ربط بينها و بين أي رئيس أمريكي ...
    ٥. السوأل الأول حول نقطه ٤ أعلاه : هل من حق الصين بعض مشاهده أو قراءه قصص التعذيب و الظلم في السجون الأمريكيه أن تقول أن المواطن الأمريكي قد تحمل مايكفي وان الأوان لتحريره و نطيح حظ رئيسه و بلده ؟
    ٦. السوأل الثاني حول نقطه ٤ أعلاه : لماذا كان كل شيء في العراق بربط بصدام ؟ أنا أرى أنها غلطه صدام نفسه .. فقد أعجبته أن يعتقد العراقيين أن كل الخيوط هي في يده وحده و أعتمد بشده على أحاطه نفسه بحاله الرعب حتى لمبالغ فيها كأسلوب لتخويف الشعب و مع الاسف لم تهمه سمعته و تصور الناس عنه و صفات الوحشيه طالما كانت تساعده في تثبيت الحكم .. بدأت هكذا ألى أن وصلت ألى أخطائه القاتله في التهاون بالدفاع عن نفسه في قضايا حلبجه و أسلحه الدمار الشامل التي أثرت على سمعته الدوليه و المحليه و هو كان مستمتعا بخرافات الرعب و الوحشيه
    ٧. أنا لا أحب صدام و لكن طوال ١٥ سنه من الغربه كان لدي مبدأ وايضا وجدته عند معظم العراقيين في الخارج و هو أننا ننتقد أو نمدح الرئيس طالما كنا عراقيين فقط في الجلسه و لو حصل و كان هناك أحد غير عراقي ، عربي أو أجنبي ، فإن من غير المسموح انتقاد الرئيس أمامه ..وهذا كان سبب صدمتي بمياده عندما قرأت هذا الكتاب..كيف تسمح لنفسها بأن تكون أحد احصنه طرواده لقتل العراق ؟ حينها أخذت عنها نظره سلبيه للغايه
    ٨. ثم بدأت مياده تنشر في كتابات .. ووجدت عندها حب الوطن و الروح العراقيه الحلوه و عليه أتوقع بانه سيأتي اليوم الذي تعتذر فيه عن هذا الكتاب .. واعتذارها سيكون بشكل كتاب توءلفه عن لسان أحد نزلاء سجن أبوغريب أو لقاء مع روح أحد شهداء الذين ماتو ثقبا بالدريل أو محاورات مع أرواح مئات الشذا من الجثث المجهوله أو مقابله مع رماد أحد المحروقين أحياء لاسباب طائفيه أثارتها القوات المحرره ...
    عندها فقط ستستحق مياده هذا اللقب العظيم ( مياده بنت العراق )

    ردحذف