"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

17‏/5‏/2009

من النيل الى الفرات : رايح جاي !


حنقباز النيل د. عدلي حسنين

بقلم: عشتار العراقية

لم يذكر اسمه فيما يتعلق بالعراق سوى في مقالة واحدة نشرت عن مقتل فيرن هولاند، وقد نسب اليه بعض الرأي والنصائح فيما يتعلق بالأموال التي اختفى سرها بموت العميلة الشقراء. (اقرأ مقالتي عن حنقباز الحلة - 2) بعدها انقطع ذكره. وكانت الصفة التي ذكرت الى جانب اسمه هي انه مستشار في سلطة الاحتلال ، عمل الى جانب بريمر لنفس الفترة (2003-2004). كما ذكر انه عمل بالقرب من هولاند.

بعدها ظهر اسمه في مصر ، فالرجل (عدلي حسنين ) مصري امريكي ويحمل لقب دكتور. يبدو انه اشترى في عام 2006 مامساحته 120 فدان في بني سويف على النيل وأقام صرحا طموحا له اسم فخم (مركز البحر المتوسط لبرامج التنمية المستدامة ) ويصفه لصحيفة الشرق الأوسط بقوله "«اخذت ابحث عن اي مكان على النيل ليس شرطاً ان يكون في القاهرة او في الوجه البحري ولكن في اي مكان في مصر حيث يظهر النيل كلؤلوة متوهجة توازي طلة البحر والمحيط لا فرق على الاطلاق... واضاف حسنين تعبت كثيراً في البحث عن بقعة على النيل تصلح لمشروعي .. وبعد البحث وجدت ضالتي بجوار قرية غياضة الشرقية في الصحراء الشرقية وعلى مساحة تصل الى 120 فدانا تقع على هضبة ترتفع عن النيل بنحو 44 مترا قررت اقامة مشروعي في هذه المنطقة . ويشير حسنين وهو الذي كان يعمل مديراً اقليميا لبرنامج الامم المتحدة للحفاظ على البيئة ان المشروع عبارة عن مركز تعليمي وسياحي وترفيهي وينقسم الى 8 اقسام: الجزء المعماري منه يغلب عليه طابع البيوت القديمة للقرى المصرية والتي ستمثل ردة على الفساد المعماري الذي ظهر في مصر اخيراً. واضاف حسنين، «سنبني 120 شاليهاً على النيل على الطراز المصري القديم مستوحاة من مشروع حسن فتحي . اما باقي المشروع كما يقول صاحبه فيتكون من مزرعة زواحف وقرية اسمها «كان يا ما كان» على مساحة 120 فداناً تضم 60 منزلاً وقسما للزراعة العضوية التي تعتمد على المواد العضوية لتقليل الاخطار على صحة الانسان ومزارع للخيول والحمير والبغال بالاضافة الى بحيرة صناعية تم شقها في الصخور".

من الواضح ومن الوصف ان المركز عبارة عن قرية سياحية ، فلماذا هذا الإسم الغريب ؟ مركز البحر المتوسط لبرامج التنمية المستدامة ؟

حسنا خلينا ورا الكذاب كما يقول المصريون. نذهب الى موقع المركز على الانترنيت فنجد ان من يدير هذا المركز وهذه البرامج وهذه التنمية المستدامة هما اثنان فقط : مديران فقط هو الدكتور عدلي حسنين ، وواحدة أجنبية اسمها جودي دويتش، ليس لديها صورة على الانترنيت سوى صورة واحدة هي التي تضعها على الموقع ، ليس صورة شخصية مكبرة وانما صورة امرأة تتمدد على اريكة ولا نرى واضحا سوى قدميها في وجوهنا. وهذا شيء غريب لأنه من المعتاد في المراكز والمواقع الاجنبية المحترمة او التي لها صبغة تجارية او علمية او اي شيء، ان توضع صور وجوه المديرين والمستشارين والموظفين المهمين بشكل واضح. لماذا تخفي السيدة وجهها؟

يتضح صدفة ان السيدة هي زوجة عدلي حسنين ، طبعا هو لا يذكر هذا في موقعه ولا في أي مكان آخر ولكن نعرف كما قلت من مقالة تتحدث عن المركز . اذن يدير 120 فدان رجل وزوجته فقط. ولكن مهلا .. هناك اسم آخر لموظفة يأتي على استحياء وبدون صورة .. واحدة اسمها زابرينا ويتضح انها طالبة مراهقة متفوقة من الهنود الحمر من كندا، حصلت على (بعثة) عمل وتدريب في هذا المركز في مصر لمدة 3 اشهر.

أنتم في الصورة الآن؟ التفكير الشيطاني للدكتور وزوجته هداهما الى استغلال مثل هؤلاء الطلبة الأجانب الذين يموتون عشقا في صحارينا العربية والمتشوقين لمغامرات في فترة الصيف او العطلات أثناء الدراسة ، ولن يمانعوا ان يقضوا فترات (تدريب) وهي في الواقع عمل مقنع ربما بدون اجر أو بأجر بسيط، والواحد من هؤلاء لقلة خبرته او لسذاجته سيكون ممتنا ولن يسأل اسئلة كثيرة ولن يهمه مايحدث فعلا في المركز واهدافه، وسيبذل كل جهده لاثبات وجوده وشطارته. وقبل ان يفهم اي شيء ، تنتهي دورته ويأتي غيره.

ولكن فات الدكتور ان هؤلاء الشباب مهووسون بالكتابة على الانترنيت حول تجاربهم، هكذا عرفت ان زابرينا ستكون دليلا لعشتار . وقد حدث ماتوقعت. في حين تضع اسم د. عدلي حسنين فلا يظهر لك سوى اقل المعلومات وتضع اسم الزوجة المصون فلا يظهر لديك شيء، ولكن ضع اسم زابرينا فتنهال عليك المعلومات. كانت في اوقات فراغها تكتب يوميات عملها في المركز على الانترنيت.

قبل أن نبحث في تلك اليوميات، دعونا نعود الى الدكتور الذي يصر في مقابلاته مع الصحفيين المصريين ان يذكر انه (قادم من الأمم المتحدة) فهو كان خبيرا هناك. ولكن ربما كان ذلك لفترة وجيزة، ولكن مجال خبرة الدكتور كان في الواقع مع الشركات المريبة الكثيرة التي تعمل في مناطق الصراعات والأزمات والحروب، ومع البنتاغون الذي تعاقد معه للذهاب الى العراق (لبناء الديمقراطية المستدامة) بالتأكيد !! ففي شذرات على الانترنيت نجد هذه الصفات لهذا العنصر المصري:

(أكد الدكتور عدلي حسنين مستشار وزارة الدفاع الأمريكية الاسبق للديمقراطية وحقوق الانسان في العراق ان الانتخابات العراقية دليل على رغبة العراقيين في التخلص من الاحتلال الامريكي البريطاني فقط) الشرق الاوسط – 2005
"وأنا عشت هناك (العراق) سنة مع القوات الأميركية" في اتصال هاتفي له على الهواء مع احمد منصور من قناة الجزيرة - 2008 "

الشيء الغريب انه وضع سيرته المهنية على مواقع انترنيتية مشهورة للبحث عن وظائف ، في موقع واحد اسمه (ديفكس) وضع اكثر من سيرة مختلفة حسب الحالة وكل مرة يغير بلد المنشأ:

(25 سنة من الخبرة) الدكتور عدلي حسنين قضى اكثر سنوات عمله في منطقة البحر المتوسط - شمال افريقيا يقود برامج ومشاريع مساعدات ثنائية ومتعددة . اختصاصي تنمية دولية وبناء القدرات، وعمل لدى مؤسسات محلية واقليمية .
أهداف وضع الاعلان : فرص عمل – مهمات استشارية – التواصل المهني – بحث عن المنح – مهمات تطوعية. - 25 كانون الاول 2008)

(د. عدلي حسنين – مصر

د. عدلي حسنين مؤسس ومدير مركز البحر المتوسط لبرامج التمنية المستدامة ومقره مصر العليا . لديه اكثر من 30 سنة خبرة في ادارة برامج وفرق المساعدات الفنية الثنائية والمتعددة في كل مجالات التنمية المستدامة.
الاهداف: فرص عمل – مهمات استشارية – تتبع المشاريع والمناقصات – تواصل مهني – 5 آيار 2008)

(عدلي حسنين – الولايات المتحدة - خبير التطوير المؤسساتي وبناء القدرة لديه 30 سنة خبرة في التخطيط الستراتيجي وتطبيقات التنمية المستدامة في افريقيا واوربا والشرق الاوسط.
الاهداف : فرص عمل – تواصل مهني
1 آيار 2008 )

(عدلي حسنين - بريطانيا
بصفته خبير تنمية دولية متخصص في ادارة البيئة والتنمية المستدامة وبناء القدرة ، فإن د. حسنين قضى اكثر من عقدين يطور ويدير برامج في 30 دولة شمال افريقيا والشرق الاوسط وحوض البحر المتوسط.
الاهداف : فرص عمل – مهمات استشارية – تواصل مهني - 13 ايلول 2007)

في احد المواقع يسأله مسؤول الموقع عن عمل مركزه او منظمته فيقول "يدير برنامج تعليم بيئي في الهواء الطلق للشباب المهتم بالتنمية المستدامة ويبني الوعي حول التغير المناخي وسخونة الكرة الارضية خاصة للشباب المصري. انه مختبر حي لكل الاعمار حيث تمارس التنمية المستدامة بشكل يومي.

في 2002 كان ممثل مكتب (برامج المساعدة الفنية البيئية المتوسطية في البنك الدولي) في القاهرة.

بين 29 تشرين ثان و30 كانون اول 2004 (لمدة شهر فقط) عمل مستشارا لشركة اميكس الدولية Amex لتأسيس احصائيات تجارية للذرة والرز والبصل والطماطم والماشية والكاشو والاسمدة في دول نايجيريا وغانا ومالي وبوركينا فاسو حيث قابل عددا من المساهمين في جمع البيانات الزراعية منهم بعثات هيئة المعونة الامريكية . وجد المستشار ان جمع البيانات ينصب على الانتاج الزراعي وليس على التجاري. وكذلك وجد ان انظمة معلومات السوق المحلية التي تقوم بجمع البيانات ضعيفة وقليلة الموظفين ولهذا تؤثر في نوعية البيانات.

شركة امكس شركة صغيرة في واشنطن . وتقدم على مدى 25 سنة استشارات النوعية وخدمات الشحن لوكالات حكومية امريكية وحكوماتاجنبية ومؤسسات دولية وشركات خاصة في انحاء العالم . وخدماتها تشمل الادارة والدعم الفني وتكنولوجيا المعلومات والديمقراطية والحكم وتطوير القطاع الخاص الى جانب الشحن والشراء. من الهيئات التي عملت معها هيئة المعونة الامريكية في اكثر من 75 مشروع في انحاء العالم ، كذلك عملت مع وزارة الزراعة الامريكية – البنك الدولي – بنك التنمية الافريقي – برنامج التنمية للامم المتحدة – مكتب الامم المتحدة للمشاريع – برنامج الامم المتحدة للبيئة – منظمة ميرسي كوربس الدولية

مؤخرا ، نشر احد الصحفيين في صحيفة واسعة الانتشار هي (المصري اليوم) مقالة دعائية بعنوان (حكاية الدكتور عدلي) اطنب في خبرات وانجازات الدكتور والذي كما يبدو يعاني من مشكلة ما مع الحكومة المصرية :

(الدكتور «عدلى حسانين» مواطن مصرى تخرج فى نهاية الستينيات فى كلية الزراعة.. كان أمامه طريق واحد نحو المستقبل.. حمل السلاح ضمن أبطال القوات المسلحة.. قدم كل ما يملك حتى تحررت الأرض.. غادر مصر بحثا عن العلم.. تفوق فى فرنسا وحصل على أعلى الدرجات العلمية.. تلقفه من أدركوا قيمته وقدروا طول قامته.. كانت المحطة التالية نحو الولايات المتحدة الأمريكية.. نجح فى أن يكون واحدا من أهم خبراء الأمم المتحدة والبنك الدولى.. صاغ بجهده وأفكاره وعلمه قصص نجاح دفعت دولاً عديدة لأن تطوق عنقه بأرفع الأوسمة.. لكنه كان مشدودا إلى معشوقته الشهيرة على وجه الكرة الأرضية باسم «أرض الكنانة»..

فالوطن يعيش داخله وليس مجرد جنسية يحملها.. فى رحلاته عبر الكرة الأرضية كان يحط بين الحين والآخر على أرض «مصر».. يحلم بغزو الصحراء.. يحاول تطبيق نظرياته فى التنمية البشرية.. تمكن من الحصول على قطعة أرض فى أول صعيد مصر – بنى سويف - وأقام عليها مشروعا يصعب أن أختصر وصفه فى بضعة سطور.. هو يحتاج إلى المبشرين بالأمل على شاشات التليفزيون المصرى.. لكنهم كالعادة غافلون!!

لا يهمنى سرد حجم الأزمات والمعاناة التى فوجئ بها.. ولا يعنينى أن الحكومة متمثلة فى أجهزتها التنفيذية تتربص به، وكأنها تستنكف أن يكون فى مصر مواطن يعشق وطنه ويحلم بعطائها فعلا لا قولا.. كل ما يهمنى أن العالم والحالم بأن نحاول العطاء للوطن، تربصت به قوى الشر والهدم التى تجثم على صدر المجتمع باسم المسؤولية عبر تبوؤ المناصب الرفيعة.)الصحفي نصر القفاص في جريدة (المصري اليوم) 26/4/2009

لم نفهم سبب المشكلة ولكن يبدو انه يريد شيئا من الحكومة وهي "ضاربة طناش" كما يقول المصريون.

يقول عدلي في التعريف بنفسه على موقعه انه بدأ مسيرته المهنية كمهندس زراعي في القطاع العام. وعمل لدى اهم الشركات الزراعية الاوربية في الشرق الاوسط ومنذ الثمانينات بدأ العمل مع هيئات التنمية الدولية الثنائية لقيادة فرق خبراء دوليين في ادارة الموارد الطبيعية، وتحليل سياسة البيئة و المشاريع في انحاء افريقيا ومنطقة البحر المتوسط.

في التسعينات انضم الى الامم المتحدة رئيسا لوحدة بناء القدرة ومستشارا للتنمية المستدامة لدول حوض البحر الابيض المتوسط، ومؤخرا خدم في سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق كمستشار حقوق الانسان الاقليمي و برنامج تعليم الديمقراطية . وقد اسس في العراق وشغل 6 مراكز حقوق انسان وديمقراطية ، وصمم ونفذ تدريب برامج متدربين على الديمقراطية وحقوق الانسان والوعي الجماهيري واصدر كتيبات، وأدلة ومواد تعليمية اختبرت بنجاح واستخدمت في كل مناطق الشرق الاوسط وافريقيا.

ماهي هذه المراكز الستة؟ هل يشير الى المراكز التي قيل ان فيرن هولاند اقامتها وسلمت بعد مقتلها الى القزويني كما اوضحت في مقالتي السابقة ؟ ماهي البرامج التي يتحدث عنها والتدريبات ؟ هل هي ما يمارسه الان في مركزه لتعليم الديمقراطية واللغة الانجليزية والتلويح بالاعلام الامريكية ؟ سوف نرى!

دعونا نبحث أمر زوجته جودي دويتش المرأة المتمددة على كرسي ضخم وقدماها في وجوهنا. صفتها في المركز هي "مدير برامج المدرسة والتواصل) ونبذة عنها تقول ان لها خبرة 25 سنة من العمل في برامج ومشاريع دولية خاصة وعامة ثنائية غير ربحية (باختصار يعني جاسوسة ) . وبعد 6 سنوات من العمل اختصاصية توثيق ومطبوعات في المشاريع الصحية التي تمولها هيئة المعونة الامريكية في مصر وقيادتها لفرق من الكتاب والصحفيين والمترجمين العاملين في مؤسسات او لحسابهم (!) ، اعادت السيدة جودي احياء مهنتها في مجال تطوير المشاريع وتصميم البرامج في مركز البحر الابيض المتوسط للتنمية المستدامة . ومعرفتها بمناهج المدارس البريطانية والامريكية والكندية والمصرية ساعدتها لتطوير برامج تعليم في الهواء الطلق للشباب والتي تعتبر امتدادا للتعليم داخل المدرسة حول قضايا البيئة الراهنة وتنمية مهارات القيادة . عملت مع فرق السلام التبشيرية في السودان ورواندا ومصر. وكان الدكتور عدلي قد التقاها في رواندا.

المركز تأسس في 2006 واذا اردنا رسم خارطة لتحركات السيد عدلي لوجدنا التالي:

2002 عمل في برنامج بيئي تابع للبنك الدولي في القاهرة
2003 - خريف 2004 عمل في العراق مستشارا للبنتاغون
29 تشرين ثان و 30 كانون اول 2004 عمل لمدة شهر مع شركة اميكس الدولية مستشارا في احصائيات زراعية في دول افريقية
في 2006 اسس مركزه في بني سويف
في 2007 بدأ مشروع Access الذي تديره وزارة الخارجية الامريكية وسفارتها في مصر
منذ ايلول 2007 وطوال 2008 كان يضع اعلانات عنه وعن مركزه على الانترنيت
في نهاية 2008 اتفق مع زابرينا على العمل لمدة 3 اشهر في مركزه متدربة وعاملة
في بداية 2009 استضاف السفارة الامريكية بالقاهرة وبرنامجها اكسيس في مركزه

بنك دولي وهيئة المعونة الامريكية والبنتاغون ووزارة الخارجية الامريكية ؟ أين يصل بنا ذلك ؟

في 8 شباط 2009 كانت نيويورك تايمز قد نشرت شيئا عن نشاطاته . تابعوا هذا التقرير ، ولو انه طويل شوية ، ولكنه يعطيكم فكرة عن الخطط الأمريكية في المنطقة ، وبالتأكيد هو ماجرب اولا في العراق بواسطة المنظمات غير الحكومية والمراكز ورجال ونساء مثل الأمريكية فيرن هولاند والعراقي فرقد القزويني والمصري عدلي حسنين،وغيرهم كثير ممن كتبت عنهم في مقالاتي المتعددة. هؤلاء يعملون بتمويل أمريكي على تغيير الفكر وغسل الدماغ ويبدأون من الشباب في مرحلة التكوين ، ويبدأون من الفقراء والمحرومين .

( تنفق الولايات المتحدة الكثير من الأموال في مصر، ما يصل إلى 1.7 مليار دولار سنويًا في شكل مساعدات نقدية، معظمها يذهب لشراء الأسلحة والدعم العسكري.

وهناك سفارة ضخمة للولايات المتحدة في القاهرة، تعتبر الثانية من ناحية الحجم بعد سفارتها الجديدة فى العراق، تمتلئ بالدبلوماسيين والضباط العسكريين ووكلاء تابعين لوكالة الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالية ووكلاء مكافحة مخدرات وغيرهم.

وانفقت الولايات المتحدة على " يسرا يوسف " على مدى سنتين حوالى 2000 دولار حتى تتعلم اللغة الإنكليزية.

ويسرا فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا من محافظة أسيوط تكلف أميركا لدرجة تثير غضب واشنطن على حد قول أحد المسؤولين في مصر حيث لا تتجاوز تكلفة تعليم الفرد في الدول الأخرى، في البرنامج نفسه حوالى 1000 دولار.

ولكن السؤال : لماذا تنفق واشنطن كل هذا المبلغ على تعليم فتاة ليست أميركية ؟ وماذا جنت الولايات المتحدة من الاستثمار في هذه الفتاة؟ "أهم فكرة تعلمتها هو احترام الفروق " هكذا قالت يسرا بابتسامة كبيرة بيضاء تملأ فمها باللغة الإنكليزية، معبرة عن فكر ينظر إليه على انه تمرد على تقاليد وعادات موروثة منذ قديم الأزل فى مجتمعات يغلب عليها التحفظ.

يسرا اكتسبت لغة جديدة ومهارات فى التفكير لم تكن تعرفها من قبل من خلال مشروع أميركى يحمل اسم "اكسيس" او "الوصول" Access(ويمكن ان اترجمه انا بكلمة اختراق العقل والوجدان – عشتار)

وهو برنامج دراسي بعد المدرسة لتعليم اللغة الإنكليزية، يكاد يكون ركنا غير مرئيا فى ميزانية وزارة خارجية الولايات المتحدة، لكنه يؤدي دورًا مهمًا وخطرًا في سياسة أميركا الخارجية، وخاصة في إطار سعي الولايات المتحدة لتغيير العقول فى المجتمعات التى تعتبرها محافظة، وتشكيلها وفق النهج والثقافة الأميركية.

ويهدف البرنامج ظاهريًا إلى تعزيز التفاهم والتغيير من القاعدة إلى القمة ، لكنه في باطنه يهدف الى صناعة أجيال موالية لأميركا... تشكل قيادات المستقبل في مجتمعاتها. (هذا كلام صحيفة نيويورك تايمز وليس كلامي)

وتؤكد الأرقام ان هذا البرنامج منذ إنشائه في عام 2004، تخرج منه حوالى 32 ألف طالب في 50 دولة على مستوى العالم من بينها مصر وغالبية الدول العربية والأرض المحتلة (لو بحثتم ستجدون الخمسين دولة كلها عربية واسلامية – ملاحظة عشتارية )

وبدأ مشروع " اكسيس" في مصر قبل نحو عامين، وتخرج منه حوالى 182 شابًا وفتاة، مسيحيين ومسلمين.

الشرط الوحيد للقبول فيه ان يكون المتقدم من أسرة فقيرة. وعلى الرغم من ان القائمين على البرنامج يؤكدون انه لم يكن جزءًا من خطة إدارة الرئيس السابق جورج بوش لإحلال الديمقراطية في الشرق الأوسط، وربما لم يكن في تصوره ذلك. لكن الشباب يقولون انه غير حياتهم، وجعلهم يتبنون التنوع والتسامح والتآلف والحل الوسط... المقومات الأساسية لبناء مجتمع ديمقراطي قائم على التعددية.
"كل شيء في حياتي مختلف الآن"، هكذا نقلت منال عادل أحمد 16 عامًا من أسيوط شعورها تجاه البرنامج، مضيفة أنها كانت تخاف من التعامل مع أي شخص مختلف عنها،" كنت اعتقد انه إنسان سيئ، لكن الآن اعتقد انه من المهم جدا التعرف إلى الناس الآخرين والثقافات الأخرى".

وإذا كان "الكورس" يركز على تعليم اللغة الإنكليزية، إلا انه يهدف أيضًا إلى إعطاء فهم أفضل للثقافة الأميركية، التي تعتبر في كثير من الأحيان غريبة على الشباب المصري، وقد وصل هذا الجزء الى الشباب، حيث تقول نورهان احمد 16 عاما أن " يوم الشكر أصبح عطلتها الأميركية المفضلة، ولفتت الى" إن فكرة تجمع جميع أفراد الأسرة وتناول الطعام مرة واحدة فى العام شيء عظيم "، وخصوصًا لأنها ليست مناسبة دينية تخص مجموعة دون الأخرى بل مناسبة للجميع.

(كيف تسنى لهذه الفتاة المسلمة مغسولة الدماغ ان تعتقد ان عيد الشكر ليس دينيا وانما هو عيد اجتماعي؟ ألم يقصوا عليها تاريخ هذا العيد وكيف اعتمد ؟ ألم يذكر في الاعلان الرسمي للعيد عام 1676 من قبل الكنيسة التي هرب اتباعها من بريطانيا الى العالم الجديد على انه انتصار لهم بمعونة الرب على الهنود الحمر (الكفار) ؟ أي انه عيد استعماري احتلالي ذو طابع ديني. والشكر الذي يقدم ماهو الا شكر من اجل تمكين الاحتلال والقضاء على (العدو) وهم الهنود المساكين . اقرأوا الاعلان في هذا الرابط .


وكيف تسنى لها ان تتحدث عن اجتماع افراد الاسرة الأمريكية لتناول الطعام معا مرة واحدة في السنة باعتباره شيئا عظيما؟ مع ان المسلمين يجتمعون اكثر من مرة في العام لتناول الطعام في اعيادهم الدينية : في العيدين الفطر والاضحى، وفي افطار رمضان كل يوم لمدة 30 يوما، وفي المولد النبوي ، وفي موالد الأئمة الاخرين، اضافة الى ان الترابط الاسري اشد لدى العرب ومسلمي الشرق منه في الغرب، بحيث تجتمع العائلة تقريبا كل يوم على المائدة لتناول الوجبة الرئيسية ، وكذلك قد تجتمع الاسرة الكبيرة التي تزوج ابناؤها وتفرقوا في ايام الجمع والاجازات في بيت العائلة الكبير الخ – كيف حدث ان تناست الفتاة المراهقة كل هذا واعتبرت ان عيد الشكر هو تقليد جديد يجب اتباعه؟ انها عملية غسيل الدماغ . خذ فتاة عربية صغيرة محرومة وادخلها دورة تعليم ثقافة اخرى لمدة سنتين ، وحتى تثبت العملية في دماغها خذها بعد ذلك الى منتجع في الصحراء لم تشهد مثله ولا تحلم في ظل ظروفها ان تعيش فيه – هذا اسمه غسيل دماغ لمن لا يعلم- ملاحظة عشتارية)

بعد الانتهاء من الدورة ومدتها سنتان، يقوم القائمون على المشروع بجمع الخريجين فى مخيم لمدة ثلاثة أيام يبعد حوالى ساعة ونصف بالسيارة جنوب القاهرة، بهدف تجديد طاقة الشباب من ناحية والبقاء على اتصال معهم من الناحية الأخرى (!).

وقد عقد معسكر التخرج مؤخرًا في (المركز المتوسطي للتنمية المستدامة)، في واحة مسورة يلفها الهدوء، تقع في أرض فقيرة وجافة جنوب القاهرة يشارك قاطنوها في كثير من الأحيان ديارهم مع الحيوانات.

ويملك هذا المركز شخص يدعى "عدلي حسنين" مع زوجته جودي. ويؤمن حسنين انه من المستحيل بناء الديمقراطية بمجرد القول إننا نأخذ ديمقراطية فقط، ولكن يجب بناء الديمقراطية في نفوس الشباب".

وفي المركز وجهت الدعوة لخريجي برنامج اكسيس إلى المشاركة في واحد من أربعة برامج مدتها ثلاثة أيام.

تخللها حضور ورشة عمل يديرها ثلاثة موسيقيين أميركيين يعيشون بالقاهرة هم جيف هاردنج و وادن انجر ونات بوديتش. يشكلون فرقة اسمها "فولز" في إشارة إلى الفول طبق الإفطار الشعبي لعامة المصريين، وتعتمد الفرقة - كما يتضح من خلال انتقاء اسمها - على الرمزية في الوصول لقلوب الشباب.

ويقوم" الفولز" بتدريس أناشيد وأغاني أميركية بسيطة ورمزية للطلاب مثل أغنية "اذا كان معي مطرقة "، وهي أغنية تم اختيارها لبساطة لغتها الإنكليزية وما تحمله من رموز حيث ترمز المطرقة إلى العدل.

وفي غضون دقائق قليلة كان الطلاب يغنون بحماس، الشباب يلفون أذرعهم حول بعضهم البعض بينما الفتيات انهمكن فى قراءة الكلمات بعناية.

وهناك مكون واضح وربما مثير للجدل فى هذا البرنامج، وهو بناء المودة تجاه الولايات المتحدة.

ولا يبدو ذلك مزعجا للطلاب، عندما طلب منهم تلويح العلم الأميركى ترحيبًا بسفيرة الولايات المتحدة فى مصر "مارغريت سكوبي "، التي حضرت لزيارتهم.))

ورشة عمل لتعليم الأغاني الأمريكية !! هل هذه هي (التنمية المستدامة) ؟ استقبال السفيرة الأمريكية بالتلويح بأعلام أمريكية ؟ هل هذا جزء من التربية الديمقراطية لأولاد الفقراء؟

ثم برامج عن الديمقراطية والقيادة والتنمية ودورات عن الفقر للاغنياء والفقراء ؟ حتى تفهموا هذه الخلطة جيدا ، وتدركوا اهدافها بالضبط، اقرأوا مقالة مهمة جدا بعنوان "قاموس الاستعمار الجديد" للباحثة السورية ميسون سكرية وقد نشرتها في مدونتي هنا.

**

يوميات زابرينا

22 كانون الثاني 2009

(اعمل في مصر منذ 3 اسابيع في المركز المتوسطي للتنمية المستدامة - نعمل برامج للمدارس والشركات في مكان جميل في الصحراء نعلمهم فيها عن الحياة المستدامة في القاهرة . الطلبة الذين جاءوا الى مركزنا في كانون الثاني كانوا من أغنى العائلات في اسكندرية . وبما انهم هم كثيرو الاسفار فهم يعرفون عن اختلاف الثقافات الدولية ولكني كنت مندهشة من قلة معلوماتهم حول البيئة وعن مسؤوليتهم تجاه الحفاظ على بلادهم نظيفة. كما انهم لا يعلمون شيئا عن الفقر في مصر. ولهذا كانت لدينا نشاطات كثيرة تعلمهم عن الفقر في مصر وافريقيا. كانت التجربة مجزية)

27 شباط 2009

(مر شهر شباط بسرعة. اول اسبوعين من الشهر قضيناه نعمل للسفارة الامريكية. اتصلت السفارة بالمركز وطلبت منه ان يستضيف برنامج تموله الحكومة الامريكية يسمى برنامج بعثة اكسيس وهو برنامج من سنتين يقبل به الطلبة الفقراء لتعلم الانجليزية والثقافة الغربية ثلاث مرات في الاسبوع. كانت أعمار الطلاب تتراوح من 14-16 وكلهم تخرجوا من البرنامج في الخريف. جاءوا ليتعلموا حول التنمية المستدامة والمواطنة وكيف يشكلون شبكة اتصالات طلابية . جاء حوالي 200 طالب لفترة اسبوعين من 6 مدن مصرية مختلفة . كل الطلاب كانوا اذكياء ومتحمسين ومحترمين. ولديهم رغبة قوية لتعلم الثقافة الغربية وكلهم يريدون السفر الى الخارج. رغم نجاح البرنامج كان من المحبط معرفة انهم رغم ذكائهم ، فبسبب مشكلة التوظيف في مصر وبسبب ارتفاع مصاريف الجامعات الخاصة ( مثل الجامعة الاميركية في القاهرة ) فكثير من هؤلاء الطلاب لن يحققوا احلامهم . اعرف ان زيارتهم الى مركزنا كانت تجربة العمر التي سيتذكرونها طوال حياتهم.

وقد زارتنا السفيرة الاميركية . رغم ان مركزنا آمن جدا ولكن حاولت الحكومة المحلية جني بعض المنافع من زيارة السفيرة وهكذا جاءوا الى المركز ايضا . نتيجة لذلك تواجد الاف من رجال الامن حول المكان ، من دوريات نهر النيل الى الحراس المسلحين على كل المداخل. والمحافظ وبطانته وحمايته لم يحترموا المركز ومفهوم التنمية المستدامة فتركوا المكان مليئا بالمخلفات .ولكن رغم وجع الدماغ لنا نحن العاملون في الادارة ولكن زيارة السفيرة كانت ناجحة جدا وقد تأثر الاطفال.

حاليا اكتب تقرير مابعد البرنامج لتقديمه الى السفارة (هل من ضمن واجبات المركز كتابة تقارير للسفارة الأمريكية ؟ - عشتار) . كما احضر لبرنامجنا القادم. يوم الاحد سيصل 13 طالب من الكلية الامريكية في القاهرة وهي احدى المدارس (الابتدائية والثانوية) الدولية المهمة في مصر. سوف يقضون في مركزنا 5 ايام تسمى (اسبوع بلا اسوار) وكل طلاب المدرسة يسافرون الى الخارج للقيام بخدمة مجتمع. ولكن بعض الطلاب مثل الذين سوف يزورونا يبقون في مصر. سوف يقوم الطلاب عندنا بنشاطات تتعلق بالتنمية المستدامة ودروسا حول الفقر . سوف يقضون يوما ايضا مع اطفال ايتام وذوي احتياجات خاصة. )

30مارس 2009

( مازال لدي ثلاثة اسابيع ولكن الالم يعتصرني حيث علي ان اعود الى كندا . كما ذكرت في يومياتي الاخيرة ، زار مركزنا الكلية الأمريكية في القاهرة لقضاء (اسبوع بدون اسوار) كانت تجربة عظيمة . المجموعة صغيرة ولكن الطلاب كانوا اذكياء وكلهم اجانب ماعدا طالب واحد مصري . الباقون من كندا وامريكا وايطاليا واليابان وكوريا الجنوبية. ولكن معظمهم ولد وعاش في بلاد غير موطنه الاصلي فهم في الواقع مواطنون عالميون . كان اكثر النشاطات شعبية ونجاحا هو يوم خدمة المجتمع. زارنا في ذلك اليوم طلاب مصريون ذوو احتياجات خاصة عقلية وبدنية .

في منتصف مارس زارنا طلاب المدرسة الاميركية الدولية . وكان البرنامج ناجحا واكثر شيء ايجابية مع هذه المجموعة كانت صراحتهم الكاملة خلال محادثات حول توزيع الثروة واختلاف الطبقات. كانوا يتحدثون عن رأيهم في الناس من خلفيات اجتماعية واقتصادية متدنية . واستطعنا من خلال المناقشات كسر جدران وانماط.)




حسنا ، يبدو ان الدكتور عدلي قد استطاع اخيرا تنمية ثروته المستدامة بمقاولات من النيل الى الفرات وبالعكس رايح جاي.

Ishtarenana@gmail.com

هناك 3 تعليقات:

  1. على نفسها جنت زابرينا

    ردحذف
  2. مصر بها الكثيرون من المتعاونين مع الأمريكان

    و لا غرابة إذا كان الرئيس المصري أكبر المتعاونين مع أمريكا و إسرائيل

    شكراً على هذا المقال

    ردحذف
  3. امم مش عارفة اقول ايه , فيه كلام كتير يتقال هنا
    شخصيا بعتبر مجال التنمية المستدامة ده و مثله التنمية البشرية مهنة من لا مهنة له
    يعني لا محتاج شهادة و لا معرفة الا ان الواحد يكون خبير في الفهلوة و الضحك على الدقون
    المهم هو واحد من عبدة المال لا يهمه الا كم سيجني بغض النظر عن اى اعتبارات اخلاقية و هو لا يهمه اذا كان الاحتلال للعراق او لبلاد الواق واق
    و هو بالطبع لا يمثل المصريين

    بالنسبة لمشروع اكسس لا عجب ان المشاريع دي تنشط في مصر في الوقت اللى تغلق فيه مكتبة عريقة عمرها مثل مكتبة المجلس الثقافي البريطاني لان الاولي هدفها تأسيس ثقافة الهلس - اغاني و عادات و تقاليد الشعب الامريكي و جهله ايضا فهم من اجهل شعوب الأرض, اما المكتبة فكان هدفها ترسيخ ثقافة المعرفة و الاطلاع اللي بتقدم المعلومة و تترك القارئ يحدد توجهاته.
    يالا بقى ربنا يرحمنا من دي شكوله

    ردحذف