"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

5‏/3‏/2009

اكذوبة اعمار العراق: الخلطة السرية في تعليم الرعية !!


بقلم : عشتار العراقية
أريد أن أفهم هذه المعادلة بشكل عقلاني وهاديء بدون أن يحترق فيوز في رأسي. وأعترف لكم ان فيوزات كثيرة تحولت الى رماد وكان علي استبدالها طوال فترة الغياب هذه.
الآن فهمنا ان (الديمقراطية) هي حكم الشعب (اي شعب) من قبل أمريكا. هذه استوعبناها بعد أن جرت دماء كثيرة. المسألة التي لايريد عقلي قبولها هي هذه :
الديمقراطية تعني الليبرالية واقتصاد السوق، وتعني رفع دعم الدولة في القضايا الحيوية مثل الغذاء والدواء والتعليم والاسكان والبنى التحتية. بحيث يصبح كل شيء حتى الهواء ملكا للقطاع الخاص و لاتحصل عليه الا بعد أن تدفع فلوس . لأن الديمقراطية في الواقع تعني عودة نظام الغابة. اي البقاء للأصلح، فكل واحد يتعلم ويأكل ويتطبب ويأخذ كهرباء او ماء أو يمد رجليه على قدر لحافه. ومن ليس لديه المال لشراء كل هذا ، أمامه ثلاثة طرق : اولا - يستطيع أن يصبح وقود المدافع في جيش الإمبراطورية. ثانيا- أن ينشيء عصابة للنهب والسلب، ويمكن الله ينفخ في صورتها ويعولمها لتصبح جزءا من المافيا الدولية. ثالثا – ينتحر ويخلصنا.
القصة لم تنته. مع رفع دعم الدولة وهو اول شروط البنك الدولي الذي رهن الغزاة بلدك لديه . وحتى اقرّب مفهوم البنك الدولي الى الإذهان، فهو شايلوك اليهودي الذي اقترض منه الولد الطيب في قصة شكسبير مقابل شرط ان يقتطع اليهودي رطلا من لحم جسده في حالة عجزه عن تسديد الدين، وطبعا لم يستطع الولد ذلك في الوقت المحدد، فطالب شايلوك برطل اللحم. وليس مصادفة أن يكون رئيس البنك الدولي دائما امريكيا وعلى الاكثر يهوديا. وأسخف مافي الموضوع ان رئيس البنك الحالي هو بول وولفوفتز الذي خطط اصلا لتدمير العراق ونهبه وبعد ان تحقق له ما أراد تم تعيينه في البنك الدولي ليحكم قبضته على ماتبقى من اشلاء لحم في هيكل العراق العظمي.
القصة اذن لم تنته. بعد أن ترفع الدولة لحافها عن العرايا في عز البرد، يطالبها البنك الدولي – بموجب الديمقراطية – أن تفتح كل المجالات أمام (المجتمع المدني) ليحكم البلاد. على أساس أن المجتمع المدني يعني (حكم الشعب) .
حتى الآن المسألة مفهومة وحلوة وعادلة . فما أجمل ان يجتمع شعبنا في جمعيات ترعى حقوق الانسان والحيوان والمرأة ايضا ، وتضع برامج التعليم والصحة وتراقب الانتخابات و عمل الحكومات والاعلام مما يجعل الحياة حلما ورديا لا ينتهي. فلا فساد بعد الان ولا قسوة ولا ظلم ، فكل شيء تحت مراقبة أعين الشعب في منظماته الجميلة هذه .
ولكن هناك شيئا واحدا يقف مثل الشوكة في الزردوم.
إن هذه المنظمات التي تصر على أن تصف نفسها بأنها (غير ربحية ) ومعنى التعبير هو انها ليست شركات استيراد وتصدير ، ولا تبيع او تشتري اي بضاعة مادية وانما هي تبيع وتشتري ماليس له ثمن في السوق: اي المباديء والافكار ، ولهذا حتى تستطيع ان تقوم بهذا الواجب ، على جماعة ما او حكومة ما او فرد ما او شركة ما ان يتبرعوا لها بالتمويل. وهنا يدخل شايلوك : بشكل بنك دولي، صندوق نقد دولي ، وزارة الخارجية الامريكية ، وزارة الدفاع الامريكية ، السي آي أي ، بنك الاستيراد والتصدير الامريكي ، ومنظمات وهيئات حكومية وشبه حكومية أمريكية وهناك مئات من هذه مستعدة لتمويل منظمات المجتمع المدني كل في اختصاصه، فهناك منح للديمقراطية ومنح لإقامة قنوات اعلامية (ويتباهى العراقيون بكثرة القنوات والصحف في عصر الحرية والديمقراطية) ومنح لمراقبة هذه القنوات ، ومنح للمرأة ومنح للتعليم ومنح للصحة ومنح للايتام ومنح للقضاة ومنح للقانون ومنح لاقامة احزاب ومنح للدعارة . كل شيء تفكر فيه تستطيع أن تجد هيئة أمريكية مستعدة لمساعدتك به. انت بس عليك أن تختار لمنظمتك اسما ملهما لم يفكر فيه احد من قبل، لأن العراقيين استنفدوا كل الاسماء تقريبا بعد انبثاق 6000 جمعية ومنظمة بعد الاحتلال مباشرة، اصبحوا فيما بعد اثرا بعد عين .. اي بعد أن لفطوا التمويل. ولكن لا يهمك. الفلوس هواية وماكو احد يفتش وراك، وقد تحقق الغرض من التمويل الأمريكي وهو شراؤك.
المسألة التي لا أفهمها هي التالية: لماذا نرفع دعم الدولة عن رعاياها الفقراء ثم نأتي بمنظمات خاصة غير خبيرة تقوم بعملها بتمويل حكومة ومؤسسات دولة اخرى؟ اي لا يسمح لك أن تعيش على أموال دولتك لأن هذا ليس ديمقراطية، لأن الطغاة المحليين كما تعلم سوف يحاولون استغلالك وفرض ايديولوجيتهم عليك مقابل اللقمة والدواء والوظيفة التي يوفرونها لك. ولكن لا بأس ان تتقبل أموالا من دولة اخرى، لأن هذه الدولة الاخرى لن تستغلك ولن تفرض عليك شيئا لا سمح الله، فهي توزع اموالها من اجل رفاهيتك وسواد عينيك فقط ، وهذه الدولة هي التي تعرف اين مصلحتك وهي تحققها لك، اي انها دولة الأبرار والأخيار التي تؤمن جدا بمذهب : اعمل الخير وارمه في البحر.
من هذه الهيئات التي سوف تمولك والتي سوف تعمل بدلا من حكومتك في توفير كل ما تحتاجه ولايلزمك سوى أن تحبها وتخلص لها وتعمل من أجلها فيما بعد. هي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID اسم ظريف يعني ان أمريكا تسعى لتنمية الدول الفقيرة والمريضة والجاهلة. هذه الوكالة تصف نفسها رسميا بأنها (وكالة حكومية فدرالية مستقلة تلتزم في عملها بتعليمات السياسة الخارجية من وزارة الخارجية. يدعم عملها تحقيق اهداف السياسة الخارجية الامريكية)
حتى قبل غزو العراق بخمسة شهور، في تشرين ثان 2002 قامت الوكالة – مشكورة- بعقد طاولة مستديرة مع ممثلين عن شركات خاصة لمناقشة برامج التعليم في العراق (بعد الحرب) . حتى تعرفون شگد الوكالة دقيقة بعملها الذي تلتزم فيه بتعليمات الخارجية الأمريكية. في وقت كانت الوزارة تنفي النية لغزو العراق.
كان من الذين حضروا الاجتماع واحد اسمه فرانك دال وهو شريك في شركة اسمها ( Creative Associates International) ولكنه قبل ذلك – وحسب الباب الدوارالذي يتبادل به المسؤولون الرسميون ومسوؤلو الشركات الخاصة أدوارهم ومناصبهم كما أوضحت في مقالات سابقة، كان فرانك مديرا في الوكالة الامريكية للتنمية الدولية لشؤون التعليم في الشرق الأوسط. نعم فالوكالة مثل حكومة مصغرة سوف تحل محل حكومتك !! بعد أن خرج من الوكالة راح اشتغل شريكا في الشركة التي تتفاخر بأن 90% من عقودها هي مع الوكالة الأمريكية هذه . ونعرف الآن السبب.
قبل الغزو باسبوعين وفي 4 مارس 2003 دعت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 5 شركات بضمنها شركة (كرييتف) للمنافسة في مناقصة على مشروع اسمه ( RISE ) وهواختصار (احياء المدارس العراقية واستقرار التعليم ) يتضمن تجهيز 25 ألف مدرسة ابتدائية وثانوية و4 مليون طالب للدراسة بحلول 4 تشرين اول 2003 (كل هذا ولم يبدأ الغزو ولم تعرف نتيجته بعد)، ولكن لسبب ما، ولمناورات خلف الكواليس، لم يحضر من الشركات الخمس المدعوة سوى شركة (كرييتف). بعد ذلك بثلاثة أيام قامت الشركة بالتعاقد من الباطن مع 3 شركات دعيت ولم تشارك في المناقصة.
كل هذه التعاقدات وشركة (كريتف) لم توقع العقد بعد مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. ولم يقع الغزو بعد.
ولكن بعد الغزو ، في 26 مارس 2003 منحت الوكالة الأمريكية عقد رايز لشركة كرييتف التي اوكلت ادارة المشروع لفرانك دال. وكان العقد بقيمة 157 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات وكانت المهمة الاولى العاجلة تشمل كل شيء من تدريب المدرسين الى تجهيز الاثاث والمعدات الى تغيير المناهج وطبع الكتب الجديدة . كل هذا يجب أن يتم في خلال 7 شهور.
أما اعادة اعمار مباني المدارس فقد عهدت به الوكالة الى شركة بكتل بمبلغ تجاوزالبليون دولار. وكان البنك الدولي قد أكد ان هناك 11 ألف مدرسة في العراق تحتاج الى ترميم وإعادة تأهيل، ولكن بكتل لم تقم الا بتأهيل أقل من 1500 مدرسة. بعد أن عهدت الأمر لشركات عراقية عددها 69 شركة، وسنأتي على تفصيل ذلك .
ولكن دعونا نأخذ الأمر خطوة خطوة لئلا تحترق الفيوزات في رؤوسنا.
من هي شركة (شركاء الابداع ) الدولية.Creative Associates International

في 1977 اجتمعت اربع نساء على رأسهن ماريا شاريتو كروفانت وهي مواطنة بوليفية درست في الارجنتين ثم جاءت الى أمريكا وتزوجت يهوديا هو وليام كروفانت، وقمن بتأسيس دار حضانة في سرداب بيت ماريا شاريتو. في 1979 حصلت ماريا على تمويل من برنامج اسمه (ادارة الشركات الصغيرة التي تملكها أقليات) وبصفتها من أقلية (بوليفية) في أمريكا، فقد كونت هذه الشركة وكان مقرها الحضانة السابقة. وكان العقد الأول الذي حصلت عليه شركة ماريا مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لتنفيذ مشروع لمساعدة النساء في بوليفيا بلد ماريا الاصلي. في الثمانينات استعانت بها الوكالة الامريكية نيابة عن السي آي أي ووزارة الدفاع الأمريكية لتنفيذ برنامج تعليمي لقوات الكونترا في نيكاراغوا والتي كانت المخابرات الأمريكية تمولها وترعاها. وكان الرئيس بوش الاول والكونغرس قد اتفقا على إيقاف كل اشكال المساعدة للكونترا في 1989. كانت مهمة الشركة اقناع الكونترا بترك السلاح والاستسلام للحكومة. المهم بعد هذا انطلقت الشركة واضافت الى اسمها كلمة (دولية) واصبحت ارباحها بالملايين. والآن تعتبر ماريا شاريتو واحدة من أقوى 100 شخصية في الولايات المتحدة.
في مهمتها العاجلة في العراق استخدمت شركة Creative مقاولين من الباطن منهم الجامعة الأمريكية في واشنطن ومهمتها تقييم احتياجات المدارس العراقية ، ومجموعة المصدرين الامريكان وهي شركة في تكساس ومهمتها توفير تجهيزات المدارس، ومعهد مثلث البحث RTI ومهمته وضع السياسة التعليمية ، ومنظمتان ترأسهما عراقيتان هما المؤتمر الاسلامي الامريكي وترأسه زينب السويج ومهمته توفير مدرسين ، والمعهد العراقي وترأسه رند الرحيم فرانكي.
وقد حدثتكم سابقا عن رند الرحيم التي شاركت بقوة من خلال كل المنظمات الامريكية الحكومية والمخابراتية والصهيونية في الحث على تدمير العراق ثم تربحت بعد ذلك هي وشقيقها باسل (لم احدثكم عنه بعد) بكل اشكال التربح من الخراب. أما زينب السويج فهي تزعم انها من البصرة وشاركت في الانتفاضة الشيطانية ، وبعدها هربت الى أمريكا واصبحت مواطنة أمريكية . كانت رأس الحربة في أي وفد الى الكونغرس او الرئيس بوش او البنك الدولي او المنظمات الصهيونية من اجل الدفع للحرب على العراق. وكانت بعد أحداث 11 ايلول قد أقامت هذه المنظمة (الاسلامية) و التي تزعم في موقعها على الانترنيت بأنها منظمة (غير دينية) .. إذن لماذا تسمى (اسلامية) ؟ تضم المنظمة مجموعات رقيعة من الشباب (المسلم) وغير المسلم الذين تربوا في أحضان أمريكا. هذا النوع الهجين الذي تفضله أمريكا. تصوروا انه بعد كل ذلك الحث على تدمير العراق، يقول لك موقع المنظمة الاسلامية التي ترأسها بنت البصرة ، انها مؤسسة تدعو الى السلام والتسامح . والمنظمة تقف بشدة ضد (القنابل) الارهابية في الشرق الاوسط، وأن النشرة التي تصدر عن المنظمة والمسماة CRIME والتي تبحث في جرائم الحكومات الاسلامية ضد مواطنيها، وجرائم المواطنين المسلمين ضد الأمريكان، (لا يمكن ان تناقش قضايا ساخنة مثل حرب العراق او الصراع العربي الاسرائيلي الايراني والقضايا الدينية ، لأن هذه هي مسائل جيو سياسية ، ولكن لا مانع من ان يتحد الناس الذين يختلفون حول هذه القضايا لدعم الاصلاحيين الذين يدعون الى الحقوق المدنية ). أعتقد ان الرياء واضح ، والهدف أوضح.
إذن شركة Creative سوف تغير المناهج وتطبع الكتب وتدرب المعلمين وتجهز الطلاب. ماذا تعرف الشركة عن العراق؟ صفر !! أليس وضع فلسفة التعليم وتربية النشء هي مسؤولية الدولة ؟ أليس التعليم مسؤولية وطنية حيوية ؟ كيف يترك ذلك للشركات التي تسعى الى الربح (كما وصفت شركة كرييتف نفسها في موقعها على النيت؟) هل خبرة الشركة في ادارة حضانة في سرداب في واشنطن وفي تعليم ميليشيات ارهابية في نيكاراغوا، يسمح لها بوضع سياسات التعليم في العراق الذي علم البشرية الكتابة والقوانين؟
تصف الشركة عملها في أفغانستان هكذا ( عشية السنة الدراسية الجديدة في افغانستان اعيدت مراجعة 50 طن متري من الكتب الجديدة للابتدائية وطبعت وجرى توزيعها في المدارس. . بموجب برنامج التعليم الابتدائي الافغاني الذي تموله USAID بمبلغ 16 ونصف مليون دولار، انهى كونسورتيوم تقوده شركة كرييتف العمل. وقد شحنت الكتب من اندونيسيا للوصول في الوقت المحدد 22 مارس 2003 وهو بداية الموسم الدراسي. في اواخر آيار وبالتعاون مع مجموعة المصدرين الامريكان سوف يكون عدد الكتب المنتجة والمنقولة الى افغانستان من قبل كرييتف 10 ملايين كتاب.)
هل هذا ما تم في العراق أيضا؟ عملية طبع وشحن اطنان من الكتب؟ هل كانت نسخات مترجمة عن الكتب الأفغانية؟
وعلى رأي السويدي يان اوبيرغ في مقالة كتبها في 24 نيسان 2003 بعنوان (فلسفة البرجر الفورية لاصلاح نظام التعليم في العراق)

(لا يذكر موقع الشركة على الانترنيت اي شيء عن محتوى المناهج ولا الصعوبات المتوقعة ولا الحساسية الثقافية ولا فلسفة التعليم الصالحة لهذا البلد او ذاك. الصالحة لبلد متعدد الاعراق والقوميات. الثقافة على اية حال ليست رزمة ترميها من الطائرات.
اذن الحكومة الامريكية تريد ان تساعد اطفال العراق وهي لذلك تبحث عما يحتاجونه : اقلام رصاص؟ دفاتر؟ سبورات؟ نفس الاشياء التي حرمتهم منها لمدة 13 سنة حصار؟)
ياسبحان الله .. الم يكن قلم الرصاص ممنوعا لئلا يفرغه العراقيون ويصنعون منه قنبلة نووية؟
تقول صاحبة الشركة (هدفنا انه مع العراقيين وان شاء الله مع وزارة التربية سوف نستطيع بحلول 1 تشرين اول 2003 ان نبدأ المدارس بطريقة توضح حقا التحول الى العراق الجديد."
اذن سوف يحصل الطلاب العراقيون على (عراق جديد) وكل ذلك بمبلغ 62 مليون دولار قبضتها الشركة في عقدها الأول !! يابلاش !!
وعلى ذكر افغانستان ، فإنه من المفيد أن نذكر (سياسة) الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID في اللعب بمناهج وعقول تلاميذ الدول الأخرى التي تقع تحت هيمنتها. أثناء الجهاد الأفغاني ضد السوفيت قامت الوكالة بصرف ملايين الدولارات لطباعة كتب تشجع على (الجهاد الاسلامي) . حتى كانت كتب الحساب للابتدائية تعلم الجمع والطرح بصور دبابات وصواريخ وألغام أرضية. وقد بقيت الكتب سارية حتى عام 2001 . بعد الحرب على افغانستان ، بدأت الولايات المتحدة في تغيير المناهج بما يخدم مصالحها فحذفت صور الدبابات والصواريخ وجعلت الكتب اكثر (سلاما) . حتى قال بوش ان الكتب (تحترم كرامة الانسان بدلا من تسييس الطلاب بالتطرف) ولم يذكر من فعل بهم ذلك في المنهج القديم. (واشنطن بوست 23/3/2002 ). احد الذين استعانت بهم USAID ايامها كان استاذا من جامعة نبراسكا اسمه توماس غوتير لقيادة برنامج تغيير المناهج . وكانت شركة يونوكال للنفط هي التي تدفع اجور غوتير مع طالبان من خلال السي آي أي ووكالة المعونة الامريكية. وهو الذي كان يقوم بترتيب زيارات وفود طالبان للولايات المتحدة في 1997 و 1999 لحساب يونوكال. وقد ذكرت لكم سابقا الكثير من تفاصيل يونوكال.
بناء المدارس
أسندت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية مسؤولية اعادة بناء وتأهيل المدارس العراقية قبل 1 تشرين اول 2003 لشركة أثيرة هي بكتل Bechtelوبدون منافسة حقيقية. كان المطلوب احياء 1500 مدرسة ابتدائية وثانوية ، مع ان الكلمة الاثيرة لمؤسس الشركة ستيف بكتل تنص (نحن لسنا شركة بناء وهندسة . نحن شركة تصنع الأموال).ولكن لماذا بكتل؟
للشركة علاقة وثيقة بالمخابرات المركزية الامريكية وبكل الادارات الأمريكية وقد ساعدت الشركة المخابرات في الاطاحة بحكومات لا تناسب توجهاتها المصالح الأمريكية ، وفي المقابل تساعدها المخابرات في الحصول على عقود بدون منافسة مع الحكومات العميلة الجديدة . على سبيل المثال ، ساهمت بكتل في جمع المعلومات التي ساعدت على تنفيذ المخابرات الامريكية للانقلاب على مصدق في ايران عام 1953 وعلى سوكارنو في اندونيسيا . ومن قائمة الباب الدوار في بكتل مايلي:
- كاسبر واينبرغر وزير دفاع ريغان – كان كبير مستشاري شركة بكتل
- جورج شولتز وزير خارجية ريغان – كان رئيس شركة بكتل
- كنيث ديفز نائب رئيس سابق للتطوير النووي ونائب وزير الطاقة في عهد ريغان ورئيس مفوضية الطاقة الذرية – عضو مجلس ادارة بكتل حاليا
- وليام كيسي رئيس مفوضية الامن تحت نيكسون ورئيس بنك التصدير والاستيراد تحت فورد ورئيس حملة انتخاب ريغان ورئيس السي آي أي تحت ريغان – كان مستشارا في بكتل.
- ريتشارد هيلم مدير السي آي أي تحت نكسون – اصبح مستشارا في بكتل
- روبرت هولنغسورث مدير عام الطاقة الذرية تحت نكسون – مدير خدمات الافراد في بكتل
- بيرتر فلانغان المستشار السياسي للبيت الابيض تحت نكسون - شريك في مؤسسة ديلون ريد وشركاهما للاستثمارات وهي احدى فروع بكتل.
- وليام سايمون وزير الخزانة في عهد نكسون – مستشار في بكتل
- دونالد رامسفيلد وزير الدفاع اثناء الغزو والاحتلال – ذهب في الثمانينات مندوبا عن بكتل لمقابلة الرئيس صدام حسين
- دانيال تشاو في الهيئة الاستشارية لبنك التصدير والاستيراد الامريكي - نائب رئيس بكتل
- جاك شيهان عضو مجموعة استشارية للبنتاغون تسمى (هيئة السياسة الدفاعية) واعضاؤها يرشحون مباشرة من وزير الدفاع – نائب رئيس بكتل
- اندرو ناتسيوس (مدير USAID) كان مشرفا على مشاريع بكتل سابقا.
وقائمة لاتنتهي من اصدقاء بكتل في الادارات الامريكية واصبحوا بعدها موظفين فيها . والكثير ممن عمل في مفوضية الطاقة الذرية عملوا في بكتل بحيث لا يمكن القول من اين يبدأ القطاع العام واين ينتهي القطاع الخاص.
وللدلالة على هذا اليكم مثالا أخر : عين جورج بوش رايلي بكتل رئيس مجلس ادارة شركة بكتل، رئيسا لمجلس التصدير الرئاسي وهي لجنة استشارية للرئيس بوش في قضايا التجارة الدولية ، بعد تعيينه مباشرة أعلن بوش عن خطته لإقامة منطقة حرة أمريكية في الشرق الأوسط.
قصة شركة بكتل مع الرئيس صدام حسين
في الفترة مابين 1983 و 1988 قامت ادارة ريغان وبكتل (من خلال وزير الخارجية جورج شولتز الذي بعث دونالد رامسفيلد مرتين الى العراق) بالضغط الشديد على صدام حسين لقبول خط انابيب تنشئه بكتل من العراق الى خليج العقبة في الاردن.
حين ابدى صدام حسين مخاوفه من تعرض الانبوب المقترح الى تخريب اسرائيلي. جاءت بكتل بشريك هو بروس رابوبورت وهو مدير سويسري له علاقات مع اسرائيل. وحاول ان يحصل على وعد من اسرائيل بعدم التعرض للانبوب ، قام رابوبورت بالاستعانة بمحام هو روبرت والاش ولديه علاقات وثيقة مع السيد ميس المدعي العام الامريكي حينذاك. فيما بعد كتب والاش مذكرة الى ميس يقول فيها ان بعض ريع الانبوب سوف يذهب الى حزب العمل الحاكم في اسرائيل.
فيما بعد تم التحقيق من قبل محقق خاص في تورط السيد ميس كجزء من تحقيق عام في مجمل أفعال السيد ميس، وقد اضطر الى الاستقالة على اثرها.
كان رامسفيلد قد ذهب الى بغداد في كانون الثاني 1983 لمقابلة الرئيس صدام حسين باعتباره مبعوث الرئيس الامريكي للسلام في الشرق الاوسط ولكنه في الحقيقة كان يريد بحث موضوع انبوب بكتل. وقد افرج مؤخرا عن برقية سرية في وزارة الخارجية وحصل عليها معهد الدراسات السياسية في واشنطن قد فصلت اللقاء في بغداد بين رامسفيلد والرئيس العراقي.
حين رفض صدام حسين، رأس جورج شولتز (رئيس بكتل سابقا والمستشار فيها حاليا ) لجنة تحرير العراق. وكانت بكتل اول من دخل العراق واستلم عقودا لاعادة بناء الدمار .
في 16 نيسان استلمت بكتل اول واكبر عقود اعادة الاعمار في العراق ويساوي 20 بليون دولار ويتضمن اعادة بناء مادمروه من بنى تحتية من الكهرباء الى المجاري الى المدارس وهي موضوع بحث هذه المقالة.
ولكن قبل ان نناقش ما أنجزته بكتل في اعمار المدارس ، دعونا نتأمل التالي: هل كان رفض صدام حسين لانشاء انبوب النفط هو سبب الإطاحة به؟ بعدها ومنذ 1988 اصبح العراق واحدا من (محور الشر) ، واقيم عليه حصار بدأ منذ ذلك العام، ودفعت الكويت لمضايقة العراق اقتصاديا ، و لم تمض سنتان حتى كانت الحرب الأولى والدمار الأول والحصار الشامل ثم الغزو والاحتلال ودخول بكتل منتصرة الى العراق مرة اخرى. ونسأل السؤال المحتم : ياترى لو كان صدام حسين قد وافق على إنشاء انبوب بكتل، هل كانت امريكا ستفكر في (تحرير العراق) ؟ وأيضا يجرنا هذا الى السؤال: ولو كانت طالبان وافقت على انشاء انبوب يونوكال ، هل كانت أمريكا ستفكر في (تحرير افغانستان) ؟
نعود الى كارثة مدارسنا. كان عقد اعمار المدارس بمبلغ بليون ونصف دولار، ويشمل اصلاح حوالي 1500 مدرسة في 14 منطقة عراقية. ولكن شركة بكتل لم تعمر سوى 1239 وكان المطلوب منها التنظيف والطلاء واصلاح انظمة الكهرباء والسباكة واستبدال النوافذ والشبابيك والمراوح واصلاح دورات المياه. استعانت بكتل بشركات عراقية يبلغ عددها 69 شركة او مقاول. وكانت النتيجة عملا ركيكا لم يشرف عليه احد حيث يقول مدراء المدارس انهم لم يروا احدا من بكتل يمر أو يراجع ماتم انجازه ويقول مدير مدرسة (لو اعطيت الاموال للمدارس مباشرة لكنا انجزنا عملا افضل .) ويتساءل سؤالا معقولا (لماذا نحتاج الى بكتل ولم تفعل شيئا؟)
الاجابة واضحة : هذه هي الفكرة من الغزو اصلا . منفعة الشركات الأمريكية.
يقول كريستيان بارينتي من صحيفة نيشن الاسترالية ان بكتل لم تقدم سوى طلاء جدران المدارس لاخفاء الكتابات الوطنية الخاصة بالنظام السابق ولملئها بأكاذيب الديمقراطية والتحرير وهي البروباغاندا البوشية لنهب العراق. وتقول انطونيا يوهاز في تقرير لها (ان الشكاوي المستمرة من وزارة التربية العراقية ومديري المدارس التي عملت عليها بكتل هي ان العمل اما غير موجود او فاشل مما يعرض صحة وسلامة الطلاب للخطر. ليس هناك اصلاحات للبنى التحتية ولم يتم شراء اية معدة جديدة.)
في 2/12/2003 (اي بعد تسليم المدارس ) نشر في موقع مراقبة الشركات هذا التقرير :
يقول الدكتور نبيل خضير عباس من مركز التخطيط في وزارة التربية وهي مسؤولة عن ربع مدارس بغداد، انه كان يلتقي مع ممثلين عن بكتل اسبوعيا ويقدم شكاويه حول برنامج اعادة اعمار المدارس . والبرنامج لم يكن شفافا ولم يتم مراجعة اي مرحلة من العمل . ولا يعرف اي شخص في الوزارة كم اعطيت بكتل من مبالغ لتنفيذ البرنامج ولا اي تفاصيل عن العمل الذي انجز. ويقول ان الانطباع الذي يخرج فيه من كل اجتماع ان بكتل اقوى من الجيش. ويرفض ممثلو بكتل اي شكاوي من دكتور عباس، قائلين ان البرنامج هو هدية من دافعي الضرائب الامريكان وقد صادق عليه الكونغرس "مهما نفعل ، لن يخسر العراقيون شيئا ".
أي أن الفلوس أمريكية شعليكم انتو، في حين ان بريمر وهو يدافع عن تبذيره أمام طلاب احدى الجامعات الأمريكية مؤخرا، قال لهم "الفلوس كانت عراقية وليس امريكية اطمئنوا"

هناك تعليق واحد: