"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

25‏/2‏/2009

أكذوبة إعادة الإعمار: بيع العراق وأهله في مول مريدي للديمقراطية !

بقلم: عشتار العراقية

لا أدري من أين ابدأ وأين أنتهي. الموضوع أكبر من أن يتصدر له شخص واحد. وكلما أوغلت في المستنقع، شعرت باليأس والإحباط، ولكن الاصرار ايضا على المضي حتى النهاية.

يبعث لي القراء الاصدقاء أحيانا (طلبات المستمعين) فمن يريد ان افتح الملف الفلاني او اتناول الشخصية العلانية، ولكن افتح ماذا وأغلق ماذا؟ لن استطيع حتى لعشرين سنة قادمة ان اتناول كل من باع العراق وساعد على بيعه. وانما أنا أحدد أنماطا وأشير الى نماذج ، وأربط بين القتلة واللصوص كلما استطعت.

اليوم ارتأيت ان أترجم لكم باختصار مقالة نشرها هربرت دوسينا وهو باحث في مركز ابحاث مقره في بانكوك واسمه (Focus on the Global South) في 1 تموز 2004 بعد يوم من نقل (السيادة) الورقية من بريمر الى علاوي، وستكون مفتتحا لتناول تخريب العراق على يد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID

(الإعمار الآخر- هربرت دوسينا

بعد نقل (السيادة) ، فمن بين الذين سيتخلفون في العراق – الى جانب 160 الف جندي- كتيبة من المقاولين الاهليين يحاولون بناء هياكل اقتصادية وسياسية تخدم مصلحة امريكا وشركاتها العابرة للقارات حتى بعد أن ينتهي الاحتلال. ومهمتهم ضمان حصول الولايات المتحدة على اهدافها التي شنت من اجلها الحرب. وربما يكون تأثير هؤلاء على مستقبل العراق اكثر اهمية من شركات بكتل وهاليبرتون.

اختيار وتدريب خدام الأمريكان

أوكل الجيش الأمريكي والوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID – من خلال الشركة الخاصة (معهد مثلث البحث) RTI – إقامة مجالس المدن في انحاء العراق منذ انتهاء المعارك الرئيسية في العراق. وكانت مهمة المعهد هو اختيار الاشخاص الصالحين لهذه المجالس. اي ان حكومة العراق يختارها مقاول امريكي.

كان يمكن للولايات المتحدة ان تبقي على الاحتلال المباشر الى مالانهاية من خلال حكومة كولونيالية تختارها هي . ولكن هذا على المدى البعيد غير عملي وغير مقبول محليا في العراق ودوليا. ولهذا ومن اجل ضمان المصالح التي مات جنودها بسببها، تحاول الولايات المتحدة ان تلجأ الى شيء اكثر خبثا وتعقيدا: وهو محاولة انشاء مؤسسات قانونية واقتصادية وسياسية واجتماعية حسب مواصفاتها من اجل ضمان استمرار مصالحها حتى بعد انهاء الاحتلال. وفي نفس الوقت تخلق طبقة من العراقيين تجندهم للدفع باتجاه تنفيذ السياسات المطابقة لمصالحها في المستقبل من داخل الدولة والمجتمع المدني العراقي.

يمول جهود مؤسسة RTI ومثيلاتها من قبل الوكالة الامريكية للتنمية الدولية وكذلك مؤسسة المنحة القومية للديمقراطية NED ووزارة الخارجية باعتبارها مساعدة خارجية وتقر الوكالة الامريكية للتنمية الدولية "ان كل المساعدات سياسية . وتستمر اداة للسياسة الخارجية في العقود القادمة . وهدفها : تقوية مصالح السياسة الخارجية الامريكية من خلال توسيع الديمقراطية والاسواق الحرة وفي نفس الوقت تحسين حياة مواطني العالم النامي"

نوع الديمقراطية
تقوم هذه المؤسسات الخاصة بعمل شامل منتظم من اجل تغيير المجتمع، وتبقى حتى بعد ان يغادر صانعو السياسات مثل بريمر 
كانت من بين اوائل المقاولين الذين وصلوا بعد الغزو ، وقد انطلق موظفو الشركة يجوبون البلاد بحثا عما يسمى في عقدها مع الوكالة الامريكية للتنمية الدولية (اكثر القادة شرعية وصلاحية" واضافة الى اقامة مجالس محلية فإن الشركة تخلق وتمول وتدعم عشرات من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي تنبثق في كل مكان. وتفسير الحكومة الامريكية لكلمة (شرعي) واضح من عملية اختيار اعضاء تلك المجالس وكذلك اختيار نوع المنظمات التي يمكن تمويلها ويمكن العمل معها لضمان المصالح الامريكية. ويقول كرستيان ارانديل ويعمل في RTI (دعونا نكون واضحين . ان هذه ليست انتخابات وانما عمليات انتقاء) وحتى لو حصل انتخاب فإن النتائج والقول الاخير يكون للجيش الامريكي حسب نصيحة الشركة وليس للعراقيين. يمكن للجيش ان يطرد اي شخص (غير شرعي) مثل البعثيين والارهابيين ، وهي ذرائع لطرد من يعارض الاحتلال او من لايتفق مع معايير الجيش الأمريكي. في مجلس مدينة بغداد، كانت شركة RTI تعلّم اعضاء المجلس كيف يطردون (الارهابيين) من خلال (الديمقراطية) بالتصويت على طردهم.

وقبل عملية الانتقاء التي قامت بها الشركة ، عملت سلطة الاحتلال المؤقتة على حل كل المجالس التي شكلها العراقيون بأنفسهم بعد الحرب بدون تدخل الشركة كما حدث في مدينة الثورة مثلا . وقال بريمر عن ذلك (لا اعتراض لدي على الانتخابات ولكن اريدها ان تكون بالطريقة التي تعالج اهتماماتنا. في وضع كهذا ، اذا عقدنا الانتخابات فإن الناس المعارضين هم الذين سوف يفوزون) ، وموظف آخر في سلطة الاحتلال قال حين سئل لماذا لا تجرى انتخابات في القريب العاجل ( ليس ثمة وقت كاف للمعتدلين لترتيب الانتخابات).

وحسب الخطة ، فإن مهمة RTI هي التأكد من ان القادة (الشرعيين) وليس الرافضين او المعارضين او المتطرفين – هم الذين يفوزون. مهمتها جزء من هدف اوسع لبناء قاعدة من العراقيين الذين يدافعون عن الاحتلال – او على الاقل يقبلون به خانعين. وذلك من اجل الاطاحة بالقواعد الاخرى المعارضة او غير المتعاونة مع الاحتلال وخططه. ويقول توماس كاروثرز مدير مشروع الديمقراطية في (منحة كارنيجي للسلام الدولي) "وراء الاهتمام الجديد للولايات المتحدة لجلب الديمقراطية الى الشرق الاوسط، المعضلة الحرجة وهي ان اكثر الحركات قوة وشعبية هي التي لا نرتاح لها"

ومن اجل حل هذه المعضلة، تحاول الولايات المتحدة بناء حركتها الخاصة – التي سوف تشعر معها بالراحة حتى لو كان "جعل الاحتلال اكثر قبولا بوضع العراقيين في الواجهة والامريكان في الخلفية " كما اقترح توماس فريدمان في نيويورك تايمز.

اذن تبحث الولايات المتحدة من خلال مؤسسة RTI عن عراقيين تضعهم في الواجهة.

من هم الناس (الصح) ؟

تكمل عمل RTI منظمة المنحة القومية للديمقراطية NED وهي شبه حكومية . يقول رئيسها كارل غريشمان (هناك الكثير من التغيير يجري في الشرق الاوسط. ونحن نعرف كيف نصل الى الناس الصح)

والناس (الصح) هم دائما من (المعارضة) لحكومات وطنية مستقلة تنتهج سياسات لا تتوافق مع المصالح الأمريكية، كما في امثلة نيكاراغوا وهايتي وفنزويلا والعراق .

في العراق انهمكت مؤسسة منحة الديمقراطية في البحث عن (خدام المصالح الامريكية) لدعمهم ورعاية الاحزاب او المنظمات المنبثقة في هذا الاتجاه وذلك للتأثير على الانتخابات القادمة او حتى كتابة الدستور.

في بغداد، اعيد تأهيل وتصليح الكثير من المنازل لتكون مقرات للاحزاب السياسية الجديدة ومعظمها تم تأثيثها من قبل (منحة الديمقراطية ). ولكن المسألة ليست توزيع المال . فمنذ بدء الاحتلال، كانت المؤسسات الرديفة لمنحة الديمقراطية مثل (المعهد الجمهوري الدولي IRI) و(المعهد الديمقراطي الوطني NDI) يجوبون العراق ليقيموا ورشات عمل وندوات وحوارات لتنمية الاحزاب السياسية . ومثل برنامج (تطوير الاحزاب السياسية) التي ترعاه الوكالة الامريكية للتنمية الديمقراطية ، فهم يدربون العراقيين على اساليب التخطيط الستراتيجي وبناء هياكل الحزب المحلية والاقليمية وتجنيد الاعضاء وجمع الاموال والعلاقات بوسائل الاعلام. وعلى مستوى اعلى : ستراتيجيات الانتخاب والتخطيط للحملات الانتخابية وتجنيد المرشحين.

كانت مؤسسة NDI تعقد جلسات لتقييم نقاط قوة الاحزاب وضعفها وتقييم احتماليات مشاركتها في الانتخابات.

أما IRI فقد انشأت قاعدة بيانات للاحزاب ومعلومات عن سمات كل جماعة ، ومناطقهم وعملياتهم ، وتقدير اعضائهم. على الاقل احد الاحزاب واسمه (الحزب الجمهوري الحر) اعلن على انه النسخة العراقية من (الحزب الجمهوري الامريكي).

(تعليق عشتاري: بالمناسبة ، كان احد القراء قد بعث لي يطلب مني ان انظر في نشاطات IRI وماتفعله في العراق باسم الديمقراطية، وقد أجلت البحث عن هذا الاسم مؤقتا، ولكن للصدفة حين ترجمت هذه المقالة ظهرت فيها IRI ، وأعد القاريء الكريم أن انظر فيها بالتفصيل في المقالة القادمة )

في هذه الاثناء خصصت الحكومة الامريكية تمويلا لقنوات NED المعروفة وهي : اتحاد العمل الامريكي ومؤتمر المنظمات الصناعية وغرفة التجارة الامريكية – من اجل اقامة روابط لاصحاب العمل واتحادات مهنية في العراق. ومن الواضح اي نوع من النقابات او الاتحادات تريد الولايات المتحدة في العراق واي دور يوكل لها (للخدمة كمنبر لمجتمع الاعمال لايصال صوت مصالح الشركات الى صانعي القرار السياسيين. وبهذا تساهم اتحادات العمل في نمو المجتمع المدني وتطوير الانظمة والسياسات الخاصة بالقطاع الخاص)- تقرير غرفة التجارة الامريكية .

واحدى المؤسسات التي يمولونها هي (غرفة التجارة والصناعة العراقية الامريكية ) المكرسة (لتشجيع اقامة اقتصاد السوق الحرة ونظام سياسي ديمقراطي).

حسن السير والسلوك
في هذه الاثناء تجلس الواجهات العراقية مثل أعضاء مجالس المدن ، بدون عمل في مكاتبهم التي اثثتها مؤسسة RTI ولكنهم يقدمون اكبر خدمة للاحتلال. فهم يجادلون المنتقدين للاحتلال وينقلون سياسات سلطة الاحتلال للمجتمعات التي يمثلونها ويوجهون الطاقات السياسية باتجاه افعال لاتهدد المصالح الأمريكية.

ان هذه الواجهات العراقية دربت واخضعت لتنفيذ السياسات التي تخدم المصالح الامريكية في المستقبل. انهم القادة (الشرعيون) الذين لم يصنعهم الشعب وانما امريكا.

ومن اجل هذا انهمكت سلطة الاحتلال من خلال شركاتها ومقاوليها في اقامة حملة ضخمة في انحاء البلاد لعقد مئات المؤتمرات والندوات والورش لتعليم العراقيين (الديمقراطية) . يحضر هذه اعضاء المجالس المحلية ورؤساء المنظمات غير الحكومية واقيمت (مراكز الديمقراطية العشائرية) لاستيعاب شيوخ العشائر وحتى الطلبة في المدارس الابتدائية والثانوية كانوا يتلقون دروسا في (الديمقراطية) كل صباح بعد رفع العلم. اما في الشمال ، وفي اربيل فقد كانت الجرعة اعلى واكبر فقد اقيمت ما يسمى (عيادات التنمية الاقتصادية) يحضرها اعضاء الحكومة والمجتمع المدني والاعلام ومجتمع الاعمال ، لتشخيص (الدور المحتمل لاربيل في اقتصاد العولمة).

ومن بين اهم الدروس التي يتعلمها العراقيون في هذه الورش هي ان (الديمقراطية) التي تفرضها عليهم امريكا مميزة. وليس من قبيل المصادفة ان لاري دياموند احد المنظرين لهذا النوع من الديمقراطية ومدير مشارك في NED وكبير مستشاري سلطة الاحتلال ، قال لجمهور المستمعين بان عنصر اساسي في (الديمقراطية) هو (اقتصاد السوق) . وان من اول اساسيات الحقوق هو (حق التملك) . وهذه النظرة تؤكدها وتشجعها الوكالة الامريكية للتنمية الدولية .

هذا النوع من الديمقراطية ، لا تكون المساواة الاجتماعية هدفا فيها ، وانما على العكس يكون التفاوت والظلم ضرورة في الواقع. ويوضح صامويل هتنغتون هذه النظرية بقوله (ليس من المفيد تعريف الديمقراطية بأنها تهدف الى اشياء مثل الرفاهية والعدالة الاجتماعية والمساواة الاقتصادية ، لأن الديمقراطية السياسية تتماشى مع اللامساواة في الثروة والدخل، وفي بعض الحالات ، قد تعتمد على مثل هذه اللامساواة ).

هذه هي نوع الديمقراطية التي يتعلمها العراقيون في العراق الجديد والتي يجب عليهم ان يتوقعونها.

(تعليق عشتاري: وقد سبق ان قلت لكم ان الديمقراطية نظام اقتصادي وانها لا تأتي الا والخصخصة والظلم الاجتماعي معها. في كل الديمقراطيات هناك تفاوت كبير بين الغني والفقير لأنها ترفع – من خلال الخصخصة – دعم الدولة للفقراء في القضايا الاساسية مثل التعليم والصحة والإسكان)

افضل الاساليب

تقول شركة RTI في وصف نفسها (لانقدم انفسنا على ان لدينا نصيحة نقدمها لك او أن نقول هذه افضل الطرق لعمل هذا . لدينا خبرات في الكثير من البلدان في نفس مجال العمل ونحن نحاول ان نقول "من خبرتنا ، هذه هي افضل الاساليب"

ماهي افضل الاساليب التي يروجون لها ؟

في وسط وشرق اوربا استخدمت الشركة (علاج الصدمة) لدول الكتلة السوفيتية السابقة، وهي تنقل الحكومات المحلية الى اقتصاديات السوق الحرة. في روسيا واوكرانيا وكازاخستان وقرغستان ساهمت في خصخصة اكثر من 150 الف شركة حكومية. في اوكرانيا ، اقامت الشركة مكاتب اقليمية لنشر (افضل الاساليب) وطور (مستشاروها) سياسة تحديد اسعار الخدمات المحلية. في رومانيا ، حيث تفخر الشركة بانها ضمنت تنفيذ قانون مالي جديد، خلقت الشركة رابطة لموظفي مجالس المحافظات المدنيين ودفعتهم الى الضغط من اجل تشريع وطني جديد للحكومات المحلية بتعليمهم (افضل الاساليب) . في بلغاريا دفعت باتجاه خصخصة التعليم وهكذا سوف يدرس كل طالب ما يتفق مع وضعه المالي وليس مايتفق مع ميوله او ذكائه. في بولندة خصخصت وكالة للتعمير والاسكان في احدى المدن .

في اندونيسيا دربت الشركة الموظفين على (اعادة هيكلة مرافق المياه المحلية لتصبح اكثر جنيا للارباح). في باكستان، خصخصت التعليم بطلب من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية. في جنوب افريقيا ، ساهمت الشركة في كتابة تعديلات على الدستور الذي وقعه الرئيس ثابو مبيكي في 2001، جعلت بامكان مجالس المحافظات اقراض الجمهور. وفي حين ان هذه مرافق حكومية وحدة الاقراض كانت تحت ادارة الشركة. في تونس قدمت الشركة النصح لخصخصة مرافق الصرف الصحي.

خبرة الشركة هي مع الحكومات المحلية (المحافظات ) وبمساعدة منظمات المجتمع المدني في تلك المقاطعات ، في خصخصة شؤونها الحيوية عن طريق البنك الدولي. (رهن العراق قطعة قطعة ومحافظة محافظة في البنك الدولي) . الشركة مستعدة لكل شيء لتسهيل ذلك : كتابة مسودات قوانين ، تدريب ، المساعدة في بيع القطاع العام ، اقامة ندوات وورش تقنية والمساعدة في الدعاية والاعلان والعلاقات العامة .

تخريب الإقتصاد

في حين ان عمل RTI كان البحث في الشارع العراقي عن قادة (شرعيين) لاعدادهم للمستقبل. كان عمل شركة بيرنغ بوينت Bearing Points من داخل مكاتب وزارة المالية والبنك المركزي ، لاقامة البنى التحتية الاقتصادية، كما يرسمها المحتل. والدرس الذي تعلمته الوكالة الامريكية للتنمية الدولية هو هذا : اذا عرقل السياسيون واتحادات العمال ، الاصلاح (يقصد بالاصلاح دائما خدمة المصالح الامريكية ) ، فإن الحل هو في ابقاء الوزارات الرئيسية مثل المالية والبنك المركزي معزولة. في اول ظهور علني لوزير المالية كمال الجيلاني الذي عينه الامريكان بعد الاحتلال، كان للكشف عن اكثر قوانين الاستثمار خدمة للمستثمر في العالم وكما كتبها بريمر . فالقانون 39 يعطي المستثمر الاجنبي نفس حقوق العراقي في استغلال السوق المحلية العراقية ويمنحه حق اخراج كل ارباحه من العراق. وقد اطلقت مجلة ايكونومست على هذا القانون (حلم الرأسمالي) .

عقد شركة بيرنغ بوينت مفصل ففيه جداول توقيت ومراحل يجب الوصول اليها ولايترك اي شك فيما تريد الولايات المتحدة ان تفعله. فالعقد ينص بوقاحة على أنه (على الحكومة الجديدة ان تفتح تجارتها ومفاصل استثماراتها وتقيم مؤسسات تشجع الديمقراطية والمشاريع الحرة والاعتماد على القطاع الخاص الذي تحركه السوق الحرة كآلية لنقاهة ونمو الاقتصاد" مما لا يدع للحكومة (العراقية) اي خيار لما تريده او لا تريده.

وبتوجيه التعليمات للشركة في التنسيق مع وزارة المالية الامريكية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومانحين اخرين ، على ان تضمن الشركة بان تتفق سياسات الاستثمار العراقية مع السياسة التي وضعتها سلطة الاحتلال ومع متطلبات منظمة التجارة الدولية ومؤسسات مالية متعددة الجنسيات اخرى. وبمساعدة شركة بيرنغ بوينت وشركة KPMGوهي واحدة من اكبر خمس شركات محاسبة، منح العراق وضع (مراقب) في منظمة التجارة الدولية . وهو اول بلد غير مستقل يدخل المنظمة. وقد قامت شركة بيرنغ بوينت بحذف شرط وجود ممثل من اتحادات العمل في قانون البنك المركزي وقانون الشركات الذي وضعته سلطة الاحتلال وكأن بيرنغ بوينت تمثل برلمان العراق في تعديلاتها القوانين.

وفي برنامج الخصخصة الضخم الذي تتولاه شركة بيرنغ بوينت ، يطلب منها العقد مايلي (اذا كان هناك حاجة لتغييرات في التشريع ، فإن على الشركة ان تساعد في الاصلاح التشريعي خصوصا للسماح بخصخصة الصناعات والشركات المملوكة للدولة و/او اقامة وحدة خصخصة جديدة) اي ان الشركة لن تقرر اي شركة تباع فقط وانما تحدد اسعارها وتقيم نظام سوق ثانوية لاعادة بيع تلك الشركات. وفي هذه السوق الثانوية سيكون التربح الاكيد، لأن الشركات التي سوف تباع لصالح الشعب العراقي بأرخص الاثمان سوف يعاد بيعها من قبل المشتري بأثمان اكبر.

تخريب التعليم

تقوم خطة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية الشاملة لاعادة بناء العراق ، على تحويل نظام التعليم الى السوق الحرة ايضا من قبل شركة اخرى هي Creative Associates. ومهامها هو (التنسيق) مع وكالات اخرى للاشراف على انتاج الكتب وتدريب المدرسين والقرطاسية ومن بين اهدافها المدرجة في العقد الأول البالغ 62 مليون دولار (تشجيع خصخصة التعليم).

وفي حين ان بيرنغ بوينت كان تكتب اللوائح والقوانين للعراق ، فإن هذه الشركة تعمل مثل شرطة الافكار في تقرير مايجب ان يدرسه طلاب العراق وما لايدرسه. اي تشكيل عقول الاجيال القادمة واعادة كتابة التاريخ – وينص العقد بوضوح على ان (محتوى كل مواد التدريس تخضع لمراجعة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية قبل طبعها).

وفي تقييم مواد التعليم سوف تطبق الوكالة الامريكية فلسفتها الخاصة. وطبقا لتقريرها ، يجب ان تلتزم السياسات التعليمية بالتحول الحاصل في اسواق العولمة من العمل الرخيص الى الصناعات الكبرى. ولهذا ينصح مدير الوكالة اندرو ناتسيوس بأن (على الانظمة التعليمية في الدول النامية ان توسع منظورها – ويجب ان تقدم المساعدة الامريكية الخارجية دعما اكبر للتعليم الثانوي بما يخدم سياسة السوق). اي ان يخضع التعليم لمتطلبات السوق.

وتتجشم الوكالة الامريكية كل المصاعب لاقناع العراقيين بان كل هذه الاجراءات هي لصالحهم لانها تضمن ان ينجح العراق الجديد في اقتصاد العولمة. وتقول الوكالة ان النجاح في هذا يفيد المصالح الامريكية (فهو يخلق اسواقا جديدة للبضائع والخدمات الامريكية . وهي تخلق بيئات اكثر أمنا للاستثمار الامريكي).

هنا تنتهي مقتطفات المقالة التي ترجمتها لكم . وحتى نفهم تماما كيف تم تخريب المجتمع والاقتصاد والتعليم على يد الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID وتحويل العراق الى سوق كبير يباع فيه كل شيء من البشر الى الحجر، انتظروني في المقالات القادمة لنتعرف على هذه الشركات او المؤسسات الثلاثة التي ساهمت في خرابنا ونتعرف على شخصياتها، مثلا مديرة شركة Creative Associates المسؤولة عن تشكيل عقول اطفالنا واجيالنا القادمة كانت تعمل مع السي آي أي في تعليم فرق الموت في أمريكا اللاتينية. وماخفي كان أعظم، أيها النائمون في العسل.

وأقول لقرائي.. لا يكفي ان تقرأوا وتمضوا . شاركوا في فضح منظمات المجتمع المدني والأحزاب التي أقامتها ومولتها شركة RTI . وعمليات شركة Bearing Points وكذلك شركة Creative Associates . افضحوا الشركات العراقية والعربية التي تعمل من الباطن مع هذه الشركات.

هناك تعليقان (2):

  1. شكرا جزيلا على هذا الجهد الرائع الذي يشكف أن العراق قد دخل الطور المدني من الاحتلال التي تتوارى فيه الدبابة ويختفي فيه اللون الخاكي من الشوارع ولكن تستمر فيه أجندة الاحتلال التي أتى من أجلها بأيدي "الوطنيين" وتحت قبة "البرلمان" وفي ظل "الديمقراطية"

    ردحذف
  2. عشتورة .......
    طمنيني ..اشلون ماشيه الامور وياچ لي هسة....؟
    ترى انت والله دتوجعين گلوب قرائچ .. بليٌه ما اتعرفين ....!
    أعتقد صار لازم تنصحين بآخر كل مقال من مقالاتچ بنوع حبوب ضد ( ورم الگلب) للقراء.....والا ما راح تلاگين احد يقرالچ !!


    عراق

    ردحذف