"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

23‏/12‏/2008

أقضي يومي في حفرتي

كانت هذه المقالة بداية الحديث عن فقه الحفر والسراديب والغار. وتعرفون ان العدو يستخدم كلمة (الحفرة) كلما أراد أن يلقمنا بحجر، وهي اسطورة اخرى من الأساطير. وبهذه المقالة اؤكد لهم ان اسطورة (الحفرة) حتى لو كانت حقيقة ، فهي ليست عيبا، فليس صدام حسين افضل من الرسول محمد ومن معه.
بقلم : عشتار العراقية 
عاتبني بعض الأصدقاء لاختفائي منذ يومين من شوارع "كتابات". وها إني اعترف لكم أني قد أطلت المكوث في حفرتي تحت الأرض هذه المرة . أم هل أقول لجأت الى (الغار) تيمنا بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم حين اختبأ مع صاحبه ابو بكر رضي الله عنه في حفرة بجبل ثور بعيدا عن أعين المشركين الذين كانوا يتآمرون على حياته؟ 
ليس المسألة ان هناك من يطلب دمي والحمد لله، ولكن لاتنسوا ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتيه الوحي أيضا في حفرة حراء (كانوا يمسونها قديما الغار). يعني في الحفرة سبع فوائد.
في معجم لسان العرب "الغار هو الجحرالذي يأوي اليه الوحشي . وكلمة غور من القعر اي المنهبط في الأرض ، كما نقول غار الماء يعني تسرب تحت التراب. وفي التنزيل الحكيم يقول الله سبحانه وتعالى:
"إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا، ثاني أثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا"
وقصة حفرة رسول الله هي كالآتي :
"هاجر أبو بكر رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر للرسول صلى الله عليه وسلم ( مكانك يا رسول الله حتى أستبريء لك الغار ) فدخل فاستبرأه ، ثم تذكر انه لم يستبريء الجحر الذي فيه ، فقال ( مكانك يا رسول الله حتى أستبريء ) ، فدخـل فاستبرأ ، ثم قـال ( انزل يا رسـول الله) فنزل الرسول صلى اله عليه وسلم إلى الغار .
لاحظتم كلمة (الجحر) يعني حفرة ضيقة داخل الغار (حفرة داخل حفرة)، لاحظتم كلمة (انزل) ؟ انها تعني ان الغار او الحفرة في مكان تحت الأرض.
وركبت قريش في كل وجه يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم وأتوا على جبل ثور الذي فيه الغار، الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وطلعوا فوقه وسمع الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أصواتهم ، فأشفق أبو بكر وأقبل عليه الهم والخوف والحـزن ، وقال : ( يا رسول الله لو أن أحـدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه )
لاحظتم هذا القول "لو ان احدهم نظر تحت قدميه أبصرنا" يعني ياسادة ياكرام ان الحفرة تحت الارض التي يمشي فوقها الناس.
قـال النبي صلى الله عليه وسلم : (( يا أبا بكر ، ما ظنك بأثنين الله ثالثهما )) ، وفي هذا نزل قول الله تعالى [ إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ، ثاني أثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ]. وحمى الله نبيه في الغار من كل سوء، ولما أنقطع الطلب عنهما بعد ثلاث ليال من بقائهما في الغار انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر إلى المدينة عن طريق الساحـل .
ولكن السؤال الذي يحيرني هو : لماذا يختفي الرسول في الحفرة ولا يقاتل بشجاعة مطارديه من المشركين؟ مع انه كان يجب – طالما ان الله معه – ان يقف في وجه الأعداء الذين تكاثروا عليه؟
شيء غريب أليس كذلك ؟ والأغرب ان المسلمين الأوائل والمتأخرين يقبلون هذه القصة بدون اي نقاش او تشكيك في شجاعة النبي ولم يصفه احد – لاسمح الله - بالجبن ؟ هل لأنها مذكورة في القرآن الكريم دليلا على حكمة وحيطة وصبر وصلابة الرسول وصاحبه؟
المهم اني كنت في حفرتي في شارع "كتابات" ولو أن احدكم نظر تحت قدميه أبصرني.
والشيء بالشيء يذكر .. فإن (النزول تحت الأرض) going underground تعبير شاع منذ ايام المقاومة الفرنسية لوصف أي عمل سري منظم لمجموعة متفقة على مبادئ معينة وأهداف واحدة سواء كان العمل سياسيا أو كان عسكريا إذا تم التخطيط له وتنفيذ مخططاته في الخفاء. والمصطلح مقتبس من حقيقة ان المقاومين في فرنسا وغيرها من الدول الأوربية التي نشأت فيها مقاومة للاحتلال، كانوا يستترون في المجاري والسراديب تحت الأرض.
منظمة ايتا التي تطالب باستقلال اقليم الباسك منذ 1959 تعيش في الغابات والجبال في مغارات تسمى بلغتهم zulos والكلمة تعني حرفيا (الحفرة) .
وليش نروح بعيد ، في 11 ايلول 2001 عندما ارتطمت الطائرة الثانية في برجي نيويورك،أقتيد ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي الى سرداب تحت الأرض . اقرأوا الحكاية على لسانه الذي نشرته الصحف فيما بعد، وكان قد انهى لتوه محادثة بوش الذي كان في فلوريدا وتحدث مع مساعديه وفجأة اقتحم باب مكتبه رجال الخدمة السرية
" فجأة انبثق أمامي رجل الخدمة السرية وقال "ياسيدي علينا أن نغادر الآن" وأمسك بي وأخرجني عنوة من مكتبي الى الممر ثم الى ملجأ تحت الأرض في البيت الأبيض" ويسمى في لغة الادارة الأمريكية PEOC اختصارا لمركز عمليات طواريء الرئاسة.
وقد أصبح السرداب العميق تحت الأرض مثوى ديك تشيني طوال فترة طواريء الحدث.
تصوروا نائب رئيس أكبر دولة في العالم ، ينزل تحت الأرض دون أن يكون لديه جيوش كفار أجنبية تطارده، ولا قبائل مشركين حاملين سيوف الثأر.
ولكن الآن نعرف ان هذه عادة حميدة قديمة استنها رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم . واقتداءا به، حين أغيب عن أبصاركم في المرة القادمة ، فاعرفوا إني في حفرتي ، انتظر يومين او ثلاثة أيام حتى ينقطع الطلب عني أو حتى ينزل علي وحي الكتابة، فأصعد على وجه الأرض.
++
انظروا استطرادا للقصة : حفرة الامام المهدي وحفرة صدام حسين

هناك تعليق واحد:

  1. تحية طيبة سيدتي ربطك للأحداث ذكي وواقعي لاكن المشكله هو جهل اغلب العراقيين للحقائق التي على اساسها جاء الأحتلال اما بسبب قلة وعي وثقافه او تجهيل متعمد من قبل الألة الأعلامية الضخمه للأحتلالين الأمريكي والأيراني على حد سواء وغسيل الدماغ الذي يتعرض له المواطن العراقي من خلال فضائيات هذه الدول او الدائره في محور هاتين الدولتين كل يوم ولمدة 24 ساعه يوميآ كلآ حسب مصالحه الأستراتيجيه في بلاد الرافدين.البغدادي

    ردحذف