"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

14‏/12‏/2008

المقابر الجماعية: كيف رتبت شهادات الزور

بقلم: عشتار العراقية
مترجم الإحتلال ضيع حلقته ليوم الأمس بكلام يفضحه ويدينه . ألم يعلمك أحد ان كثرة الكلام توقع في الخطأ، وقد أخطأت كثيرا يا أجير عدوي، وإذا كانت قراءتك العربية مثل كتابتك لها، فلا عجب أنك لم تفهم مقالاتي جيدا وبنيت ردك على سوء فهم. وقد كان الشيء الوحيد الذي استفدته من مسلسلك رقم (3) هو مسألة ان مديرية أمن الرميثة تقع في السماوة. هذا هو الشيء الوحيد الذي تعرفه انت ولا أعرفه أنا. شكرا على هذه المعلومة لأنها ربما تجيب على سؤالي: لماذا نقل العشرون فردا من الرميثة الى السماوة ؟
أما حكاية ان العمل أجيرا لدى الإحتلال يساوي عمل الإمام علي كرم الله وجهه في حفر بئر ليهودي؟ فهذه المقارنة تعكس سوء نية تفوق سوء فهمك لمقالاتي. ربما أنت فهمت كلمتي (الإحتلال والغزاة) التي استخدمهما دائما على اني اقصد (الكفار) او من هم على أديان أخرى مثل المسيحيين واليهود ؟ كم انت غرّ ؟ هل ذكرت يوما في أي من مقالاتي نعت الغزاة الأمريكان بأديانهم ؟ وهكذا لو رجعت الى سيرة الإمام علي بما انك تستشهد به فسترى انه حارب الغزاة والأعداء في كل الحروب الإسلامية المبكرة : بدر وأحد والخندق وخيبر (ضد اليهود آنذاك والتي استبسل فيها استبسالا مشهودا) ومؤتة. وهو الذي يحض على الجهاد بقوله :

" أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَهُوَ لِباسُ التَّقْوَى، وَدِرْعُ اللهِ الحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ الوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ الذُّلِّ، وَشَمِلَهُ البَلاَءُ، وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالقَمَاءَةِ ، وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالاِْسْهَابِ ، وَأُدِيلَ الحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الجِهَادِ، وَسِيمَ الخَسْفَ ، وَمُنِعَ النَّصَفَ ."
وهو القائل في الحث على قتال الأعداء :

" أَلاَ وَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ هؤُلاَءِ القَوْمِ لَيْلاً وَنَهَاراً، وَسِرّاً وَإِعْلاَناً، وَقُلْتُ لَكُمُ: اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ، فَوَاللهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ في عُقْرِ دَارِهِمْ إِلاَّ ذَلُّوا، فَتَوَاكَلْتُمْ وَتَخَاذَلتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الغَارَاتُ ، وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الاَْوْطَانُ"

أما عمله لدى مواطن يهودي مسالم يعيش في نفس مدينته، فهذا لا يعيبه ، فهل تقصد ان عليا كان سيعمل أجيرا لدى يهودي محتل أغار على بيته واستباح اهله وعرضه ونهب ماله وشرد قومه؟

إذا كان هذا ظنك بالإمام علي ، فقد خسئت و ماتقصده هو الباطل والله ، والإمام علي نفسه يصف أمثالك بقوله :

"أَضْرَعَ اللهُ خُدُودَكُمْ ، وَأَتْعَسَ جُدُودَكُمْ ! لاَ تَعْرِفُونَ الْحَقَّ كَمَعْرِفَتِكُمُ الْبَاطِلَ،وَلاَ تُبْطِلُونَ الْبَاطِلَ كَإِبطَالِكُمُ الْحَقَّ!"

أما اعتماد بعض شهاداتك على السماع فهو مايصفه الإمام علي كرم الله وجهه بقوله :

" الْبَاطِلُ أَنْ تَقُولَ سَمِعْتُ، وَالْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْتُ!"

وأذكر القراء بأن معظم شهود محكمة الإحتلال كانوا قد (سمعوا) شهاداتهم عن أقاربهم ولم يعيشوا التجربة.
أما حجبتك في الاستدلال فهي مسألة غير علمية ، فإذا كان الناس يستطيعون الإستدلال على اصحاب القبور من مسابحهم وملابسهم ، لماذا يستعين الجيش الأمريكي بخبراء ويصرف على كل مقبرة 10 ملايين من الدولارات من اجل دراستها والاستدلال على وقائعها وشخوصها وهياكلها؟ ولماذا يصرف بوش 73 مليون جنيه على مكتب تنسيق جرائم النظام حين أنشأه من اجل جمع الأدلة في نيسان 2004 ؟ ولماذا في رواندا حيث قتل حوالي نصف مليون انسان لم يتم التعرف الا على 17 واحد تعرف عليهم أهليهم ؟ هل البقية كانوا بلا أهل او كانوا عراة لا يحملون أوراقا ثبوتية او مسابح؟ وفي البوسنة ، كان المفقودون 30 ألف وبعد 8 سنوات من عمل عشرات الخبراء طوال الوقت ونبش حوالي 15 ألف جثة ، لم يتم التعرف الا على 30% منها بواسطة فحص الدي ان اي، وليس عن طريق الملابس والمسابح! وانظر الفترة التي استغرق فيها فحص جثث هؤلاء وهؤلاء لأن المحاكم (يوغسلافية ورواندا) كانت دولية واشترك فيها علماء ومحققون من 20 دولة وليس لمدة بضعة أشهر ومن قبل (الجيش الأمريكي وأجرائه فقط) كما فعلوا في العراق لرغبتهم في ايجاد اية أدلة وإجراء أية محاكمة والانتقام قبل ان ينهي بوش ولايته الأولى و الثانية لأغراض الدعاية الانتخابية.
**
خرافة المقابر الجماعية : كيف تم تزوير شهادات الشهود؟
كما بينت سابقا في مسألة المقابر الجماعية في يوغسلافيا ورواندا، من الصعب إثبات الإدانة بتهمة الإبادة لسببين: أولهما صعوبة التعرف على الضحايا، وثانيهما صعوبة إثبات صلة مباشرة بين (المتهم) المطلوب إدانته والجريمة.
ماذا تفعل إذن محكمة احتلال في هذه الحالة؟ لابد من (تكييف) أوضاع المقابر المكتشفة وتلفيق الأدلة وشهادات شهود أحياء وتقديم مقاطع من أفلام من مناسبات مجهولة يقول فيها (المتهم) : راح اقتل راح اقطع راح ادفن . ثانيا محاولة ايجاد مستندات رسمية تثبت ان مجموعة من الناس أخذت من مكان الى مكان معين بقصد القتل والإخفاء. وهذا صعب لأن اية جهة رسمية حتى لو كان غرضها إبادة الناس فليس من الممكن تدوين ذلك في مستندات واضحة في متناول الايدي، ربما تكون باستخدام شفرة (جفرة) او يطلب إتلافها بعد قراءتها. الطريقة الأسهل ان تهيء شهودا حقيقيين او زور ثم ترتب شهاداتهم بما يتناسب ما اكتشفه الخبير في القبر الجماعي. من تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الذي اشرت اليه في مقالاتي السابقة كأحد مصادري نجد هذه السطور الفاضحة للطريقة التي عمل بها المحققون في جميع (أدلة) جرائم ضد الانسانية في العراق: 

"يستطيع التنقيب العدلي وفحوصات مابعد الموت ان تستثمر شهادات الشهود والأدلة الوثائقية لتقرير ماإذا كان هؤلاء الضحايا مدنيين وكيف ماتوا واذا كان المتهم في منصب عسكري كبير او مسؤولا مدنيا كبيرا بالتوضيح ان هناك طبيعة منهجية على نطاق واسع في هذه الجرائم مما يعزز ان التخطيط لها تم من قبل جهات عليا. في هذه الحالات لا يستلزم من المحققين إثبات كل جريمة على حدة او كل مجزرة على حدة ولكن يحتاجون الى تأكيد نمط القتل والدمار الموجه ضد مدنيين . إذا كانت التهم تتعلق بجرائم إبادة وجرائم ضد الانسانية فيجب على الخبراء البحث عن نمط للقتل: هل يتبع الضحايا عرقا معينا او جماعة دينية ؟ ماهي طريقة التخلص من الضحايا؟ هل الطرق متشابهة في مختلف مواقع الإعدام؟ هل بذل جهودا لتغطية آثارهم؟. ثم يركز التحقيق العدلي على تأكيد (التعرف التصنيفي) للأموات كضحايا عرق أو دين او جنس وسبب وطريقة الموت"

أي ان غرض هذا التحقيق ليس احقاق الحقائق لأهالي الموتى وكشف هوياتهم ليتم دفنهم بطريقة لائقة ، وإنما الغرض هو البحث عن أدلة جرمية لتقديم (متهمين) الى المحكمة . ولهذا من بين كل قبر اكتشفه خبراء الجيش الأمريكي تمت دراسة حالة او حالتين فقط ، مع الاعتماد على شهادات عدد كبير من الشهود الزور والكذابين والمشوشين في ذاكرتهم لإسناد أقوال الخبراء. كان الغرض من المحكمة هو الانتقام وليس معرفة الحقيقة.

في محكمة الأنفال رأينا الشهود يتفقون جميعا على شيء واحد :

1. الكل يعطي المحكمة قائمة مطبوعة بأسماء (المؤنفلين) من عائلته ومن بقية القرية، مع انه من المفروض جاء يطالب بالحق الشخصي وليس عن الأخرين. من طبع هذه القائمة ومن وزعها عليهم؟ ولكن هل هؤلاء المؤنفلين هم الموجودون في المقابر بالضرورة ؟ كلا طبعا ، لأنهم سجلوا فيها (كل المفقودين) . اي المحقق يسأل الشخص من هؤلاء من لديك مفقود؟ سيقول ابي وعمي وخالي وابن الجيران الخ . فيسجل ان هؤلاء من سكان المقابر. في حين قد يكون العم والخال قد هرب الى ايران ثم الى اوربا وعاش عيشة سعيدة . أو قد يكون قد تم نقله الى جنوب العراق وعاش هناك كما سيتضح من ظهور واحدة كردية حية بعد ان ذكر اسمها في قوائم القتلى وسوف اذكر لكم تفاصيلها فيما بعد!! وكما كانت الكويت تقدم قائمة بأسرى لدى العراقيين ثم يتضح ان اسما يعيش صاحبه في بغداد وآخر يظهر في الهند، وهكذا .

2. كانت قصة إبادتهم التي يذكرونها واحدة في إطارها العام : الهجوم على القرى – الاحتجاز – الاخفاء – اخذونا الى الصحراء – قبور محفورة جاهزة. وكانت البلدوزرات تنتظر حتى توارينا التراب (مما يفيد شرط جهد الإخفاء)

3. أكد الشهود جميعا ان ماحدث لهم كان بسبب (انهم أكراد) وليس بسبب حملهم السلاح بوجه الحكومة المركزية .

(بالمناسبة للاطلاع على مقاومتهم للسلطات والحكومات المركزية المتعاقبة، اقرأوا مذكرات الانصار والبيشمركة المتباهية بالنضال ضد العراق بتمويل وتسليح ايراني ودول اخرى في رابط مثل هذا :

http://al-nnas.com/THEKRIAT/1jsf38.htm

التي يحكي فيه توما توماس وهو (قائد ميداني من الانصار) نضالاته العسكرية منذ الثمانينات ومنها هذا المقطع ( في يوم 1/آذار/1991 انطلقت الانتفاضة من السليمانية حينما تحركت الجماهير الثائرة الى مراكز الشرطة واستولت عليها. لقد ثارت السليمانية بأكملها، وترك ازلام النظام مقراتهم واوكارهم ليختبئوا في مقر فرع البعث الذي حاصرته الجماهير. وبسبب الانهيارات في الجيش ومغادرة الجنود لمعسكراتهم وتوجههم الى اهاليهم في المحافظات الجنوبية، لم يبادر أي شخص الى مساعدة ازلام النظام و فك الحصار عنهم. و تمكنت الجماهير في نهاية الأمر من اقتحام مقر فرع حزب البعث وقتل من فيه دون ان ينجو احد. وقدر عدد القتلى بنحو 700 شخصاً، وبذلك اكتملت السيطرة على مدينة السليمانية)
في أي مقبرة جماعية دفن هؤلاء ال 700 ؟ وهل حسبوا على مقابر النظام (البائد) ؟
في محكمة الاحتلال كان المدعي العام يؤكد بعد كل شهادة على (بعد المقابر عن المناطق السكنية) فيشير الى خارطة تبين مكان المقبرة عن القرى المعنية . كما كان خبير المقابر الأمريكي مايكل تريمبل يؤكد على "دفنوهم على عمق لئلا يجدهم احد" في حين كان رئيسه جريج كيهو يتباهى أمام الصحافة كما أشرت في سابقا، بأن الرياح هي التي كشفت هذه المقبرة . فكيف تكون على عمق كبير وتكشفها رياح ؟
يمكن تصنيف الشهود في جميع جلسات الأنفال الى:
1. الكذابون : شهود لم يكونوا أصلا من الموجودين ضمن الأحداث وانما جيء بهم من أمريكا او ايران او ألمانيا للشهادة الكاذبة . ومنهم علي محمود (الجلسة السابعة) ووصف نفسه بأنه كادر متقدم في حزب جلال طالباني الذي شهد بأن القوات التي شاركت في قصف قريته كانت اللواء الاول من الحرس الجمهوري ، وحين طلب منه وصف ملابسهم لم يستطع وقال (مختلف). ومنهم شاهد آخر قال ان من اعتقلهم في معسكر احتجاز كانوا من الحرس الخاص. وحين طلب منه وصف زيهم قال "اقصد كان حرسا خاصا لحراستنا" ومنهم عمر عثمان (الجلسة السادسة) وهو مقاتل من البشمركة وقد وصف القصف الكيماوي على قريته وقال انه نجا لأنه (انكفأ على وجهه) أما من لم يفعل فقد (تقطع الى أشلاء ) وكانوا يتحدثون عن غاز الخردل !! وشاهدة (جلسة 13) من اللي ماشافوش حاجة كانت تؤكد انه في سجن نقرة السلمان كان يتم حجز الشابات مع الشبان في قاعة واحدة . ولم يقل احد غيرها بذلك .
2. ومثل (محمود رسول مصطفى) (الجلسة 11) قال ان زوجته و5 أطفال توفوا في 22/3/1988 وهو يوم القصف المزعوم ثم قال انه بعد القصف اخذ زوجته واطفاله وتنقلوا بين عدة قرى ولكنهم اعتقلوا يوم 14/4 وانه فصل عن عائلته . أظهر شهادة وفاة زوجته وطفل واحد في 22/3، فسبحان من احيى عائلته عدة مرات. ومشتكية في (الجلسة 15) قالت في افادة التحقيق ان زوجها البيشمركة ذهب ليقاتل في الشهر الثاني من عام 1988 وتوفي في 2/3/1988 يعني بعد شهر، وعادت في المحكمة لتقول انه مات او اختفى بعد اعتقالهم في الشهر الرابع 1988 كما ذكرت ان لها ابنا مات في الطريق ثم مات مرة اخرى في معسكر دبس ثم مات في نقرة السلمان، فسبحان من يحي ويميت عدة مرات. طبعا شهادتها امام قاضي التحقيق لا تنفع في المحكمة، لأن جريمة (الابادة) يجب ان تكون ضد أناس مدنيين وليس بيشمركة محاربين لهذا اصبح زوجها مدنيا معتقلا مؤنفلا في شهادتها امام المحكمة !! وعبد الله محمد (الجلسة 7) الذي قال في افادته امام قاضي التحقيق انه هرب بعد مهاجمة قريته من قبل الجيش العراقي لأنه بيشمركة وذهب الى ايران وبقي حتى عام 1991 حيث عاد. في المحكمة قال انه سلم نفسه بعد العفو وجندوه في الجيش حيث بقي حتى 1991 وحين نوقش في المحكمة حول سبب خدمته الطويلة في الجيش (1988 – 1991) حيث ان الاكراد يخدمون لمدة 3 أشهر فقط قال لأن الحرب مع ايران كانت طويلة . مع أن تجنيده كان بعد انتهاء الحرب في 1988. فهل تؤخذ شهادة كذاب؟ وهل كان هذا مجرد نسيان ؟ شاهد قال ان زوجته واطفاله الستة انفلوا ولكن ليس لديه اثبات عنهم حيث لم يكن قد سجل زواجه وولاداتهم ولكنه قال انه عاد وتزوج في 1991 وأنجب نفس العدد من الأبناء وسماهم بنفس الأسماء !!! ياسبحان الله يعني نفس عدد جنس الأولاد والبنات ؟ قدرة الله كبيرة ، أليس كذلك ؟
2- السامعون : الشهود الذين يروون عن أقاربهم ولم يشهدوا التجربة بأنفسهم، بل سمعوها من الجدة او العم او الاخ، وهكذا، وكان يجب الأ تأخذ المحكمة بأقوالهم ولكن كما فعلت في محاكمة (الدجيل) اعتبرت أقوال السماع من ضمن أدلة الإثبات. وطبعا هؤلاء كانت شهاداتهم ملقنة بالحرف بشكل واضح.
3. المتناقضون: وهم الذين يقولون شيئا يناقض غيرهم من الشهود الى حد ابطال شهادات بعضهم البعض ومن أمثلة هذا التناقض :
* اخرجنا الجيش من القرى (المحظورة) كان بالضرب والركل وركوب لوريات عسكرية (الاخراج القسري من القرى يفيد معنى الأبادة)– اخرجنا الجيش بهدوء وطلبوا اخذ مانحتاجه والتوجه الى مجمعات سكنية بنيت لنا وذهبنا مع أغراضنا بأنفسنا بساحباتنا الزراعية (ساحبات اجرها بعضهم او تبرع لهم بالتوصيل)
* نهبت الحكومة كل مانملك ولم تعوضنا– عوضتنا الحكومة بقطغة ارض لنبني عليها .
* قريتنا لم يكن فيها افراد بيشمركة – قريتنا كان فيها بيشمركة وكنا نساعدهم بالطعام والقتال الى جانبهم (الحديث هنا عن القرية ذاتها).
* كانت قريتنا محظورة أمنيا ولكننا لم نرغب في مغادرتها- قريتنا لم تكن محظورة امنيا (الحديث عن نفس القرية).
* اخذونا الى سجن ولم يكن هناك طعام ومات كثيرون من الجوع – بل وزعوا علينا الطعام
* عند الإحتجاز اخذوا اموالنا وممتلكاتنا وهوياتنا وساعاتنا – كنا نشتري الطعام بالأموال التي لدينا . (الحديث عن نفس السجن او المعسكر)
* لم تكن هناك رعاية صحية في المعسكرات – اخذوا ابني وانا معه الى المستشفى وظل الضابط يتنقل بنا بين المستشفيات حتى تم علاجنا.
* ضربونا بالكيماوي وكان لون دخانه احمر – لون دخانه اصفر – لون دخانه ابيض – لون دخانه اسود !!
* ماتت المواشي التي نملكها بالغاز الكيماوي – بعد ضربنا بالكيماوي جاءت القوات ونهبت المواشي (الحديث عن نفس القرية) .
* مات منا ناس كثيرون بغاز الخردل – لم يمت منا احد بغاز الخردل.
* مازلت بعد كل هذه السنين اعالج من آثار غاز الخردل – الأعراض زالت بعد اربعة ايام .
* كل الذين هاجمونا عرب من الجيش العراقي – هاجمنا افواج الدفاع الوطني الاكراد.
* بعد أن صدر العفو سلمنا انفسنا وسلاحنا واقتادونا الى التجنيد ثم عدنا الى قرانا (مثل قصة الذي غير شهادته اعلاه) – من سلم نفسه لم يرجع .
* الرجال انفلوهم (اختفوا) – كان معنا في نقرة السلمان الرجال والشباب.
* الجيش كان لايفرق بين مدنيين ومسلحين في هجماته على القرى – كان الجيش يبحث عن الأسلحة والهاربين والبيشمركة .
* هدموا قرانا ونهبوا حيواناتنا – رجعنا بعد هدم القرية ورأينا الحيوانات تحوم حولنا وقد عرفتنا.
* في نقرة السلمان كان يموت منا في اليوم 30 واحد – كان يموت 3 في اليوم
* من يموت نأخذه وندفنه بملابسه في مقبرة خارج السجن نحفرها بأيدينا – كان الجنود ياخذون من يموت ويحفرون قبره بالجرافات (في وصف مقبرة واحدة في السماوة) .
كانت القصص تشوبها حكايات خيالية واضحة :
1. الكلب الاسود الذي يأكل جثث الموتى في محافظة المثنى وقد ذكره العديد من الشهود . تفيد القصة في تفسير اختفاء الجثث وهي دليل جرمي.
2. النجاة بأعجوبة بعد الدفن وقد رواها اكثر من تيمور واحد. تفيد في تأكيد الدفن في مقبرة معينة واستخدام البلدوزرات.
3. بيع 18 فتاة كردية الى الملاهي المصرية . تفيد عنصر الإبادة والجرائم ضد الانسانية، التي من شروطها ايضا : اجبار النساء من عرق او قومية او طائفة معينة على البغاء، ومن هنا جاءت قصة بيع فتيات كرديات للملاهي المصرية!! وقد نفت الحكومة المصرية هذه الشائعة.
4. قصة حاويتين للماء في سجن نقرة السلمان واحدة مسمومة واخرى فيها ماء عادي. تفيد معنى الإبادة والرد على من يقول كيف كان يموت في اليوم الواحد 30 شخص؟ ولتفسير الموت بدون اطلاقات رصاص.
5. قصة ذهاب الشاهد عبد الله محمد للقاء الرئيس صدام حسين ليسأل عن عائلته التي انفلت فسأله صدام عن اسم قريته وحين علم طرده وهو يقول "اسكت ولا تتكلم لقد ذهبوا في عملية الأنفال". القصة تفيد معنى تسلسل القيادة في جريمة إبادة.

الذاكرة الخائنة
في البحوث العلمية والمعملية على قدرات الذاكرة ، يمكن الاستنتاج ان التفاصيل الثانوية هي التي تجعل الرواية اكثر اقناعا ومصداقية لأن التفاصيل الاساسية للواقعة يمكن استقاؤها من مصادر تاريخية او يمكن تلقينها ، اما التفاصيل الثانوية المحيطة في الحدث (الشيطان في التفاصيل) فهو الذي يوقع بالشاهد الكاذب. ولكن البحوث العلمية تقول ايضا ان هذه التفاصيل قد تختلف في سردها لدى نفس الشخص الذي تعرض لكارثة ما ، مما لا يمكن ان نعتبرها تلفيقا دائما. ونلاحظ اننا حين نتذكر وقائع حادثة مرت بنا ، قد نتذكرها كل مرة بتفاصيل مختلفة قليلا . وهو ما كتبه لي أيضا احد القراء باللغة الانجليزية أمس قائلا " ان ورود عدة نسخ لنفس القصة لا يشكل دليلا كافيا على انها لم تحدث، وفي الواقع ان بعض الخبراء يقولون انه اذا تشابهت النسخ لنفس القصة فهذا يعني انها مختلقة".
هذا صحيح ولكن إذا رجعت الى مؤشرات تناقضهم تجدونها في التفاصيل الاساسية وليس دائما في التفاصيل الثانوية. هل يمكن ان ينسى الانسان اذا كان ابنه مات في الطريق او السجن ؟ الموت في الطريق له ظروف تختلف عن الموت في حيز سجن، مما لايمكن ان يخلط المرء بينهما . هل ينسى اذا كانت مواشيه وهي مصدر رزقه نهبت او ماتت بالكيماوي ؟ وهل ينسى اذا كان من هاجمه يتحدث الكردية او العربية ؟ اما التواريخ الثانوية مثل التواريخ والاسماء وعدد السيارات وكمية النقود ، فهذه تفاصيل ثانوية ويمكن ان تختلف من رواية الى اخرى حسب الحالة النفسية للشاهد في وقتها او ظروف الحادثة او تقادم الزمن ، ولكن العجيب في هؤلاء انهم كانوا يتفقون في التفاصيل الثانوية الى حد التطابق ويختلفون في التفاصيل الأساسية. مثل ظهور 5 ناجين آخرين قصتهم تتماثل مع قصة تيمور التي كتبت عنها أمس، ولكن في التفاصيل الثانوية الى حد الخرافة.

وهذا موضوع المقالة القادمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق